بقلم : محمد محمود عثمان
ارتفعت عدد شركات القطاع الخاص المتعثرة في العامين الآخرين والتي تقع تحت رحمة الإنفاق الحكومي شبه المنعدم والشروط المجحفة للبنوك والقروض والإدارات الضعيفة أوفساد الإدارات ، لذلك فشلت شركات القطاع الخاص المتعثرة في العودة مرة أخرى ، أوالمحافظة على وضعها المالى أوالوفاء بالتزاماتها لدى الآخرين ،
بعض الشركات تحتاج إلى الترشيد وضبط النفقات غير الضرورية وتحديد الأولويات ، وزيادة التدريب وتحسين عمليات الإنتاج والتركيز على المنتجات الأساسية القادرة على المنافسة ، إلى جانب السيولة التي تساعدهاعلى الاستمراروالتطوير،والتي يمكن تدبيرها من البنوك وشركات الاستثمار والمزيد من الاستثمارات الأجنبية ، إلى جانب مشاركة الحكومات بما تملك من احتياطيات وصناديق استثمارية ، لأنه بدون الإنفاق فالنتيجة الحتمية هي الإخفاق ، ولعلنا نعي تلك المعاني التي تحبذ سياسة «الإنفاق بدلا من الإخفاق» لتعويم المتعثرين وإنقاذا للقطاع الخاص من السقوط، خاصة في إذا كان القطاع هشا وضعيفا ، ويعتمد على ما تضخة الحكومات في الأسواق وفق خططها التنموية
التي تعاني هي أيضا من التعثر لعدم توفر السيولة الكافية والتأثر من جائحتين متتاليتين الأولى كورونا والثانية أوكرانيا
لذلك فإن أنشطة القطاع الخاص ستعاني من الانكماش ، مع استمرار الحرب في أوكرانيا ، ومع توقع المزيد من تحديات الأسعار والإمداد،الأمر الذي يدعم التوقعات المتشائمة لنشاط الأعمال، لأنه إذا استمرت أسعار المواد الغذائية والمواد الخام العالمية في الصعود، التي صاحبها رفع المركزي الإمريكي للفائدة ، فسوف نشهد انخفاضا حادا في الإنتاج
ولن تستطيع شركات القطاع الخاص الصمود مثل الشركات الحكومية حتى وإن غلب عليها ضعف الأداء التشغيلي نظرا لاعتمادها على الدعم الحكومي اللا محدود، وتحظى بمعاملات تفضيلية ، لذلك لا تعمل شركات القطاع الخاص في بيئة تنافسية سليمة ، مما يفقد السوق التوازن ، خاصة إذا لم توجد آليات لمعالجة أوضاع القطاع الخاص لأن معظم الحكومات تفضل عمليات البتر النهائي للشركات المتعثرة فتتسبب في خسائر شديدة في الأصول الاستثمارية والرأسمالية ، التي تنعكس على الناتج الإجمالي بوجه عام لأن الشركات المتعثرة تعاني من أمرين الأول: تدهور في موقفها المالي لفقدان الموارد وزيادة الديون وتقلص الأرباح ووجود فساد مالي والثاني :انحدار في مستوى الإدارة وضعف الرقابة الداخلية أو الخارجية. الثالث: تركها بدون مساعدة لتواجه مصيرها بمفردها بعد تخلي غرف التجارة والصناعة عن مسؤوليتها كممثل رسمي للقطاع الخاص الرابع :وجود ثغرات في منظومة الحوكمة وعدم وضوح السياسات المعنية بمشاكل القطاع الخاص نظرا لأمرين :أ - ضعف قدرات قيادات القطاع الخاص على الإدارة العلمية ب - عزوف كبار رجال الأعمال عن المشاركة الرسمية الفاعلة في إدارة وتوجيه شركات الخاص وفق خبراتهم المتراكمة من خلال تواجدهم في مجالس إدارات غرف التجارة والصناعة سواء بالتعيين أو الانتخاب
ج - كما أن حوكمة شركات القطاع الخاص المدرجة في البورصات غالبا تهتم ببعض المعايير القانونية والوفاء بها ، على حساب مخالفات أكثر خطورة أو فساد إداري ، يتمثل في وجود تلاعب في الميزانيات والحسابات الختامية بمعرفة شركات التدقيق ومكاتب المحاسبة غير الأمينة ،التي تسهل لبعض الشركات - بالاتفاق مع مجالس الإدارات - تسوية الأرباح وزيادة الخسائر والنفقات للتهرب من الضرائب المستحقة وكذلك لطلب المساعدات والإعفاء من الديون أو جدولتها ، أو كمقدمة لإعلان الإفلاس للتهرب من الالتزامات قبل الآخرين
وفي المقابل نجد سطحية المعالجات التي تقدم من المسؤولين عن إدارة سياسات القطاع الخاص في وزارات الصناعة والتجارة وغرف التجارة والصناعة لأن بعضه قد لا يصل إلى مستوى المسؤولية أو القدرة على الإدارة الرشيدة وعدم الالتزام بالقوانين ، وقد نلاحظ ذلك حتى من خلال مخالفة شركاتهم الخاصة للقوانين المنظمة لسوق العمل ، والمحاكم التجارية والعمالية تكتظ بالدعاوى القضائية التي تثبت سوء الإدارة ومخالفة قوانين ولوائح القطاع الخاص ، ومن ثم ينعكس ذلك علي استقرار أسواق العمل وعلى نسيج المجتمع ، ومن ثم فقدان الثقة والمصداقية في القيادات المسؤولة عن القطاع الخاص في ظل إهمال اللجان المختصة والمكلفة بدراسة أوضاع الشركات المتعثرة ومساعدة رجال الأعمال للخروج من هذه الأزمة وتسوية ديونهم والعودة للإنتاج من جديد، وهذه اللجان أغفلت دعوة أصحاب شركات القطاع الخاص المتعثرة للمشاركة في اللقاءات المباشرة مع الوفود الاقتصادية والاستثمارية الأجنيبة في الداخل والخارج لمساعدتهم في البحث عن مستثمرين وشركاء جدد، بما لديهم من خبرات وتكنولوجيا ورؤوس أموال تحتاجها شركات القطاع الخاص ، في ظل التحديات الاقتصادية الدولية والإقليمية ، لأن بقاء الاستمرارفي تدهورالشركات يؤثر بالقطع على دور القطاع الخاص ومدى قدرته على مشاركته في عمليات التنمية المستدامة ورفد الدخل القومي ، ومن هنا علينا العمل على إعادة الهيكلة الادارية والمالية للشركات المتعثرة وإيجاد قنوات تمويلية واستحدث ادوات وتشريعات جديدة تمكن الشركات من جدولة الديون ومزاولة نشاطها قبل الإفلاس ووضعها على المسار الصحيح حفاظا على أموال وثروات المساهمين والمستثمرين والأفراد وعلى اللجان الصناعية المتخصصة بغرف التجارة والصناعة تقديم الدراسات أو البحوث والمقترحات والحلول- إذا كانت قادرة على ذلك - التي تشارك بها في الوصول إلى علاج هذه الظاهرة والتصدي لها ، والتواصل مع الجهات المسؤولة والمختصة قبل أن تتفاقم أوضاع الشركات المتعثرة وتصل إلى نقطة الاعودة ، مع ضغوط التكاليف وزيادة أسعار الطاقة والمواد الخام بسبب الحرب في أوكرانيا،التي ولدت أزمة ثلاثية الأبعاد - أزمة غذاء وأزمة طاقة وأزمة اقتصاد، ما سيكون له من آثار مدمرة على أكثر الناس والبلدان والاقتصادات في العالم.