بقلم : محمد بن رامس الرواس
" عندما تقابله وتلتقيه يستقبلك بابتسامته المعهودة المملؤة بالسكينة والطمأنينة فتصافحك تلك الابتسامة العطرة قبل ان تصافحك يده "
إن قوة الأمم وعظمتها تقاس بنبوغ رجالها الافذاذ من حملة مشاعل العلم والمعرفة والنور والضياء للعالم أجمع، وحتى لا اطيل في المقدمة واسهب كثيرا في شريف اخلاقه ولا دماثة اخلاقه واولها التواضع فان فعلت فستنتهي المساحة المحددة لي للمقالة قبل ان أوفيه حقه، أنني اتحدث عن العالم الرباني العُماني الذي لا يزال يعيش بيننا اليوم بفضل الله وحمده أنه الشيخ العلامة أحمد بن محمد الخليلي مفتي السلطنة، رجل يقاس في هذا الوقت بمئة عالم في زمن كثر فيه الهرج والمرج.
ولد الشيخ أحمد بن حمد الخليلي عام 1942 ونشأ بجزيرة زنجبار بعد ان رحلت اليها اسرته طلباً للرزق وكانت حينها الجزيرة تابعة للدولة العُمانية، وهو ينتسب لأسرة متدينة يرجع نسبها للأمام الصالح الصلت بن مالك، لم يتحصل للشيخ أحمد ان يلتحق بمقاعد الدراسة النظامية وهو صغير لكنه حين بدء في تحصيل العلم الشرعي اقبل عليه بهمة وبفؤاد ذكي لا يعرف الكلل ولا الملل حتى اصبح علماً من اعلام هذا الزمان، وبعد عودة اسرته عام 1964م من زنجبار استقر به الحال في بهلا ثم في مسقط مدرساً للعلوم الشريعة بمسجد الخور، تتلمذ الشيخ على يدى العديد من العلماء ومنهم مفتي عُمان حينها الشيخ أبراهيم بن سعيد العبري حتى اصبح من الاعلام وتصدر للفتوى حتى اصبح مفتي عُمان وهو شاباً عام 1975م.
أن سعة علم الشيخ أحمد تكمن في سعة مداركه وانفتاح فكره ولقد ربحت الأمة الإسلامية في هذا الزمان رجل بمواصفاته وعبقرتيه وصلابته للدفاع عن الحق وعن دينه الحنيف ورسوله الكريم وليس أدل من ذلك ما كتبته احدى الصحف الهندية وأشارت فيه الي قوة اعتراض الشيخ أحمد على ما صدر من تصريحات مسيئة للرسول عليه افضل الصلاة والسلام وما تبعه بعد ذلك من حراك حكومي خاصة من دول الخليج، لقد كان ولا يزال الشيخ الجليل يدافع بفم ملؤه الصدق والحق عن المقدسات الإسلامية واولها المسجد الأقصى المبارك فيقف موقف العلماء الأوائل في وقفتهم في تحريم ما حرم الله فهو يعلم تمام العلم أنه مفتي وعليه أمانة عظيمة لأمته العُمانية اولاً ثم لدينه الحنيف ورسوله الكريم ومقدسات الإسلام، لذلك يحق لنا أهل عُمان ان نقف وقفة اجلال واكبار لمثل هذا العالم الرباني في زمن قل فيه أصحاب الحكمة والحجة من علماء المسلمين بالشرق والغرب.
لقد تنوعت كتب الامام أحمد بن محمد الخليلي – أطال الله عمره- بين كتب التفسير والعبادات والفتاوي وهي عديدة وكثيرة ومن أهمها كتاب "جواهر التفسير" وأخرها " مصرع الإلحاد" وهو كتاب يبرهن على اهتمام الشيخ الجليل واستشعاره ما يعانيه الشباب المسلم من اغتراب في هذا الزمن، وقبل ان اختم لن اتحدث عن المناصب ولا الاوسمة ولا التكريمات التي حظى بها الشيخ احمد لأنها لا تشغله ولا تعنى له شياً الا من باب التواصل والمشاركة والحوار والحضور، لذلك ستظل كتبه ومحاضراته ودروس علمه وبحوثه العلمية هي ما تلقى كامل العناية عنده وهي جّل ما يشغله.