نحو قانون ينظم الفرق التطوعية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٤/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٠٢ ص
نحو قانون ينظم الفرق التطوعية

علي بن راشد المطاعني

أثبتت الفرق التطوعية في السلطنة في الفترة الماضية اهمية دورها الاجتماعي، الذي اسهم في النهوض بادوراها في خدمة بعض الفئات في المجتمع، وعكس تواجدها الفاعل رغبة المجتمع العماني في التكافل، لما لا وهو مجتمع يتأصل فيه القيم الاسلامية العظيمة واهمها حب الخير للآخرين، وتخفيف الآلام عن الغير، لكن تنامي الفرق التطوعية في السنوات العشر الاخيرة في البلاد، واخذها مناحي اكثر مؤسساتية دفع الباحثة وضحى الفارسية إلى بحث هذا التطور الملحوظ في العمل التطوعي، وخصصت له رسالتها للماجستير، التي تعد الأولى من نوعها، كونها تختص في البحث المستفيض لواقع الفرق التطوعية، واتخذت من فريق الرحمة نموذجا، يعبر عن شريحة تفوق الـ 77 فريقا اهليا ، تؤدي دورا متميزا في خدمة المعوزين، وبعض الفئات المجتمعية التي تحتاج لمن يرعى شؤونها، لكنها كأي عمل بشري لدية العديد من السلبيات التي ابرزها التنظيم ،الذي يخرجها عن أهدافها احيانا، و يختلط الحابل بالنابل فيها و تحيد عن طريقها، وكما لوحظ فإن البعض يقودها بحسن نية او سوء نية إلى الطريق الخطأ، كما ان هناك من يستغل اوضاعها في طلب مد يد العون لأمور أخرى الكل يعيها، لذا ندعو المشرع الى السعي الدؤوب الى تنظيمها وفق أطر و تشريعيات، تفرق بين التنظيم والتقييد، ، فالافعال الخيرية لا يمكن نختلف عليها، لكن بدون أطر طبيعي ان تنزلق إلى إلى مهاوى.
ان هذه الفرق رديفة للجمعيات الخيرية التطوعية التي تقوم بأعمال جليلة في خدمة المجتمع العماني كغيره من المجتمعات، وهي احد مكاسب العصر لحديث كونها مظهر صحيا للتكافل، و تؤدي دورا مميزا في السلطنة، أخذت طريقها في العديد من المجالات، وهي تخدم العديد من الفئات هم في أمس الحاجة إلى المساندة، وتقدم أعمالا خيرية متنوعة.
فاليوم لدينا أكثر من (25) جمعية تطوعية و خيرية تقدم خدماتها في البلاد تحت مظلة وزارة التنمية الاجتماعية التي تشرف عليها و تنظم أعمالها وفق قانون الجمعيات الأهلية، وعدد الفرق الأهلية يفرض على الجهات المختصة تنظيمها بشكل تؤدي دورها بشكل رسمي وإطار محدد معروف ووفق آليات لتوزيع الدعم للمستحقين له، لا أن تحيد تلك الفرق الى أمور وغايات بعيدة عن الهدف منها، فنحن لا نشكك في تواجهاتها أو أهدافها ومنطلقاتها، لكن دائما بدون اي تنظيم يضيع العمل سواء كان خيريا أو غيره، فالتنظيم هو اساس كل عمل ناجح وبدونه، يختلط الخطأ الذي يأتي بحسن نية، والكوارث التي تأتي لمن يتسترون بفعل الخير لتحقيق مأرب اخرى، لهذه الاسباب ولدواعي كثيرة يجب أن ينظم عمل الفرق الأهلية كذلك لتكون أكثر تنظيما يعظم من دورها و يجسد أهدافها. بشكل صحيح.
ان هناك الكثير من النماذج للفرق الأهلية التي برزت في السنوات الأخيرة، وكان لها دورا محوريا في مساعدة العديد من فئات المجتمع، مثل فريق "الرحمة " الذي واكبت اعماله العصر الحديث واضطلعت بدور رائد في العمل التطوعي، وترجم اهدافه، التي استقاها من اسمه، ليشكل رحمة حقيقية في كل اسهاماته ، كما يوجد بالسلطنة الكثير من الفرق التي حققت اسهامات جعلها مثالا يحتذى به، و يؤسس لكي يبقى منارة للجميع تهتدي في العمل الخيري ويوثق ما يقدمه و يبلور الياته، لكن للاسف تضييع هذه الانجازات وسط بعض الممارسات التي تسيئ للعمل التطوعي، ففي ظل عدم وجود إطار منظم لهذه الفرق فمن الطبيعي أن تتهاوى مع مرور الوقت و تتلاشى شيئا فشىء، ويأخذ العاطل بالباطل كما يقولون.
