حمال الأسية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٤/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٠٨ ص
حمال الأسية

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

عن نفسي.. أعتبر أغنية "حمال الأسية" لفايزة أحمد أغنية وطنية بامتياز.. فهي حال أغلب الشعوب العربية مع حكوماتها.. فالمواطنون منسيون في السلم، والأفراح، والطفرات الاقتصادية وعند وجود فوائض في الميزانية أو عند استلام منح وقروض دولية.. وإذا ما ولّت ساعات الرفاه وجنّت ساعات العسرة تذكرت الحكومات هذا المواطن المعتّر ولجأت إليه، وذكرته بقيم التضحية والوطنية والقومية، وعززت لديه المشاعر الدينية والمذهبية والإيدلوجية.. وطلبت منه "الصبر" و"شد الحزام" و"فتح الجيب".. فإن لم يأت كل ذلك بنفع وقطاف.. صنعت له أعداء وقامت بتفجير هنا أو عمل إرهابي هناك.. أو سخنت الساحة بمساجلات لا مكان لها من الإعراب وأججت الخوف من قضايا لا ترقى لذلك، وكل هذا كي يعود المواطن الضال إلى حضن حكومته الآمن الدافئ ويصعد سفينة النجاة المتمثلة بسياساتها "الحكيمة"..
ولأن المواطن العربي "رهيف القلب" وساذج أحيانا.. يتمسك بتلابيب الحبيب الغدار.. ويعود معه حيث البدء..
تقول المرحومة:
حمال الأسية.. ظالمينك حبايبي
وبتنسى الأسية.. طول عمرك يا قلبي
بينسوك الحبايب.. ولو طال الغياب
تروح تسأل عليهم.. ولا يردوش جواب
ولك فى الحب دقة عارفها كل باب
أقولك دول فاتونا.. فاتونا.. تقولي دا كلام
وأقولك نهجر.. قولي لا.. لا.. لا حرام
بقى موش حرام عليهم.. عذابك في الغرام
واحنا اللى حرام علينا.. لو نطلب يوم خصام
وبذكر الخصام، علينا أن نذكر كيف تتعامل الحكومات العربية مع من يشير لأخطائها ويجافيها ويذكرها بما تقترفه في حق رعاياها.. فالمعارض في مجتمعاتنا مارق وملعون ليوم الدين وهو واحد من اثنين لا ثالث لهما: إما عميل لدول عدوه، أو صاحب فكر ضال يتآمر على الشعوب الهانئة، وهو بلا مواربة إنسان منحل أخلاقيا ودينيا. بالمناسبة، لا ندري لم تعزف الحكومات على هذه القيثارة بالذات كلما برز لها معارض، لتنفير المجتمع منه – ربما - والله والمستشارون أعلم..!
إجمالاً تقوم الحكومات في ساعات العسر لا سيما الحروب والهزات الاقتصادية بإعادة الشعوب لأحضانها والضرب بيد من حديد على العذال الذين يحولون دون هذا الاجتماع الرومانسي.. فتعود الشعوب وتنسى ليالي السهاد وتنهض بواجباتها في دعم الخطى والمشاريع الوطنية ومحاربة أعداء الوطن بالنفس والمال وأشياء أخرى..
فعاشت شعوب "الأسية" ولا عزاء "للعذال"..