بقلم: تشن جيانهان، الرئيس التنفيذي لشركة هواوي في عُمان
تُولي حكومة سلطنة عمان اهتمامًا كبيرًا ببرنامج التحوّل الرقمي كونه داعم أساسي للقطاعات الاستراتيجية والحيوية بالسلطنة وما له من أثر في رفد الاقتصاد الوطني بعوائد كبيرة، إلى جانب كونه من مُتطلبات العصر الحديث لتسهيل العمليات والإجراءات للمُستفيدين في كافة المجالات. ويعتبر التحول الرقمي أحد الضروريات لكافة المؤسسات الحكومية والخاصة التي تؤمن بأهمية التطوير والتحسين المستمر لوظائفها الإدارية وخدماتها التي تقدمها وتسهيل وصولها للمستفيدين بشكل أسرع.
ويتمثل التحول الرقمي بتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات داخل المؤسسات والهيئات سواء الحكومية أو القطاع الخاص بهدف تطوير الأداء المؤسسي والخدمات وتحسين الكفاءة التشغيلية وزيادة الفعالية والإنتاجية مما يخدم سير العمل داخل المؤسسة في كافة أقسامها وأيضاً في تعاملها مع العملاء والجمهور لتحسين الخدمات وتسهيل الحصول عليها مما يضمن توفير الوقت والجهد في آن واحد.
استهلت عمان رحلتها الطموحة لإحداث تحول نوعي نحو بناء مجتمع عُمان المعرفي المستدام من خلال "الاستراتيجية الوطنية لمجتمع عُمان الرقمي والحكومة الإلكترونية"، التي حددت خطط وآليات العمل لتحقيق هذا الهدف، وإنطلاقاً من هذه الاستراتيجية ولدت مبادرة عُمان الرقمية، التي تشتمل على إنشاء بنية أساسية متكاملة لتوفير الخدمات الحكومية الإلكترونية المتميزة للمواطنين وقطاع الأعمال في السلطنة، وبناء صناعات تعتمد على المعرفة، وتوفير فرص عمل واسعة ومتنوعة للمواطنين.
وتستهدف استراتيجية عُمان الرقمية 2030 توفير الأسس المتينة للمستقبل الرقمي في عُمان، وتعتمد على أربع مقومات أساسية تشمل بناء مجتمع رقمي شامل وتنمية المهارات والقدرات الرقمية وتحقيق التحول الرقمي في المؤسسات الحكومية وتعزيز الاعتماد على التقنيات الرقمية.
مع تسارع وتيرة الرقمنة في عمان، سيزداد الاعتماد على التقنيات الرقمية في المستقبل، لا سيما مايسمى بتقنيات "الثورة الصناعية الرابعة" والتي تشمل الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء وتعلم الآلة والتعامل مع البيانات الضخمة وشبكات اتصالات الجيل الخامس التي تمتاز بالسرعة وقدرات الحوسبة السحابية.
لا يمكن تنفيذ استراتيجية التنمية الرقمية بمعزل عن بقية المقومات الأساسية مثل المعايير والامتثال التي يتم مسايرتها من خلال وضع القوانين والأنظمة التي تراعي الالتزام بالمعايير والمواصفات المعتمدة دولياً، بما في ذلك تلك الخاصة بالأمن السيبراني الذي يتوجب اعتماد خطة خاصة به تشتمل على توفير خدمات المراقبة الاستباقية وأنظمة الاستقراء والتحليل والإنذار المبكر لمواجهة الهجمات الإلكترونية المحتملة.