ان قانون الجمعيات الأهلية الذي يراجع من قبل الجهات المعنية لكي يكون أكثر مواكبة للتطور في المجتمع المدني في السلطنة، وإخضاعه للمزيد من التمحيص جانب ايجابي رغم التأخير في عملية المراجعات، إلا أنه سيكون ملبيا لتطورات التي يتطلبها العمل المدني في السلطنة كغيرها من الدول، و هذه الفرق يمكن أن تنظم إلى لهذا القانون كأحد جوانب العمل التي يجب أن يشملها باعتبارها أحد روافد العمل الأهلي التطوعي.
لعل ما يثلج الصدر هو مضي العمل التطوعي في السلطنة في طريق متنوع يشمل مختلف الاوجه التطوعية و الخيرية وغيرها كالجوانب الرياضية وسط تحمس الشباب في خدمة مجتمعاتهم بشكل ملفت ، وتشهد الاعمال التطوعية اقبالا يجسد العديد من الدلالات الهامة، التي يجب الاشادة بها ودعمها وتعزيزها بكل الطرق الممكنة، سواء من الحكومة او القطاع الخاص، او حتى المجتمع، لكننا نعود ونشدد على حتمية تنظيم هذا العمل التطوعي المبشر وفق اطر تشريعية تهدف الى تنظيم الاعمال التطوعية، وترتقي بها بعيد عن العشوائية، ويجب ان يشمل التنظيم مجالات عملها واليات ادائها، كما ندعو القائمين عليها الى عدم ارتباط مشاريعهم بوقت معين او محدد، وان تتواصل مستغلة الزخم ورغبة الشباب في حدمة مجتمعهم في تحقيق اكبر فائدة ممكنة للمجتمع وللفئات المستهدفة، و كذلك تثبيت الفرق وتسجيلها في سجلات رسمية يؤرخ لاقدميتها و بداياتها و مجالات عملها و انجازاتها و طموحاتها، والقائميين عليها، مما يجعلها نموذج يشحذ الهمم، ويفتح باب التسابق في الخير والعمل التطوعي النافع للبلاد والعباد، ويعزز العمل التطوعي بكافة اشكاله.
فاليوم نشهد فرقاً اهلية تطوعية وخيرية يفوق نشاطها ودورها في المجتمع بعض الجمعيات المرخصة وذات الامكنة والمقرات الثابتة، بالاضافة الى ظهور فرق رياضية تمتلك من الامكانيات والقدرات، وعدد الاعضاء، ما يفوق بكثير الاندية المرخصة رسميا، لذا علينا الالتفات لهذه الفرق، ودعمها، كونها اصبحت احد المكونات الاساسية في المجتمع، الذي يحتاج اليها بشدة في الكثير من المجالات، وهناك فئات مجتمعية كثيرة تسعى لانتهاج هذا العم، مدفوعة بحب الخير والرغبة الصادقة في العمل التطوعي بشكل عام، لذا يجب تحفيزهم وتنظيم عملهم لكي يكونوا اكثر كفاءة و قدرة، فضلا عن عدم وقوعهم في ايدي مغرضه تسيئ لهذا التوجه العام ، وتحييد به عن اهدافه، لاهداف مغايرة لما يرغبه المتطوعيين لهذه الاعمال.
بالطبع تواجه هذه الفرق وغيرها تحديات وصعوبات كثيرة وطبيعية في مجتمع ناشئ كالعزوف عن الاعمال التطوعية والانشغالات الكثيرة ، وكذلك الامكانيات المتواضعة التي تعوق تسويع وتيرة الكثير من الاعمال لكن مع مرور الوقت و احراز تقدما في الاعمال التطوعية سوف يلتف المجتمع لهذه الاعمال ، ويعى هو الى النهوض بها ودفعها الى الامام ، و استمرارها ذو اهمية من خلال اليات تنظيمية تضمن بقاءها و تطورها للافضل دائما.
نامل التسريع في تنظيم يسهم في ترتيب العمل الخيري و التطوعي في البلاد و يرفد الجهود الذاتية من فئات مخلصة في المجتمع ترغب ان تسجل بصمات في طرق الخير وترفع الضرر عن الاخرين وتعلي شان العمل التطوعي في السلطنة كاحد ورافد العمل المجتمع المدني الذي يشهد تطورا ملحوظا وايجابيا يثلج الصدور.