سفيرنا لدى القاهرة يهدي موسوعتين عن التاريخ والجغرافيا العمانية إلى مكتبة الإسكندرية

بلادنا الخميس ٢٦/مايو/٢٠٢٢ ١٤:٤٠ م
سفيرنا لدى القاهرة يهدي موسوعتين عن التاريخ والجغرافيا العمانية إلى مكتبة الإسكندرية

العمانية - الشبيبة

 مستشهدا بجملة عبقرية للكاتب والشاعر الأرجنتيني الشهير بورخيس يقول فيها “لطالما تخيّلت الجنّة على هيئة مكتبة” أهدى سفير سلطنة عمان في القاهرة سعادة عبد الله بن ناصر الرحبي مكتبة الإسكندرية العريقة عملين موسوعيين عن تاريخ وجغرافيا عمان.

الموسوعة الأولى هي موسوعة “عمان منذ الأزل” وهو عمل مميز ونادر يكفي الاطلاع عليه لمعرفة الإسهام الحضاري لعمان كمجتمع ودولة في الحضارة الإنسانية، والموسوعة الأخرى هي موسوعة “جبال عمان” التي تشكل جزءا هاما من الجغرافيا والتضاريس الطبيعية الفريدة المتنوعة لعمان بين جبال شماء، وأودية وسهول وسواحل بحرية من أطول السواحل العربية.

أشرف على الموسوعتين معالي المستشار محمد بن الزبير المستشار السابق لجلالة السلطان قابوس للتخطيط الاقتصادي، والذي أوكلت إليه العديد من المشروعات الثقافية الكبيرة مثل موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية.

‎ وتحوي الموسوعة الأولى (عمان منذ الأزل) الإسهام الحضاري لعُمان كمجتمع ودولة في الحضارة الإنسانية أما الموسوعة الثانية بعنوان (جبال عمان) التي تشكل جزءا مهما من الجغرافيا والتضاريس الطبيعية الفريدة المتنوعة لسلطنة عمان.

وقال الرحبي أنه تم إهداء مكتبة الإسكندرية العريقة والتي استأنفت دورها كجسر بين الثقافات والحضارات في العالم كما كانت تفعل المكتبة في التاريخ القديم –هاتين الموسوعتين اللتين كان الفضل في ظهورهما إلى النور، رؤية السلطان الراحل قابوس بن سعيد.

وتذكّر في هذا الصدد موقفين للمغفور له السلطان  قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه- لا يمكن له أن ينساهما، لما لهما من إسهام كبير في استمرار المجتمع العماني في تقاليد التسامح ورفض أي مظاهر تطرف، كالذي مرت به دول أخرى، الموقف الأول كان عند لقائه بالطلاب العمانيين حين وجّه لهم كلمة عفوية “لن نسمح بمصادرة الفكر” حيث رأى أن مصادرة الفكر والتدبر، من أكبر الكبائر وأن كل آية في القرآن الكريم تدعو للتدبر والتفكير، أما الموقف الآخر فقد برز عندما سأل عن أطول الجبال في عمان ولم يجب أحد، فقرر عمل موسوعة “جبال عمان” وهي ترصد جبال عمال الشامخة وارتفاعاتها، وتصف المشهد الجغرافي البديع لسلطنة  عمان .

وأثناء الإهداء الذي تسلمه السفير شريف رياض رئيس قطاع العلاقات الخارجية والإعلام بالمكتبة، نيابة عن الدكتور مصطفي الفقي مدير مكتبة الإسكندرية، دشن الحضور كتابين جديدين عن عمان لباحثين مصريين جادين، الأول بعنوان “الإمبراطورية العمانية في شرق إفريقيا: شرق وغرب” للباحث الدكتور صالح محروس، والآخر “زياد بن المهلب” للباحث محمد إبراهيم، وذلك في حضور وزير القوى العاملة السابق د. جمعة بن علي، والأستاذ طايع جندل رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للتمويل، والسفير شريف رياض رئيس قطاع العلاقات الخارجية والإعلام بمكتبة الإسكندرية، وعدد من أساتذة جامعة الإسكندرية.

