الفرص تتأكل امام اوباما

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٤/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٠١ ص
الفرص تتأكل امام اوباما

جنيفر داسكال

تخوض الولايات المتحدة حربا بدون تفويض، وعلى مدى الأشهر الـ 19 الفائتة نفذت القوات الأمريكية أكثر من 8800 هجمة ضد داعش في العراق وسوريا والمجموعة التابعة لها في ليبيا، كما واصلت واشنطن الهجمات الجوية ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن، وملاحقة المسلحين في أفغانستان وباكستان، وقتل أكثر من 150 مشتبها به من مقاتلي حركة الشباب في الصومال خلال الشهر الفائت فقط. وهذه الحرب لا تقتصر على الضربات بدون طيار أو القصف الجوي، فهي تشمل قوات العمليات الخاصة في العراق وسوريا وأفغانستان وربما في أماكن أخرى. وفي نهاية الأسبوع الفائت أعلن أوباما أنه سيرسل 250 من هذه القوات الإضافية إلى سوريا.
وتستند السلطة القانونية الأولية لشن هذه الهجمات ونشر القوات الى تفويض من 60 كلمة لاستخدام القوة العسكرية، كان قد صدر منذ ما يقرب من عقد ونصف تقريبا. ففي الأيام التي أعقبت 11 سبتمبر 2001، طلب الرئيس جورج دبليو بوش الحصول على تفويض مفتوح لمكافحة جميع الأعمال الإرهابية في المستقبل، وبحكمة رفض الكونجرس هذا الطلب، إلا أنه أعطى الرئيس سلطة استخدام القوة ضد المسؤولين عن هجمات 11 سبتمبر، تنظيم القاعدة والجهة التي وفرت ملاذا لهم وهي حركة طالبان.
واليوم لم تعد حركة طالبان هي التي تحكم في أفغانستان، كما أن أسامة بن لادن قُتل، والمشاركين الآخرين الرئيسيين في هجمات 11 سبتمبر ما بين معتقل أو ميت، غير أن التفويض القديم ما يزال على قيد الحياة.
وقد أعادت إدارة أوباما تفسير تفويض 2001 لمحاربة ليس فقط تلك الكيانات المشار إليها في القانون، ولكن أيضا «القوات المرتبطة بها" والمنظمات التي خلفتها. وبعبارة واضحة فالولايات المتحدة تعتمد على التفويض الذي صدر لمحاربة المسؤولين عن 11 سبتمبر لشن حرب ضد جماعات ليس لها علاقة بتلك الهجمات، بل في بعض الحالات لم تكن موجودة حتى في ذلك الوقت. ومثل هذا التفسير القانوني من شأنه أن يمنح صلاحيات خطيرة للرؤساء القادمين.
ويحسب لأوباما أنه ادرك المشكلة ، ففي مايو 2013 قال انه سوف يدقق تفويض 2001 ثم يلغيه في نهاية المطاف. وفي شهر فبراير الفائت اقترح تفويضا جديدا يهدف تنظيم الدولة على وجه التحديد، لكن اقتراحه لاقى انتقادا محقا من الجميع. ومن بين ما اثاره من مشاكل أنه ترك تفويض 2001 دون تغيير ، ما يعني أن التفويض الجديد سيضيف المزيد الى السلطة الموجودة بالفعل ولن يحل محلها. وجاءت استجابة أعضاء الكونجرس بمجموعة من البدائل ولكن أيا منها لم يأخذ شكل القانون.
وفيما لم يتبق على إنتهاء ولاية أوباما سوى تسعة أشهر، يتعين على إدارته الآن إحياء هذه المناقشات. فأوباما يحذر منذ فترة طويلة من مخاطر الحرب غير المحدودة، بيد أن النهج الذي تتخذه ادارته يضع سابقة مناقضة لذلك، فمع أن المجموعات التي تهاجمها الولايات المتحدة قد ترتبط ببعض الصلة بتنظيم القاعدة وحركة طالبان، إلا أن التحديد قد يكتنفه الغموض. فتنظيم الدولة، الذي خلف القاعدة، يشمله تفويض 2001، ولكن ماذا عن الذين سيخلفون تنظيم الدولة؟ وخلفائهم؟ مثل تلك التفسيرات المتوسعة لتفويض 2001 أصبحت تكرس على أنها قاعدة طبيعية، تمت المصادقة على جزء كبير منها من قبل الكونجرس والى حد ما من قبل المحاكم.
ومن الممكن للإدارات الأمريكية القادمة أن تستخدم هذه السلطة وفق ما تراها مناسبا، وقد تتصرف بطريقة مقيدة، وتختار اهدافها بدقة وعناية، أو ربما تسعى الى ما يطلق عليه "القصف البساطي" أو التفجير الشامل للعدو كما أعلن المرشح الرئاسي الجمهوري تيد كروز أنه سيفعل. وكما وصلت الأمور اليه الآن، يمكن للرئيس القادم أن ينفذ ذلك ضد مجموعات لم تتحدد بعد، وهذا أمر مثير للقلق، وهناك سبب وجيه أن مؤسسي الدولة أعطوا الكونجرس سلطة إعلان الحرب والرئيس سلطة التنفيذ، فقرار الذهاب إلى الحرب – حتى عندما تكون عمليات جوية مع حد أدنى من المخاطر للأميركيين – هو أمر مهم للغاية لا يجب إسناده الى جهة واحدة من السلطات.
ولكي نكون منصفين، فأوباما ليس الوحيد الذي يقع عليه اللوم، فالكونجرس قد تنازل عن دوره واختار أن يسنده الى السلطة التنفيذية بدلا من أن يتولي قضية مثيرة للجدل، وسيكون من السذاجة الاعتقاد أن الكونجرس الذي لن ينظر حتى في تعيين رئيس السلطة التنفيذية لرئيس المحكمة العليا سوف يمنحه انتصارا بالموافقة على تفويض الحرب.
ولكن هذا لا يعني أن الرئيس يجب ألا يحاول، فحتى وإن لم ينجح يمكنه وضع الأساس الفكري والسياسي لعملية جديدة للحصول على التفويض، ما يجعل الأمر أسهل بكثير بالنسبة للإدارة المقبلة للدفع إلى الأمام. وعليه أن يتقدم باقتراح لطلب تفويض لاستخدام القوة ضد الجماعات التي تحاربها الولايات المتحدة بالفعل، وأن يصر على تحديد تاريخ إنتهاء التفويض ما لم يتم تجديده ليجبر الكونجرس بذلك على المشاركة.
ومن غير المرجح أن التفويض الجديد للحرب سوف يغير الحقائق على الأرض، وأي اقتراح من أوباما سيسمح له باستخدام هذا النوع من القوة التي يعتبرها ضرورية بالفعل. إلا أن الأهمية الجوهرية ترجع الى أسباب تتعلق بالحكم الرشيد، وحماية توازن القوى بين الكونجرس والسلطة التنفيذية، وضمان أنه عندما تأخذ الأمة خطوة غير عادية بالذهاب الى الحرب، فإنها تفعل ذلك نيابة عن وبموافقة من الشعب، وتلك قضية إرث على أوباما أن يعالجها الآن.

مستشارة في هيومان رايتس ووتش وكاتبة عمود في صحيفة نيويورك تايمز