وتشمل أهداف رؤية عُمان الرقمية إلى توفير البنية التحتية الرقمية المتماسكة بما فيها المدن الذكية والشبكات فائقة السرعة والسعة. وتعتبر القوة العاملة التي تتمتع بالمهارة والقدرة على استخدام التقنيات الحديثة من المقومات الأساسية الضامنة لتنفيذ استراتيجية التحول الرقمي بما يتماشى مع رؤية البلاد وطموحات الشعب العماني. ولذلك، يجب الاهتمام بشكل خاص بمحور إعداد وتنمية المواهب التقنية وصقل خبراتها لتكون مساهماً فاعلاً في ترجمة أهداف الرؤى الوطنية والخطط التنموية الطموحة لواقع ملموس.
يتمتع الشباب العمانيون بالقدرات اللازمة لدفع عجلة التحول الرقمي ضمن مختلف القطاعات، لا سيما وأن 100% من سكان عُمان يمتلكون الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر ويتوفر لهم الوصول إلى الإنترنت في المنزل وتصلهم خدمات الشبكات المتطورة التي سعت حرصت السلطنة لنشر أحدثها متمثلة بشبكات الجيل الخامس..
لكن الجيل الجديد من قادة التكنولوجيا يحتاجون بالتأكيد إلى مزيد من مبادرات وبرامج المعرفة والتدريب على استخدام التقنيات الحديثة. ومن هذا المنطلق، تحرص هواوي على بناء جسور التعاون المنفتح مع القطاعين العام والخاص وتنظم العديد من المبادرات التي تستهدف تحفيز الشباب للانخراط بعالم التكنولوجيا الحديثة ورفع مستوى الوعي لديهم بميزات قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وتسعى مع شركائها لتنمية مهارات الشباب الموهوبين بما من خلال أكاديميات هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات وبرامج ومسابقات أخرى متخصصة كبرنامج بذور من أجل المستقبل ومسابقة تقنية المعلومات والاتصالات ومسابقة الابتكار ومنافسات بناء التطبيقات وغيرها من البرامج التي يتم تنظيمها سنوياً. وتتعاون هواوي مع مع المؤسسات الحكومية والجامعات وكافة الأطراف الفاعلة في القطاع الخاص والمؤسات المعنية بتنمية المواهب الرقمية للمساهمة لتكون السلطنة على أهبة الاستعداد لتلبية مختلف المتطلبات المستقبلية المرتبطة بخلق فرص تنمية الأعمال والخدمات ضمن مختلف القطاعات.
تتعاون أكاديميات هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات في عُمان مع المعلمين والمؤسسات المحلية على تمكين الطلاب وتوفير فرص العمل لهم من خلال رفدهم بالمعرفة والخبرة العملية اللازمة للاعتماد على التقنيات الحديثة. وتوفر هواوي الشهادات المعتمدة في القطاع التقني، مما يتيح للجيل القادم من مواهب تقنية المعلومات والاتصالات دخول سوق العمل بالإضافة إلى تنمية مهاراتهم التقنية من أجل تعزيز حياتهم المهنية وأداء دورهم على صعيد المساهمة في ازدهار مستقبل البلاد.
وتعتبر الشراكة الاستراتيجية التي تمتد على مدار العديد من الأعوام وتجمع بين شركة "عمانتل" للاتصالات وهواوي، مثالاً حياً على التعاون وتضافر الجهود المؤسستان لتوفير أدوات التدريب اللازمة كمركز التدريب الإقليمي لتقنية المعلومات والاتصالات في السلطنة، ويهدف لإتاحة فرص التدريب على التقنيات الحديثة و الذي يأمل منها المساهمة في تحقيق رؤية البلاد وعلى رأسها بناء اقتصاد مستدام قائم على المعرفة.
ساهمت هواوي في تدريب أكثر من 10.000 شاب عماني على مدار العقدين الماضيين، وبذلت الشركة جهوداً كبيرة منذ تأسيسها في عُمان في عام 2003 لضمان مشاركة علومها وخبراتها مع الشركاء العمانيين من خلال شراكات استراتيجية مع مختلف اللاعبين الفاعلين في مسيرة تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات الذي يشهد ازدهاراً كبيراً.
