بقلم: محمد بن علي البلوشي
قبل شهور وفي هذا المكان تناولت دور المحافظين والمحافظات المستقبلي وقلت إنها تجربة صعبة لكن يمكن قهر الصعوبات بالإرادة الصادقة والعزيمة التي لاتلين حيث تعول الدولة الكثير نحو ترسيخ اللامركزية وفي هذه السطور لابأس بالتذكير بالمحافظين وصورة المحافظات وبخاصة بعد صدور المراسيم السلطانية الأخيرة.
في كثير من دول العالم وبحسب التشكيل والتقسم الإداري فإن كل ولاية أو محافظة تعتمد على ذاتها لديها اقتصادها ومجالسها التي تدير الولاية أو المحافظة من كل الجوانب الاقتصادية والتجارية وسن التشريعات الداخلية للمجتمع والقوانين المحلية إلى التربوية والثقافية والإجتماعية والعمل وغيرها..تتدخل الحكومة في نطاق ضيق على المستويات العامة فقط في الحالات الوطنية كالكوارث وضبط الأمن وغيرها وهي مسؤولية تتباين بين دولة واخرى.نحن لانحتاج من المحافظات أن تسن قوانين وتشريعات فذلك صعب التنفيذ ونجاحه غير مضمون..هذه تسنها الحكومة المركزية التي لاغنى عنها في منظومتنا الإجتماعية.
نحتاج إلى محافظات مستقبلية تزدهر وتدير شؤونها وأمورها ذاتيا حيث تستطيع أن تستفيد من التشريعات التي تمنحها الدولة لها والتي لازالت بعد المرسيم الاخير توفر لها البنية الاساسية لتتقدم وتنمو إلى الأمام وتخفف من هيمنة المركزية التي قد تبطيء المسار نحو أستقلالية شؤونها وفق مسؤولية متدرجة وبخاصة في مجتمعاتنا ذات التركيبة الإجتماعية التي يعلمها الكل.وبحكم توجه الدولة لمنح المحافظين الصلاحيات فإن أقل مانحتاجه هو الوقت لمعرفة كيف ستكون الصورة النهائية لاداء المحافظين وشكل المحافظات الذي ترسمه المخيلة في صورة الحكم المحلي وتراقب الحكومة المركزية اداؤه وتعالج بواطن الخلل إن ظهرت وتقويمها حتى لاتحرف عن رؤية الدولة ومشروعها في أن تصبح المحافظات تدير شؤونها وشؤون الناس في المحافظات وفق معايير وضوابط تحقق لها الهدف.
ذكرت أن كل محافظة ينبغي أن تنمي أقتصادها لتوفير فرص عمل لابناء الولاية وجلب استثمارات فيها لكن المحافظات لن تنجح بدون تدخل الحكومة لجذب المستثمرين؟..غرف التجارة المتواجدة في المحافظات لم تحقق الكثير في الواقع عدا بسط المطالب واقامة الندوات التي لم تثمر نتائجها عن أقتصاد قوي في المحافظات لأسباب قد تكون منها انعدام الحس الاستثماري لرجال ألاعمال واصحاب الاموال في المحافظات واتجاههم إلى الاستثمار السهل الذي لايوفر فرص العمل الدائمة وتستفيد منه دائرة صغيرة فقط بسبب قدرتهم المحدودة في استكشاف توجيه اموالهم للمحافظات..قامت الحكومة في الثمانيات بمحاولات –غير واقعية – لتأسيس شركات أهلية في بعض المحافظات لكنها اخفقت لأنها فكرة غير ناجحة..الشركات الأهلية في هذه الكيانات المحلية عرضة للصراع بين المجموعات السكانية والفساد في التشغيل والتوظيف والصراع على النفوذ والمكاسب حيث ستسعى كل جماعة لمحاولة الاستحواذ على النصيب الاكبر من الفوائد. بعد كل ذلك نشأ في المحافظات -وبصورة عامة في البلاد- أقتصاد ضعيف ومتواضع إضافة صورة السوق عبر التجارة المستترة التي تسيطر على مفاصل اقتصاد المحافظات فرغبة الناس في ولوج هذا السوق متدنية جدا لعوامل إجتماعية وتعليمية وهذا يتطلب أن تعالجه المحافظات للبدء بتغيير فكر المجتمع فالسوق الحر والمهن والانشطة هي كنز لايقدر بثمن ويتهافت عليه الناس في البلدان الاخرى فهو موفر للأعمال والوظائف.حسنا يمكن لرجال الاعمال اليوم أن يطرحوا الافكار الخلاقة لتنمية وازدهار المحافظات بعد أن كانوا يسوقون مبررات أتخذوها ذريعة لعدم وجود بيئة ملائمة لنمو الأعمال.
