الانتهاء من خرائط مشروع المختبر المركزي الجديد للصحة العامة

بلادنا الاثنين ٠٤/يوليو/٢٠٢٢ ١٩:٥٨ م
الانتهاء من خرائط مشروع المختبر المركزي الجديد للصحة العامة

العمانية - الشبيبة 

تمثلُ مختبرات الصحة العامة ركيزة أساس في منظومة التقصي ومراقبة الأمراض حيث تُعدُّ المختبرات الطبية من أهم الأعمدة التشخيصية في الرعاية الصحية وأحد أهم الدعائم للأمن الوطني الحيوي.

وتواصل مختبرات الصحة العامة المركزية في سلطنة عُمان جهودها الكبيرة في الكشف عن الفيروسات المستجدة وهذا ما ظهر جليًا وبشكل كبير خلال جائحة كورونا ودورها في التأهب الوبائي والاستجابة علاوة على الدور الكبير الذي لعبته مختبرات الصحة العالمية في السنوات السابقة، أثناء الجوائح التي عصفت بالعالم كجائحة فيروس السارس عام 2003م، وإنفلونزا الخنازير H1N1، وفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية.

ومما يؤكّد على دور المختبرات المركزية فقد تفضّل حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ خلال ترؤسه أحد اجتماعات اللجنة العُليا المكلّفة ببحث آلية التعامل مع التطوُّرات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا كوفيد 19 بتاريخ 2 يونيو 2020، وأمر بإنشاء مختبر مركزي جديد للصحة العامة يواكب التطور التقنيّ والأنظمة الفنيّة الحديثة ويُغطي الاحتياجات المطلوبة في أيّ ظرف من الظروف.

وتسعى وزارة الصحة لإنشاء مبنى حديث متكامل لمختبرات الصحة العامة المركزي يحتوي على أحدث التقنيات والمعدات التي توصل إليها العلم في مجال الفحوصات المخبرية حيث تم الانتهاء من تصميم خرائط المشروع وفي انتظار الإسناد لبدء التنفيذ حتى يكون مختبرًا متطورًا يضمُّ أحدث التقنيات والمعدات التي توصل إليها العلم في مجال الفحوصات المخبرية.

وسيحتوي المبنى الجديد على مختبر متطور من المستوى الثالث للسلامة خاص بفحوصات السل الرئوي والأمراض الفيروسية فائقة العدوى الأخرى وقسمًا للتسلسل الجيني وأقسامًا أخرى سيتم استحداثها كقسم فحص المواليد للأمراض الاستقلابية.

وجاء إعلان منظمة الصحة العالمية مؤخرًا في اختيار مختبرات الصحة العامة المركزية بسلطنة عُمان كمركز متعاون في مجال الأمراض المُعدية الناشئة والمُستجدة ويُعدُّ الأول من نوعه على مستوى إقليم الشرق المتوسط ويُمثل إضافةً جديدةً في سجل إنجازات سلطنة عمان في المجال الصحي.

ويُمثل اختيار مختبراتِ الصحة العامة المركزية في سلطنة عُمان إنجازًا مُهمًّا لسلطنة عُمان حيث سيخدم المركز إقليم الشرق المتوسط وسيكون له دور عالمي ضمن المراكز المتعاونة والمعتمدة عالميًا.

ويتيح إنشاء مركزٍ متعاونٍ للأمراض الناشئة والعائدة للظهور في سلطنة عُمان الفرصة لتبادل الخبرات، ويُمكّن الدول في الإقليم والعالم من الاستفادة من تجربة سلطنة عُمان في مجال مختبرات الصحة العامة كتقديم الاستشارات الفنية وتنظيم الفعاليات التدريبية وغيرها، وآليةِ الاستجابة لها.

ويهدف المركز المتعاون إلى تعزيزِ استعداد البلدان واستجابتها للكشف المختبري في الوقت المناسب وإدارةِ تفشي مُسببات الأمراض الجديدة والناشئة والخطيرة، وتسهيلِ نقل تقنيات التشخيص والممارسات والتدريب الآمن والمناسب إلى المختبرات، بالإضافة إلى تعزيز القدرات الفنية لمختبرات الصحة العامة لدينا للكشف عن مسببات تلك الأمراض والإبلاغ عنها.

ويُعدُّ هذا المركز الأول إقليميًا في هذا المجال مما يؤكّد ريادةَ سلطنة عُمان في العديد من القطاعات والمجالات ومدى ارتقائها ونجاحها في مبادراتٍ وبرامجَ صحية عديدة سواء كانت على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، بما فيها التصدي للأمراض المعدية ومكافحة عوامل الخطورة المسببة لها مما يؤهلها كنموذج على الصعيد الدولي في مجال مختبرات الصحة العامة وفي مجالات التصدي والاستجابة للأوبئة والسيطرة عليها.

