حكايات.. سواحيلية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٤/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٠٩ ص
حكايات.. سواحيلية

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

في الصباحات ألمّ بي فرح ما تبقى من بقايا مطر تناثر على الدروب أستعيده قطرات يعرفها بر الزنج حيث لا حاجة لاخضرارها أن يسقى سوى بالمطر.
يأخذنا الشيخ عبدالله البحري أمين عام جمعية الاستقامة الزنجبارية إلى مشاريع وأفكار وطموحات تعمل عليها الجمعية لنشر العلم ومساعدة الفقراء.. يأخذنا إلى بيوت العمانيين الذين صمدوا في وجه التهجير ومحاولات تفريغ زنجبار من العنصر العربي.. خاصة العماني على وجه التحديد.
حدثنا الوالد حميد المعدي عن مغادرته قريته في بسيا بولاية بهلا عام 1948 معايشاً ما حدث عام 1964 من مجازر رهيبة. يقول إن القتلة جاؤوا من البر التنزاني، يشيرون إلى تنزانيا على أنها البر.. حيث البحر يحيط بهم من كل الاتجاهات.. حكى مع التمر والقهوة ذكريات عبرت عقودا من السنين والعمر.
مررنا بمنزل الشيخ مسعود الريامي ومجموعة من منازله التي صودرت في فترة الانقلاب ثم عاد لشراء ما أمكنه منها.. الأبواب والنوافذ والجدران تكاد تنطق بما مر على الأمكنة من أحداث.
وعبرنا المنزل الذي أقام فيه الشيخ محمد المنذري مدة 18 عاما.. وبجواره المسجد.. هو القاضي وممثل السلطان برغش.. اعتزل في منزله كل تلك السنوات بعد تعيين الإنجليز للسلطان حمود حيث يرى أن السيد خالد بن برغش أحق بالحكم، واعتبر أنها أصبحت أرض نصارى..
عبرنا المسافة إلى بيت بيبي خولة بنت السيد حمود بن أحمد بن سيف البوسعيدي، حفيدة السيد سعيد بن سلطان، وفق ما سمعنا، وكانت أشجار المانجو تصطف على جانبي الشارع كما أمرت بزرع 250 شجرة، فيما يستعيد معهد الاستقامة هذا الملمح التاريخي بغرس مثلها على المساحات المخصصة له.
ودخلنا مسجد المحرمي.. أول مسجد أقيمت فيه صلاة الجمعة في شرق افريقيا منتصف الثمانينيات وشكل انطلاقة جمعية الاستقامة، من نافذته في الطابق الثاني كانت الكنيسة تطل.. كانت أرضاً لمن بنى المسجد لكن للتاريخ تحولاته وللوقائع.. أحوالها..
التقينا بشاب كيني أسلم وبقي يتلقى دروساً في مساره الجديد الذي اختاره وقد فعل شاب مثله قبل سنوات ما فعل ليدخل الإسلام على يديه عدد كبير بينهم والداه.
عبرنا الحارة الهندية بأسواقها حيث تحفز الحكومة على توسيع حضورهم بمواجهة الحضور الإسلامي لسكان المدينة الأصليين وأغلبهم مسلمون.
وعبرنا كنوز الأمس بعبرات كعابر بين زوايا الأندلس، كانت المدينة تضم سكة للحديد عام 1925 وفي بيت العجائب رأينا المصعد..
في مرحلة الاهمال تحول بيت العجائب إلى مخزن للإسمنت وكذلك بيت الساحل أنقذهما بروفيسور هندي مسلم قضى حياته في زنجبار فبدأ مشواره الصعب ليستعيد البيتان رونقهما.. ولو قليلا.
من الفرضاني إلى بيوت رفعت الراية السلطانية فتهاوت مع تهاوي مجد.. كنا نعبر، من شرفة من البيتين تطل على زرقة المياه كأنما رأيت سعيد بن سلطان يراقب أطلال مجده.. لولا أن تلك النخلة كانت كافية لتعيدني إلى عتمة تحيط بي رغم كل الضوء.. كان السلطان يرقد في قبره بجوار سلاطين آخرين وكانت النخلة تشمخ بالحياة.. وفي المعنى ألف معنى.