بقلم : علي المطاعني
في الوقت الذي تعمل فيه الجهات المختصة على تعزيز ريادة الأعمال والنهوض بها بكل السبل عبر تنظيمها وجعلها متواكبة مع التطورات التجارية لتبقى جزء لايتجزء من المنظومة التجارية في البلاد، يحاول البعض خلط الأوراق كيفما يشاء، ويرغب أن تكون الامور أكثر عشوائية بدون تنظيم يرتقي بالأعمال المنزلية إلى ما نصبو اليه في تنمية وتعزيز الإقتصاد الوطني عبر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والنهوض بحياة اجتماعية أفضل لمئات آلاف من الأسر الراغبة في امتهان الأعمال المنزلية بدون تكاليف تشغيلية مرهقة.
ولعل قرار وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار رقم (473/2022) ، بإصدار لائحة تراخيص للأعمال المنزلية واحد من القرارات التي أثير حولها الكثير من اللغط في الساحة المحلية، كحق اريد به باطل للأسف، وتلفيق تهم باطلة واشاعة جوانب ليس لها علاقة بما صدر، وكأن هؤلاء أحرص من الدولة على أبناءها، في حين أنه حديث فارغ يراد به الشهرة الشعبوية لا أكثر، وإثارة الإحباطات في الحياة العامة، الأمر الذي يبعث على الدهشة والأستغراب لهذا التعاطي غير المسؤول من جانب من يحاولون الاصطياد في المياه العكرة لا أكثر والتصيد للقرارات الدولة الهادفة إلى الارتقاء بالمجتمع إلى ما نطمح إليه.
فبلاشك أن هذا القرار الخاص بترخيص الأعمال المنزلية ليس جديدا وإنما صدر منذ أكثر من عشرة سنوات، تحديدا في عام 2011م، وكان الهدف منه تمكين المواطنين من الأعمال المنزلية وإضفاء الشرعية والرسمية لها وتعزيز الثقة بها من جانب المجتمع بترخيصها، وإيجاد الآليات المناسبة التي تساعد بها الحكومة أصحاب تلك الأعمال والتوسع فيها لكي تكون مصدرا للدخل لكثير من الأسر، والترويج لمنتجات العائلات التي تمتهن هذه الأعمال باستخدام التقنيات الحديثة، والعمل على إيجاد منصات تسويقية تروج للمنتجات، فضلا عن حماية المجتمع من بعض الممارسات الخاطئة والتقاضي في حالات الأضرار الصحية والمادية. ومعرفة حقوق المشتري والبائع كأقل الالتزامات التي يتطلب أن توفرها الجهات المعنية بهذا الشان .
فنجد اليوم 30 نشاطا يمكن أن تمارس من المنازل، الهدف منها حماية الأسر المنزلية من المنافسة غير المتكافئة من العمالة الوافدة التي بدأت تزاحم المواطنين في أعمال بسيطة وتعمل عائلاتها في أعمال يمكن أن تكون حصرا على المواطنين، وهو ما قد يشجع الكثير من رواد الأعمال والأسرعلى ممارسة الأعمال المنزلية. كما ان هناك اكثر من 9 الاف ترخيص ممارسة أعمال من المنازل للأنشطة المنزلية لم يشتكي منهم احد من اجراءات او تنظيم بقدر ما استفادوا من التسهيلات التي تقدمها الجهات المعنية، في المقابل يجب أن نسال أنفسنا كيف لها أن تقدم دعما أو تسهيلات لأعمال غير مرخصة وأنشطة غير مسجلة وغير معروفة، فالتنظيم التي تعمل عليه تلك الجهات المسؤولة قد يرفع من أعداد الأنشطة المنزلية الى الضعف، ومن خلاله يمكن أن تعزز الجهات المختصة من التسهيلات والمزايا بما يمكن اصحابها تطويرها .
وللموظفين في سلطنة عمان، مطلق الحرية في الجمع بين الوظيفة العامة وممارسة الانشطة التجارية على اختلافها، لم تقنن حتى الان على أعلى المستويات في الدولة، فهل يعقل أن تقنن على مستوى الأعمال المنزلية، يجب على تلك المفارقات والمغالطات أن تتوقف، فلماذا نثير مثل تلك الامور في حين أننا ندرك جيدا أن ليس هناك موانع في الجمع بين الوظيفة العامة وممارسة الانشطة التجارية على أختلافها .
فإصدار لائحة تعمل على تنظيم الاعمال المنزلية ليس «سيفا في رقاب رواد الاعمال» أو العائلات التي تعمل من منازلها الى أن يتم تأجيج الحملة ضد القرار بدون وعي لانعكاسات مثل هذه الغوغائية التي أصبحت ظاهرة تحتاج الى المزيد من التنظيم والمتابعة الهادفة الى تقنين مثل هذه الممارسات ـ كما أشرت سابقا في إحدى المقالات.
بالطبع التوجهات الراهنة في البلاد جميعها ترغب في تعزيز ريادة الأعمال وتطويرها الى مستويات أفضل تخدم أصحابها، ولعل الجهود المبذولة في تعزيز القيمة المضافة المحلية وأصدار الاطر والتشريعيات المشجعة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والمزايا والتسهيلات التي تمنحها الجهات الحكومية على اختلافها كلها تأتي في هذا الاطار، لايجب هضم هذه الجهود وإنكارها لمجرد طلب تنظيم الذي يحمي الجميع ، ويمكن البعض من ريادة العمل في البلاد. وستبقى التحديات في ممارسة الاعمال أمام روادها والصعوبات سوف تذلل بين فترة وأخرى وهذا منهاج الحياة ليست جميع الطرق مفروشة بالورد، ولا يمكن ان نتطور اذا لم تكون لدينا النية الصادقة في العمل والجدية في مواصلة الدرب .
نأمل أن نتفهم قبل كل شيء الدواعي لمثل هذه التنظيمات وإبداء حسن النوايا في التوجهات و عدم التصيد في المياه العكرة التي تسئء الى الجهود المبولة وتعكر صفو المجتمع الناهض للاعتماد على ذاته عبر الاعمال الذاتية التي هي عنوان المرحلة القادمة ، حيث ترفع الدولة وتيرة الاهتمام بها الى مستويات أعلى بطرق الطرق التي تستوعب الباحثين عن عمل في البلاد.