وتحظى دائرة مختبرات الصحة العامة بسمعة دولية وإقليمية طيبة وتستضيف سلطنة عُمان وبصفة دورية العديد من الاجتماعات الإقليمية كما تستضيف العديد من المتدربين من دول مجلس التعاون والدول المجاورة للتدريب في مختبراتها.

كما حظيت المختبرات المركزية باعتراف منظمة الصحة العالمية في المجالات لتصبح مختبرًا مرجعيًا إقليميًا لإقليم شرق المتوسط للحصبة والحصبة الألمانية معترف به من عام 2006 ويقوم مختبر الجودة بمختبرات الصحة العامة بدور المختبر المرجعي الاقليمي لبرنامج ضبط الجودة (REQAS) في مجالات التشخيص الجرثومي في إقليم شرق الأوسط، ويشارك في البرنامج 38 مختبرًا من مختلف دول الإقليم.

كما أصبحت مختبرًا مرجعيًا لشلل الأطفال معتمدًا من قبل منظمة الصحة العالمية والمنسق الإقليمي لشبكة Pulsnet Middle East التي تُعنى بالترصد للأمراض المنقولة عن طريق الغذاء منذ عام 2006 وانتخب المختبر مُجددًا في عام 2018 للقيام بذات الدور.

وقالت الدكتورة حنان بنت سالم الكندية مديرة دائرة مختبرات الصحة العامة المركزية بوزارة الصحة لوكالة الأنباء العُمانية تُعدُّ مختبرات الصحة العامة المركزية التابعة لوزارة الصحة مركزًا مرجعيًا وطنيًا تحت مظلة المديرية العامة لمراقبة الأمراض ومكافحتها وتُعنى هذه المختبرات بإجراء مجموعة واسعة من الاختبارات المعملية باستخدام تقنيات مختلفة لتشخيص الأمراض ومراقبتها وإجراء المسوحات اللازمة من أجل التحقيق في تفشي الميكروبات والسموم المرتبطة والمؤثرة في الصحة العامة.

وأفادت بأنّه تم إشهار مختبرات الصحة العامة مؤخرًا كمركز تعاوني عالمي لمنظمة الصحة العالمية للأمراض الناشئة، ويضم المختبر أيضًا عدة مراكز إقليمية متعاونة مع منظمة الصحة العالمية والتي تخدم بلدان منطقة المكتب الإقليمي لشرق المتوسط.

وأضافت أنّه مع بداية جائحة كوفيد تم استحداث المركز الوطني لمرض كوفيد 19 في مختبرات الصحة العامة الذي سند إليه تشخيص ومراقبة الطفرات الجينومية لفيروس كورونا المستجد كوفيد19، وقدم المركز الدعم التشخيصي لجميع حالات كوفيد19 في سلطنة عُمان في بداية الجائحة حيث اجتمع العديد من خبراء المختبرات في وزارة الصحة وباشروا بتحليل كميات كبيرة جدًا من العينات من المستشفيات والعيادات الخارجية وصل عددها إلى أكثر من 1000 عينة في اليوم الواحد في ذلك الوقت.

وذكرت أنّ المركز ما زال مستمرًا حتى الآن في إجراء فحوصات كوفيد19، وقد بلغ عدد العينات المحللة بالمركز من بدء الجائحة وحتى الآن ما يُقارب 276 ألف عينة منها 240 ألف عينة في عام2020 وهذا ما يؤكّد أنّ مختبرات الصحة العامة تحملت العبء الأكبر في تشخيص مرض كوفيد19 أثناء السنة الأولى للجائحة في سلطنة عُمان.

أفادت أنّ الخبراء في مختبرات الصحة العامة في عام 2020 ساهموا في دعم القطاع الحكومي والخاص من ناحية التدريب واختيار أنواع المحاليل وإعطاء الراي في تصميم المعامل الخاصة التي تعُني بفحص كوقيد ثم القيام بالزيارات الدورية التفقدية، كما ساهموا في اختيار أجهزة الفحص السريع المناسبة والتي استخدمت لاحقًا في مستشفيات وزارة الصحة والعديد من المعامل الخاصة.

ولفتت إلى أنه مع تزويد المركز بأجهزة متطورة من الجيل الثاني خاصة برصد التسلل الجيني تمكن المركز من تقديم معلومات عن المتحورات الناشئة لفيروس كوفيد19 وعُقِد مؤخرًا اتفاق في قيام المركز بتقديم خدمات التسلسل الجيني لعدد من دول الإقليم. وتابعت قائلة: "إن مختبرات الصحة العامة تستضيف أيضًا المركز الوطني للإنفلونزا المعتمد من منظمة الصحة العالمية والمكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمراقبة العدوى التنفسية بفيروس الإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي الأخرى بما في ذلك فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية”.

وأضافت الدكتورة حنان الكندية أنّ المختبر المرجعي الوطني لمراقبة الحمى النزفية الفيروسية المعني بالكشف عن حمى القرم ومرض الضنك النزفي وحمى الوادي المتصدع ساهم في رصد انتشار حمى الضنك في عدد من محافظات سلطنة عُمان المتأثرة.

