48 ألف طلب فقط!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٢/يونيو/٢٠٢٢ ٠٧:٤٢ ص
48 ألف طلب فقط!

بقلم: عيسى المسعودي

تابعت الأسبوع الفائت مانشرته إحدى المؤسسات العالمية والمتخصصة في مجال الأثاث عن افتتاح أول متجر لها في السلطنة، وإنها تلقت خلال الفترة الفائتة حوالي 48 ألف طلب للتوظيف في هذا المتجر ، الذي من المتوقع أن يوفر عدد محدود من الفرص الوظيفية ، كون المتجر لايزال جديدا وأنه مجرد معرض أو متجر للأثاث ، حتى ولو كان لشركة عالمية معروفة ، وعلينا أن نتصور حجم الرقم ، وعدد من تقدموا لهذه الوظائف من الشباب العماني ، مما يؤكد أننا نواجه مشكلة وتحدي كبير في موضوع الباحثين عن عمل ، وقبل ذلك بفترة تابعت عبر وسائل الإعلام عن طرح إحدى المؤسسات الحكومية لعدد 10 وظائف شاغرة فقط ، يتنافس عليها أكثر من 30 ألف باحث عن عمل ، هذه المعلومات والأرقام ليست جديدة والجميع يعرف ذلك بما فيها المؤسسات الحكومية المعنية بقطاع العمل ، ولكن علينا تسليط الضوء عليها ومعرفة حجم المشكلة أو التحدي الذي يعتبر من أهم التحديات التي تواجه مسيرة النهضة المتجددة، وعلينا بالتالي العمل على إيجاد الحلول الحالية والمستقبلية لمواجهة موضوع الباحثين عن عمل، فالجميع أصبح يتفق ويؤكد أن هذا الموضوع يعد أكبر التحديات التي تواجهنا مقارنة بالتحديات الأخرى ، وإن على القائمين على التخطيط في مجال العمل أو المجالات الأخرى التي لها علاقة بهذا الموضوع ، أن تكون لدينا رؤية واستراتيجية تهدف إلى توفير المزيد من فرص العمل للشباب ، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص ، والتخطيط لقيام مؤسسات ومشاريع توفر المزيد من الوظائف خلال الفترة المقبلة حتى نحد من ارتفاع أعداد الباحثين عن عمل.