وتسهم المسابقات الإقليمية والعالمية التي تنظمها هواوي في تشجيع الشباب العمانيين على التخصص في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وتشهد مسابقة هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات في الشرق الأوسط مشاركة العديد من الطلاب الجامعيين العمانيين - والذين وصل عددهم إلى 5000 مشارك - بدءاً من عام 2017 وحققوا نتائج متقدمة في المسابقة. وفي عام 2021 شارك ثلاثة طلاب موهوبين من عُمان في النهائيات الإقليميةونالوا جائزة الأداء المميز .كما حققت الجامعة الوطنية جائزة الأكاديمية المميزة، فيما حقق الأستاذ عماد سعود النعيمي جائزة المدرب المميز.
وضعت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات خطة للمساهمة في تعزيز أداء المؤسسات وتنمية القدرات الابتكارية للشباب وتوفير التدريب على التقنيات الحديثة لهم. ومن خلال التعاون مع شركة هواوي في عُمان، أطلقت الوزارة البرامج التدريبية لتعزيز دور الشباب وقادة القطاع التقني في دفع عجلة التطور التقني وتنمية المهارات التقنية والقدرات الابتكارية لتحقيق التنمية الاقتصادية وتنفيذ الحكومة الرقمية.
تلتزم هواوي بتعزيز القدرات التقنية وتنمية مهارات الشباب الموهوبين وتوفير فرص العمل لهم وتمكينهم من المنافسة في سوق تقنية المعلومات والاتصالات الذي يشهد منافسة كبيرة. وتنظم برنامج بذور من أجل المستقبل في العديد من الجامعات العُمانية، حيث يتم اختيار الطلاب الموهوبين وتوفير فرص التدريب على التقنيات الأساسية لهم ومنحهم فرصة التعرف على عمليات الشركة في جميع أنحاء العالم. كما يسهم البرنامج في توفير المعرفة اللازمة لاستخدام التقنيات الحديثة والتدريب على التجهيزات وتنمية المهارات الإدارية من خلال توفير الفرصة للشباب الموهوبين لزيارة المعارض التي تنظمها الشركة والاطلاع على التجارب الرقمية في مقراتها ومراكز البحث والتطوير والمختبرات في مقرها الرئيسي في الصين على مدار أسبوعين.
تماشيا مع “رؤية عُمان 2040” وضعت تقنية المعلومات والاتصالات كأحد القطاعات الممكنة والمحفزة للقطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية، مضيفا أن الحكومة اعتمدت البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي الذي يمثل التوجه الاستراتيجي لبناء اقتصاد رقمي مزدهر يسهم بفاعلية في الناتج المحلي الإجمالي، ويعتبر استكمالا لاستراتيجيات الرقمنة في سلطنة عُمان ويسعى إلى تعزيز مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي ليقفز من 2 بالمائة في عام 2022 ليصل إلى 10 بالمائة بحلول عام 2040. وتمتلك عُمان كافة المقومات الأساسية لتنفيذ الاستراتيجية الرقمية، ولكن يقع على عاتق القطاع الخاص مسؤولية كبيرة تتمثل بدعم جهود القطاع العام لمساهمة في تحقيق طموحات التحول الرقمي الوطنية. وعندما نوفر للشباب العمانيين قنوات فعالة لاكتساب المعرفة التقنية وصقل المهارات وتعزيز الخبرات اللازمة لإنشاء جيل تقني قيادي، سيتمكن الشباب المؤهل من قيادة زمام مستقبل الرقمنة بإدارة التقنيات الحديثة وصيانتها وتطويرها. وتلتزم هواوي بالمساهمة في دفع عجلة التطور التقني في السلطنة ابتداء من إعداد الكوادر الوطنية وتمكينها بالاعتماد على خبراتها العالمية والشراكات الاستراتيجية والمبادرات والبرامج التدريبية. وكلنا أمل أن تسهم جهودنا في رفد منظومة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في السلطنة.