وأشارت إلى أنّ مختبرات الصحة العامة المركزية تحوي أيضًا مختبرًا مرجعيًا للفحوصات الخاصة بترصد مرض الإيدز وأمراض التهابات الكبد الفيروسي الحادة، ويقوم القسم بجمع العينات للأمراض المتسببة بأمراض فيروسية إكلينيكية وسريرية تصيب ناقصي المناعة والتي من الممكن أن تُحدث نتيجة نقل الأعضاء وأمراض الجهاز العصبي الفيروسية والعديد من الأمراض النادرة والناشئة كمرض جدري القردة.

وأوضحت أنّ مختبرات الصحة العامة تُعنى بتقديم خدمات اختبار الجودة في المختبرات الطبية في سلطنة عُمان ومنطقة شرق المتوسط من خلال تنظيم برنامج تقييم الجودة الخارجي (EQA)، كما يقدم المختبر العديد من البرامج التدريبية للموظفين الوطنيين وموظفي إقليم الشرق المتوسط في المجال المخبري المتعلق بجميع البرامج المشتركة مع منظمة الصحة العالمية.

وذكرت أنّه على الصعيد الوطني يُشارك المختبر في برنامج تدريب الأحياء الدقيقة التابع للمجلس العُماني للاختصاصات الطبية (OMSB) لتدريب الأطباء المقيمين في علم الفيروسات وعلم الجراثيم والسل والملاريا.

وتتكون مختبرات الصحة العامة من تسعة أقسام هي: علم الفيروسات، وعلم الجراثيم، والمختبر الوطني المرجعي للسل، وقسم فاشيات الأمراض المنقولة بالغذاء، وقسم الكيمياء، وقسم إدارة الجودة والمخاطر، وقسم الطفيليات وعلم الفطريات والملاريا وقسم شؤون مختبرات الصحة العامة وقسم الترصد المخبري.

ويُقدم قسم علم الفيروسات خدمات مرجعية رفيعة المستوى لمراقبة الأمراض الفيروسية وخدمات التقصي والتشخيص عبر استخدام طرائق مخبرية تشمل الأساليب المصلية وزراعة الخلايا والبلمرة الجزيئية والتسلسل الجيني.

ويعمل مختبر الفيروسات على عدة برامج مراقبة وترصد مخبري للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات أو الأمراض التي تُشكل تهديدًا للصحة العامة وتتطلب ترصدا مستمرا، وتضم هذه البرامج المختبر المرجعي الإقليمي والوطني لفيروسات شلل الأطفال المعتمد من منظمة الصحة العالمية والمكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمراقبة الشلل الرخو الحاد الذي يسببهُ فيروس شلل الأطفال.

ويخدم المختبر سلطنة عُمان ودول الجوار كاليمن، والبحرين وقطر والإمارات حيث قام المختبر مؤخرًا برصد اندلاع عدة حالات لتفشي مرض شلل الأطفال في اليمن ويقدم خدمات مستمرة في هذا المجال.

وفي عام 2006 اعتُمد المختبر المرجعي الإقليمي والوطني للحصبة والنكاف والحصبة الألمانية من قبل منظمة الصحة العالمية والمكتب الإقليمي لشرق المتوسط يُعنى هذا المركز بمراقبة الحمى والطفح الجلدي الناتج عن فيروسات الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف.

مع الإشارة إلى أنّ هذا المركز قام في سنة 2016 بإجراء دراسة مسح التنميط المصلي لمرض الحصبة والحصبة الألمانية والتي كان من نتائجها المهمة اكتشاف فجوة مناعية في المجتمع العُماني لمرض الحصبة متمركزة في بعض الفئات العمرية مما أسفر عن حالات تفشٍ للحصبة في سلطنة عُمان خلال الفترة من 2016 إلى 2017م ساهمت نتائج الدراسة في اتخاذ القرار المبكر للتحكم في فاشية الحصبة عن طريق إطلاق حملة وطنية موسعة للتحصينات شملت الفئات العمرية المتأثرة حسب نتائج الدراسة.

ويعمل قسم الجراثيم بالمختبرات كمختبر مرجعي وطني وإقليمي للعديد من البرامج ويحوي المركز المرجعي الوطني لبرنامج مقاومة المضادات الحيوية المتعددة والمختبر المرجعي الإقليمي لترصد أمراض التسمم الغذائي والمختبر المرجعي الوطني للتنميط المصلي لأمراض الصحة العامة البكتيرية المهمة مثل السالمونيلا، الشيغيلا، المكورات السحائية، المكورات الرئوية وغيرها. ويُقدم القسم خدماته في مجال تشخيص الجراثيم وتحديد النمط المصلي والجيني لمسببات الأمراض البكتيرية.