وكذلك على المجالس البلدية أن تكون أكثر أبتكارا في مساعدة المحافظين والمحافظات على النمو والخروج من الدائرة الضيقة لدور العضو في المجلس البلدي وان يكون مساعدا لامعرقلا ومناوشا.
كذلك فإن المجتمع المحلي في كل محافظة ومع وجود جيل جديد -لنقل مجازا أنه أكثر تقبلا للحوار والنقاش والاقناع بالافكار الجديدة -مساعدة المحافظات في هذا الإطار لتنجح في مساعيها ..الذي يضرب المحافظات والولايات هي كثرة المشاكل المحلية الإجتماعية التي تتراكم على المؤسسات المحلية فتمتص الوقت وتسرق الجهود التي ينبغي أن توجه في مصلحة المجتمع ..كذلك فإن مؤسسات الحكومة في الولايات والمحافظات تنخر فيها البيروقراطية العميقة التي تشكلت على مدار سنين طويلة وقد تكون لها اسبابها في ذلك الوقت لكن اليوم تتوفر إرادة الحكومة لتقليص واجتثاث البيروقراطية في تلك المؤسسات حتى تضمن نجاح مشروع المحافظات الذي لاأتصور أنه سيجد مقاومة من جهات حكومية في المحافظات الذي يدور في البال :هل تستطيع المحافظات والمحافظين أن ينجحوا بتنفيذ إرادة الدولة ..وسألت في مقال سابق وذكرت أن على المحافظين أن يقولوا لنا ماذا يريدون لينجحوا ومالذي يعيقهم ..ومع مرور الايام يمكن ن يتشكل فهما أكبر وبشكل جلي بعد تراكم الممارسة.فهم بحكم الخبرة في إدارة الشؤون المحلية يعلمون ماذا لديهم ومالذي ينقصهم. وعليهم أن ينسوا الدور التقليدي الذي ظلوا عليه لسنوات مع تحديث التشريعات المتعلقة بالمحافظات وهم قد يعلمون مالذي يؤخر ويعرقل نشاطهم والتحديات التي قد تحد من تنفيذ رؤاهم ورؤى الدولة..
هذا في المرحلة الاولى حتى تستطيع المحافظات أن تقف على قدميها وتنسجم تلقائيا في إدارة شؤونها الذاتية بإحترافية إدارية متطورة وتكون إدارة محلية ذاتية في كل شؤونها من الصحة والمدرسة والبلدية والإسكان وغيرها من الشؤون العامة الحكومية المتواجدة بالمحافظات
حتى الفترة الفائتة شاهدت حراكا في المحافظات وهو المشاريع التي بدات تنموا وتشق طريقها وهي في الواقع مشاريع خدمية وتحتاجها البنية الاساسية لكن في الفترة اللاحقة سنرى ماذا فعل المحافظون واين تتجه رؤية الدولة هل نجحت فعلا..أم هناك كوابح تحد من تحقيق الأهداف المرجوة.
إن نجاح المحافظات سيتمثل في أبسط صورة: لن يأتي الناس إلى مسقط إلى للسياحة في عاصمة بلادهم لا لمراجعة الدوائر الحكومية أو البحث عن عمل.