ولفت سفيرنا، أن حفل تدشين كتابي الباحثين المصريين يأتي ضمن فعاليات “الصالون الثقافي العماني” الذي يعقد تحت اسم البحار العماني والعربي الشهير أحمد بن ماجد الذي يعقد بانتظام بمقر السفارة العمانية، موضحا أن الصالون يهدف إلى تعريف الشباب المصري والعربي بالتاريخ العماني، والثقافة العمانية مؤكدا على أهمية تعميق الدبلوماسية الثقافية لدي الشباب، وليس فقط الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي التي أحيانا ما تعوزها الدقة، وأشار إلى أنه يعوّل كثيرا على هذا الصالون، كمحطة للتعريف بتاريخ وحضارة عمان للشباب والباحثين المصريين .

‎‎ولفت الرحبي إلى أن كتاب الباحث الأول “الإمبراطورية العمانية في شرق إفريقيا: شرق وغرب” يعكس سماحة الشخصية العمانية وتقبلها للآخر، ويُفصّل بوضوح مساهمة العمانيين في التاريخ الإنساني، وكيف نشأت الإمبراطورية العمانية، وكانت أيقونتها “زنجبار” وكيف نجح العمانيون في نشر اللغة السواحلية، وهي مزيج بين اللغة الأفريقية والعربية، حيث يصل عدد متحدثيها حاليا إلى نحو(140 ) مليون نسمة، أما الكتاب الثاني فيتناول تاريخ زياد بن المهلب بن أبي صفرة، القائد العربي الإسلامي الشهير، من عائلة المهلب التي تنتمي إليها العائلة المالكة في عُمَان.

وأضاف سعادته أنه إذا كان الكتاب الأول قد قدّم نظرة فاحصة في التواصل الحضاري العماني مع شرق أفريقيا، فإن الكتاب الثاني يقدّم صورة رائعة للتواصل الحضاري العماني في المشرق وآسيا، حيث تتجلّى في هذا الكتاب عميقا حكاية من حكايات المجد العربي.. تتجلّى سيرة أسرة عمانية عريقة تمتد جذورها من أعماق التربة العمانية؛ لتورق ثمارها الطيبة في العراق وخراسان ووسط آسيا وبلاد السند ومصر وشمال أفريقية وشرقها.. ثم تتوزّع على أرض الوطن العماني الغالي من دبا إلى أدم.. أسرة منها الصحابة والتابعون والفاتحون والولاة.

وأعرب عن سعادته بتواجده في مكتبة الإسكندرية ووصفها باللحظة الثقافية الفارقة، وقال أن مكتبة الإسكندرية هي نقطة تواصل بين دول العالم وتستكمل دور المكتبة القديمة، كجسر بين الحضارات والثقافات، مشيرا إلى أنه خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، وأنه يعتز بأن هذه الكلية التي واصل فيها دراساته العليا كانت هي بداية تكوينه المعرفي .

من جهته قال الباحث د. صالح محروس محمد صاحب كتاب “الإمبراطورية العمانية في شرق أفريقيا: شروق وغروب” أنه تناول قصة التاريخ العماني منذ بداياته حتي الآن، والوجود العماني في منطقة شرق أفريقيا والخليج العربي وكيف حكم العمانيون شرق أفريقيا ثلاثة قرون رسمية، مشيرا إلي عمق العلاقات التجارية العمانية مع دول تلك المنطقة خلال القرن السابع عشر .

‎وأضاف الباحث: أن العمانيين أنقذوا دول شرق أفريقيا والخليج العربي من استعمار البرتغاليين.

