بقلم : سالم المعمري
تعتبر الموارد البشرية عنصراً أساسياً من عناصر الانتاج والتي تشمل بالاضافة الى الموارد المالية والارض وجميع هذه العناصر تسهم في التنمية وتنشط الاقتصاد واذا ما ستغلت الاستغلال الامثل فإنها سوف تحقق الازدهار والتنمية لأجل ذلك تسعى الدول الى تنمية وتطوير هذه الموارد واي نقص في واحدة منها يؤدي الى تباطؤ في التنمية وسوف نوضح في هذا المقال بعض الامثلة التي تبين اهمية العنصر البشري وهو الحاكم في هذه العناصر الثلاثة .
لا يعتبر العنصر البشري عبئاً على الدولة اذا ما تم استغلاله وتنميته بشكل صحيح لكي يكون فاعلا ومنتجا ، ويظن البعض بأنه كلما كان عدد السكان قليلا كان ذلك أفضل الا انه العكس هو الصحيح في عالم الاقتصاد ونضرب هنا مثالا بالهند والصين اللتين تشكلان حوالي خمس سكان العالم والبالغ حاليا حوالي 8 بلايين نسمة وتتسابق هاتان الدولتين في تفوقها في عدد السكان فالصين تعتبر حتى الان هي اكبر دولة من حيث العدد وان كانت المؤشرات غير الرسمية تقول بان الهند قد تجاوزت البليون و 300 الف نسمة بينما الصين ظلت عند البليون . لقد لوحظ خلال الفترة الاخيرة ارتفاع تكلفة العمالة في الصين بسبب تراجع عدد السكان وقد بدأت بعض الشركات التفكير في نقل عملياتها من هناك الى الهند بسبب توفر العمالة وبتكلفة اقل ، وبدأت الصين تنتبه الى ذلك وقامت بتقليل القيود التي كانت تفرضها على المواطنين الراغبين في الانجاب لكي لا يقل عدد السكان ، المثال الاخر هو اليابان والتي تعاني من عدم توفر العمال بسب ان اغلب المواطنين اعمارهم كبيرة ومن المتوقع ان يتراجع سكانها وهذا سوف يؤثر على تكلفة الانتاج. من الامور التي تؤكد اهمية العنصر البشري في النشاط الاقتصادي وحركة السوق هو عند إقامة اي مشروع ولو بسيط في بلد ما عدد سكانه كبير فإنه ينجح ويلقى قبولا لان الطلب عليه يكون كبيراً، فمثلا لو قرر احد الاشخاص اقامة محل صغير( كشك) على قارعة الطريق فإنه سوف ينجح ويحقق ارباحاً جيدة ، اتذكر قبل حوالي شهر كنت في مدينة حيدر أباد بالهند والتي يصل عدد سكانها ثمانية ملايين نسمة كنا نمر على اكشاك صغيرة بعض منها تبيع منتجات استهلاكية بسيطة وفواكه وعصائر ونلاحظ تكدس الزبائن وتهافتهم على الشراء. سكنا في فندق بحيدر أباد في احدى الاحياء السكنية المكتضة بالسكان وكان على الممر الضيق امام الفندق كشك صغير يبيع الشاي والقهوة وبعض السلع البسيطة جدا يفتح يوميا من الساعه السابعة صباحا الى العاشرة ليلا وعندما اطل على النافذة لم الحظ يوما من الأيام أن ذلك المحل فاضي بل على العكس طوابير من البشر تنتظر دورها لشراء ما تحتاجه وقس على ذلك جميع المحلات الصغيرة على نفس هذا الشارع وغيره. الكثير من الناس يتساءل لماذا لاتقام عندنا مشاريع سياحية كبيرة مثل الحدائق المائية وحدائق الحيوانات ومدن الملاهي ، ولماذا لم تنجح العديد من المشاريع السياحية الكبيرة التي اقيمت في السابق طبعا الجواب هو بسبب عدم وجود قوة شرائية كبيرة بالاضافة الى انخفاض الطلب ،فإقامة أي مشروع سياحي او غيره لابد ان يسبقه دراسة جدوى فنية واقتصادية تتضمن دراسة السوق ، والمستثمر غير مستعد ان يصرف ملايين الريالات على مشروع سياحي ثم يخسر فيه سبب عدم وجود الزبون ، من هنا ينبغي اولا عدم النظر الى العنصر البشري على انه عبء على الدولة وعلى المجتمع ، ثم ينبغي ان نشجع السياحة واستقطاب افواج ومجموعات سياحية من خارج السلطنة على مدار العام وسبق وان كتبنا مقالاً بعنوان السياحة عرض وطلب بيّنا فيه اهمية ضمان وجود سياحة دائمة ومنتظمة.