هناك المئات بل آلالاف من الشباب العماني يومياً يطرقون باب المؤسسات الحكومية أو الخاصة أو يتابعون عبر المواقع الإلكترونية الوظائف الجديدة المطروحة ، والجميع لديه الأمل وتحقيق الحلم للحصول على الوظيفة، فكثير من الأسر لديهم ظروف صعبة وينتظرون تعيين أحد أولادهم أو بناتهم، لتساعدهم على ظروف الحياة ، والبعض الآخر يبحث عن الاستقرار بعد مشوار طويل في الدراسة، وهذا الحلم يعد أحد حقوقهم المشروعة التي يجب على المؤسسات المعنية في الحكومة أو المؤسسات وشركات القطاع الخاص أن تدرك هذا الشي ، وأن تتعاون في توفير المزيد من الفرص الوظيفية، ولكن يبقى الدور الحكومي هو الأهم ، وهو المحرك الأساسي في هذا الموضوع ، فهي مسؤولية،  ورغم أنها مشتركة إلا أنها بالدرجة الأولى تبقى على الحكومة من خلال أعداد رؤية واضحة في هذا المجال،  تحقق الأهداف الوطنية في تنمية وتطوير الكوادر البشرية العمانية ، لقد قامت الحكومة خلال الفترة الماضية بعدد من الخطوات لتحقيق هذا الهدف وهو توفير فرص وظيفية للشباب العماني في المؤسسات الحكومية بمختلف وحداتها فعلى سبيل المثال نتابع الدور الكبير الذي تقوم به المؤسسات العسكرية في توفير الفرص الوظيفية بين فترة وأخرى، وكذلك قامت وزارة المالية في الربع الأخير من العام الماضي بإصدار تعميم حول تنفيذ سياسة التعمين والإحلال بالكفاءات الوطنية في الشركات الحكومية، وإعطاء هذا الموضوع الأولوية في المرحلة المقبلة ، حيث أعاد هذا القرار موضوع التعمين إلى المشهد العماني من جديد ، وبلا شك سيكون له مردود إيجابي ، وسيعطي دفعة قوية إلى الأمام من خلال تنفيذ بعض الخطط والإجراءات التي قد تساهم وبشكل كبير في توفير فرص عمل جديدة للباحثين عن عمل ، و تحقيق نسب مرتفعة في تعمين الوظائف المختلفة ، وخاصة القيادية والإشرافية ليس في الشركات الحكومية فقط وإنما في كافة المؤسسات الحكومية والخاصة ، ولكن هذا التعميم يحتاج إلى المتابعة المستمرة من قبل المؤسسات المعنية،  وفي مقدمتها وزارة العمل للتأكد من تنفيذ ماجاء في هذا القرار ، وإن بالفعل الشركات التابعة للحكومة تقوم بهذا النهج وتعمل على الإحلال في مختلف مستويات العمل ، وكذلك لابد من متابعة مؤسسات وشركات القطاع الخاص التي تعمل بمختلف المجالات فالمرحلة الحالية تتطلب مراجعة لأعمال هذه الشركات والمؤسسات بهدف تمكينها لتلعب دور أكبر خلال المرحلة المقبلة في المنظومة الاقتصادية ، وإن هناك خطط وسياسات جديدة سيتم إتباعها لتعزيز دور هذه الشركات ، حيث كما يعلم المتابعين فقد ظهرت خلال السنوات القليلة الفائتة مجموعة كبيرة من الشركات الحكومية وفي مجالات مختلفة وباستثمارات تقدر بملايين الريالات ، ساهمت بدورها في توفير فرص عمل للشباب والكفاءات العمانية،  لذلك فإن التوجة الحكومي في الإستفادة من هذه الشركات في توفير فرص عمل جديدة سيكون له الأثر الكبير على استقرار الكفاءات الوطنية الحالية ، وفتح باب جديد لتوفير فرص عمل للباحثين عن عمل من خلال الإحلال المبني على دراسة وخطط يتم إعدادها بشكل صحيح ، حتى تظهر النتائج المطلوبة خاصة ، وأن هذه الشركات أيضا لايزال فيها نسبة كبيرة من الوافدين الذين يعملون في مختلف التخصصات ، لذلك ولتحقيق سياسة التعمين والإحلال في الشركات الحكومية أو في مؤسسات القطاع الخاص ، سيتطلب إعداد ورفع جدول زمني محدد لمختلف المستويات الوظيفية،  بما فيها الوظائف القيادية والإشرافية وهنا المقصود أن الإحلال سيشمل على المسؤولين في الإدارة التنفيذية لهذه الشركات والمؤسسات ، وأيضا الوظائف الأخرى التي يعمل بها حالياً الوافدين ، وهنا لابد من الإشارة إلى دور الإدارات التنفيذية العمانية التي ترأس هذه المؤسسات والشركات ، وأن يكون لديها الإرادة والقناعة والحزم في تطبيق سياسة الإحلال كمصلحة وطنية في المقام الأول ، وفي نفس الوقت توفر للشركة مكاسب عديدة ومزايا في حالة توفير فرص وظيفية للشباب العماني ، فتكلفة الكوادر العمانية المادية للشركات أقل بكثير من الكوادر الأجنبية ، وأيضا الكوادر العمانية لاتقل أداء أو كفاءة ، وبالتالي سيشكل ذلك مكسب لهذه الشركات وكذلك ستعمل هذه الشركات كشريك مهم وأساسي في تنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية التي تحرص الحكومة على تنفيذها.

أن الحديث عن سياسات التعمين وعن موضوع الباحثين عن عمل له شجون  ، وهو موضوع مهم وكبير ، ويحرص جلالة السلطان المعظم شخصياً على متابعته،  وفي أكثر من مناسبة أكد جلالته على اأمية ودور القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية في التعاون ودعم واستقرار الكوادر الوطنية ، وتنفيذ كافة الخطط والاستراتيجيات التي تحقق النتائج المرجوة ، فما يحدث حاليا من ارتفاع أعداد الباحثين عن عمل سنوياً ، يتطلب تعاون الجميع وليس الحكومة فقط ، رغم أن الدور الأكبر بلاشك سيكون على المؤسسات الحكومية وعلى مجلس الوزراء الموقر في مواصلة الاستمرار والمتابعة وبشكل مباشر ، ومعرفة النتائج أول بأول ، وحث مختلف المؤسسات على تبني سياسات تعمين واضحة ذات جدول زمنى موحد حتى نحقق نجاحات جديدة في هذا المجال الهام ، والذي يشغل تفكير الجميع فلا يخلو بيت من وجود باحث أو باحثة عن عمل أو أكثر ، مع العمل على استقرار هذه الكوادر التي تعمل حالياً في مختلف المؤسسات من خلال تقديم المزيد من التسهيلات والمزايا وطرح المشاريع والمناقصات التي تساهم في تقوية مؤسسات وشركات القطاع الخاص،  حتى تقوم بدورها في مجال التوظيف وتنفيذ خطط وسياسات التعمين  ، والاستمرار في دعم وتعزيز مفهوم العمل الحر وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، نأمل أن نشهد تطورات ومبادرات في هذا المجال تساهم في التقليل والحد من ارتفاع أعداد الباحثين عن عمل ، والتعاون من الجميع لتحقيق الأهداف السامية التي حددها جلالة السلطان المعظم في هذا الموضوع.