‎وأشار صاحب الكتاب، إلي أسرة آل سعيد ومؤسسها أحمد بن سعيد من ( 1753-1783) متناولا في كتابه أقوى عصور الإمبراطورية في العصر الحديث، ألا وهو عصر السيد سعيد بن سلطان في الفترة من (1804-1856) موضحا ما بلغه الأسطول العماني في عهده من قوة وسيطرة، ونمو الاقتصاد وغناه خاصة بعد دخول أهم محصولين تجاريين وقتها وهما القرنفل و جوز الهند.

وأخيرا أعرب الباحث عن حرصه على أن يشمل الكتاب الآثار الحضارية التي تركها العمانيون في دول شرق إفريقيا، ونجاحهم الفريد في نشر الإسلام سلما ودعمهم للغة العربية واللغة السواحلية، لافتا إلي أن التاجر العماني الذي تميّز بالخلق والاحترام والنزاهة والشرف؛ كان القدوة في تحول الأفارقة للإسلام، وليس الغزو، مشيرا في هذا الصدد إلى مثال شهير؛ فبفضل أحد التجار العمانيين ويدعي أحمد إبراهيم العامري أعلن ملك أوغندا وقتئذ اعتناقه الإسلام.

وقال سفيرنا لدى القاهرة ، في تصريحات خاصة لموقع “أصوات" المصري إن العلاقات المصرية العمانية علاقات تاريخية متجذرة منذ عصور الحضارة الأولى في فترة الفراعنة، عندما زارت الملكة حتشبسوت عمان من أجل جلب نبات “اللبان“ المستخدم في طقوس المعابد الفرعونية، وتليها المحطة الثانية في فترة الحملة الفرنسية 1798، عندما ألغت الدولة العمانية اتفاقيتها مع فرنسا احتجاجا على شن الحملة الفرنسية علي مصر .

وتابع سعادته: وتأتي المحطة الثالثة الهامة في تاريخ دولتي مصر وعمان تزامنا مع عام ١٩٤٠، عندما زار السلطان سعيد بن تيمور والد السلطان قابوس مصر وعقد لقاءً مطولا مع الملك فاروق و بعدها زار القدس.

ومع وصول جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد إلى الحكم أخذت العلاقات الثنائية دفعة سياسية وثقافية غير مسبوقة، استهلها السلطان قابوس بزيارته لمصر عام 1972، كأول زيارة تلتها عديد الزيارات، وقد رفض بنظرته السياسية الثاقبة قطع علاقته بمصر في الوقت الذي قطع فيه معظم العرب علاقاتهم مع مصر بعد اتفاقيات كامب ديفيد .

وأضاف الرحبي، أن العلاقات المصرية العمانية هي علاقات متطورة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي زار دولة عمان، وكانت الزيارة محل تقدير واهتمام واسع على مستوى القيادتين المصرية والعمانية .

خاصة مع تولي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ، حكم البلاد، وما أعقبه من دفعة كبيرة لعلاقات السلطنة مع مصر وجوارها العربي والإقليمي والدولي .

وأعرب سفيرنا عن اهتمامه بضرورة التركيز على دعم العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ورأى أن العلاقات السياسية تاريخية ومستمرة، ولكن تأتي الدبلوماسية الاقتصادية، لتكون محل اهتمام أكبر في هذه المرحلة من خلال التبادل التجاري والشراكة والاتفاقيات التجارية بين رجال الأعمال في الدولتين .

ومن جانبه أكد السفير شريف رياض رئيس قطاع العلاقات الخارجية والإعلام بمكتبة الإسكندرية، عن مدى عمق العلاقات المصرية العمانية في جميع المجالات، معربا عن افتخاره أن يصبح لدي المكتبة هذه الكتب والموسوعات العمانية المهداة التي تعد بمثابة قيمة مضافة ثرية للمكتبة .

كما أهدى الرحبي إلى  مكتبة الإسكندرية، درعا تسلمه السفير شريف رياض، نيابة عن الدكتور مصطفي الفقي المفكر السياسي ومدير مكتبة الإسكندرية.