الشبيبة - العمانية
توصلت دراسة بحثية إلى أول جينوم (كامل المادة الوراثية) لشجرة اللبان العُماني والتاريخ التطوري لها بحجم 667 مليون قاعدة نيتروجينية وأكثر من 18 ألف جين تم التعرف عليها وتؤدي آلاف الوظائف.
ويُعدُّ هذا أول جينوم كامل لشجرة من أشجار اللبان الـ 24 الموجودة بالعالم يُعرف بآلية التخلق الحيوي لبعض مركبات اللبان وكيفية تحصين الشجرة لنفسها بعد عمليات الجرح ويُشكل هذا الإنجاز تحولًا مُهمًا للمهتمين بأبحاث اللبان والنباتات الطبية.
وقال الأستاذ الدكتور أحمد بن سليمان الحراصي رئيس مركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية بجامعة نزوى إن الوصول لهذه النتائج استغرقت قرابة خمس سنوات من العمل المتواصل بتعاون دولي عمل فيه عدد من العلماء في أبحاث الجينوم من خلال سبعة مراكز بحثية عالمية وحللت فيه كميّة مهولة من البيانات استُخدمت فيها أضخم أجهزة الحوسبة حتى اكتملت النتائج الآن ونُشِرت في مجلة "iScience" إحدى المجلات العريقة في العلوم ليكون سبقًا علميًّا وفتح باب كبير في الوسط العلمي.
وأضاف لوكالة الأنباء العُمانية: وجدنا أنّ الجينوم يحتوي على 667 مليون زوج من القواعد وأكثر من 18 ألف جين في "DNA" الشجرة وتحوي كميات كبيرة من المعلومات والأسرار التي تحويها شجرة اللبان لافتًا إلى أنّ الجينوم البشري يحتوي على 3 مليارات زوج من القواعد وما بين 20-25 ألف جين.
وذكر أنه تبيَّنَ أنّ جينوم شجرة اللبان Boswellia sacra أكبر بـ 45 بالمائة تقريبًا من جينوم شجرة البرتقال التي تحتوي على 367 مليون زوج من القواعد، وأكبر بـ 29 بالمائة تقريبًا من شجرة العنب وأكبر بـ 28 بالمائة من شجرة الفيفاي وبـ 36 بالمائة من شجرة الكاشيو، وتُعتبر هذه أقرب الأشجار التي نُشر الجينوم الكامل لها.
وأشار إلى أنّه تمّ التعرُّف بوضوح على دور عملية التجريح في تنشيط هرمونات الشجرة، وفي تحصين جدار الخلايا بعد الجرح، وعملية التخلق الحيوي للمكونات الكيميائية للصمغ وأهمها أحماض اللبان المعروفة، مُبينًا أنّه بناءً على المعلومات التي حصلنا عليها والتي تخصُّ التاريخ التطوري للشجرة، فإنَّ التشعُّب في النسب بين شجرة اللبان العماني وشجرتي العنب والفيفاي حدث ما بين 80 و91 مليون سنة.
ووضح أنّ الهدف من هذا المشروع جاء بهدف الكشف عن التركيب الوراثي الكامل والشيفرة الجينية لشجرة اللبان وسبر غور المخطط الجيني الموجود فيها لينكشف سرّ آخر من الأسرار التي أودعها الله في هذه الشجرة وتعد من الأشجار الكبيرة والمهمة اقتصاديًّا وطبيًّا ويتمُّ العمل حاليًّا على استكمال الجينوم الكامل لـ 13 نوعًا من أشجار اللبان.
وحول الصعوبات التي واجهت المشروع قال الأستاذ الدكتور أحمد بن سليمان الحراصي أنّ العمل في هذا المشروع لم يكن سهلًا على الإطلاق كونه أول مشروع جينوم كامل للشجرة، كما أن استخلاص مادة "DNA" من الأشجار الصمغية لم تكن عملية سهلة، إضافة إلى الجهد الذي استغرقناه لتحليل هذه الكميات من المعلوماتية الحيوية.
وبيّن أنّ آلية تخلّق المكونات الكيميائية في شجرة اللبان التي تستخدم في العلاج تُعدُّ عملية في غاية التعقيد تُشارك فيه آلاف الجينات وهي كثيرة جدًّا منها أن تقوم الشجرة بتخليق هذه المركبات عن طريق وحدات بناء صغيرة وعن طريق التفاعلات الحيوية المدعومة بآلاف الجينات أو الأنزيمات تبدأ بتكوين وحدات أكثر تعقيدًا وهناك عدة آليات يمكن أن تختارها الشجرة بعناية تفوق الوصف وعندما يكتمل بناء مركب ما يتوقف الأنزيم عن العمل ليبدأ أنزيمٌ آخر يُكمل عملية التخلُّق إلى تصل إلى المكون الأخير.
وأفاد بأنّه عند تتبعنا للتصنيع الحيوي في شجرة اللبان وجدنا أنّ هناك انزيمات مهمتها بناء الهيكل العام للمركب الكيميائي وأخرى تقوم بدور عامل الديكور حيث تضع اللمسات الفنية الأخيرة لهذا المركب أو الدواء وذلك بوضع المجموعات الوظيفية في أماكنها عن طريق الأكسدة والاختزال وتفاعلات الإضافة وغيرها دونما أيّ خلل لافتًا إلى أنّ آلاف التفاعلات هذه قد تحصل في آن واحد ولا مجال لحصول خطأ فيها ولا تظهر نواتجها مختلطة ولكن بدرجة نقاوة فائقة، وكانت هذه واحدة من أبرز نتائج الجينوم الكامل لشجرة اللبان العُماني.
وقال: قطعنا شوطًا كبيرًا في الأبحاث الكيميائية والطبية للبان، إلا أنها لم تكن كافية للإجابة على كثير من الأسئلة التي نبحث لها عن إجابات كالتاريخ التطوري للشجرة وآلية تصنيع الشجرة لمئات المركبات العضوية ووظائف الجينات، ولقد نشرنا جينوم البلاستيدات الخضراء لهذه الشجرة عام 2017 إلا أنه هو الآخر لم يُعطنا معلومات تفصيلية كما هو الحال في الجينوم الكامل للشجرة وهو كامل المادة الوراثية.
ولفت إلى أنّ أبحاثنا في خلال السبع سنوات الماضية شكلّت أول نواة لفهم جينوم شجرة اللبان العماني ساعدتنا في الإجابة على كثير من الأسئلة الدقيقة جدًّا منها على سبيل المثال لا الحصر تاريخ الشجرة ونشأتها وأصلها وعدد الجينات في "DNA" والـ "RNA" وآلية تكون الصمغ ومكوناته الكيميائية والاختلافات الجينية والكيميائية والفيزيائية مشيرًا إلى أنّ دراستنا لجينوم البلاستيدات الخضراء أثبتت احتواءه على 160 ألفًا و543 من القواعد النيكلوتيدية وتم التعرُّف على 114 جينًا.
وقال الأستاذ الدكتور أحمد بن سليمان الحراصي رئيس مركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية بجامعة نزوى إنّ مختبر الجينوم بمركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية يُعدُّ مرجعًا وطنيًّا وإقليميًّا، أنجز العديد من الدراسات المتعلقة بالمادة الوراثية في الفيروسات مثل فيروس كورونا المستجد، والبكتيريا والفطريات والأشجار مثل النخيل والنباتات الطبية.