بقلم : محمد محمود عثمان
التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية على أوكرانيا تختلف من دولة إلى أخرى، تبعاً للمعطيات على الصعيد العالمي، وتبعاً للمؤشرات الاقتصادية المختلفة، بعد أن فرضت هذه الحرب العديد من التحديات لجميع دول العالم، لأنه بحسب بيانات البنك المركزي الروسي، فقد بلغت الاستثمارات الخارجية لروسيا نحو 482 بليون دولار، تشمل الاستثمارات المالية وغير المالية، وتتضمن كذلك استثمارات البنوك والشركات والحكومة والقطاع العائلي، وهو مبلغ ضخم ، سوف تتأثر منه وبه الاستثمارات العالمية ومنها المنطقة العربية التي تربطها بروسيا مجموعة من الأنشطة الاقتصادية، على رأسها استثمارات في قطاع النفط والغاز، كما هي الحال في العراق ومصر، في الوقت الذي نشهد فيه أيضا زيادة عمليات تصفية الاستثمارات في بعض الدول ، لذلك بدأت المخاوف تساور الجميع تحسبا من المستجدات والمتغيرات غير المتوقعة إذ استمر سيناريو الحرب لفترات أطول، واحتمالات عدم قدرة روسيا على الوفاء بسداد التزاماتها الدولية مع دول الغرب ، الذي سيواكبه تخوف من تدفق الاستثمارات التي نقول عنها دائما إنها هى المشكلة لأنها من أهم بل أهم مصادر التمويل للمشروعات العملاقة التي تسهم في التنمية الاقتصادية ونقل وتوطين التكنولوجيا ، والمستثمرون هم أول من يتحمل المعاناة من النظم والقوانين والتشريعات غير المتطورة، والخوف من التغيرات المفاجئة والمتقلبة وغير المتوقعة للقوانين المنظمة للاستثمار وللتعامل مع المستثمرين ، كما تعاني أيضا من عقليات وتصرفات القائمين على التنفيذ ،ومدى قدرتهم على انسياب العمل وتحقيق الأهداف التنموية التي نخطط لها خاصة في الدول النامية التي لا تلتزم حتى بتطبيق القوانين القائمة وتجعلها عقبة كؤود أمام المستثمرين ، حتى أن بعض الدول أنشأت مؤسسات خاصة بالتنفيذ، ولكنها للأسف احتاجت إلى التنفيذ الذي يحتاج إلى عقليات بفكر جديد ومتطور تكون قادرة على التنفيذ لأن جلب وجذب الاستمارات الجديدة والمحافظة على الاستثمارات القائمة مشكلة حقيقة ،ولم نصل بعد إلى الصيغة المناسبة للتعامل معها لارتباطها بجهات ووزارات متعددة ففقدت لغة الحوار والتنسيق الكامل فيما بينها ، على الرغم من المحاولات المتكررة للإعلان عن وجود منافذ وبوابات أو منصات واحدة لإنجاز الأعمال وتقديم الخدمات ، وحل مشاكل المستثمرين التي لا تنتهي ، وأصبح التحدي الحقيقي هو كيف نساعد المستثمرين للمحافظة على مكاسبهم خلال الفترة الفائتة والعمل على زيادتها ، وأن تحقق عائدا مستقبليا يبرر استمرار بقاء رؤوس الأموال ،مع إعطائهم خيارات البحث عن استثمارات جديدة، يمكن أن تستفيد من المتغيرات الحالية، من خلال الاستثمارات منخفضة المخاطر التي تستفيد من ارتفاعات سعر الفائدة، حتى وإن كانت عوائدها محدودة، خصوصا في الفترة الحالية،خاصة مع تراجع الصفقات الجديدة في مجال تمويل المشاريع العالمية بأكثر من 40 % وتوقعات متشائمة حول تقلص تدفقات الاستثمارالأجنبي المباشر إلى البلدان النامية في أفريقيا وآسيا ،وهذا يحتم على واضعي السياسات في بلادنا العمل على تحقق الآتي : حماية المستثمرين والاستثمارات القائمة لضمان استمرارها لتحقيق خططها وأهدافها التي تشارك في خطط التنمية المحلية-الحفاظ على بيئة غير طاردة أو منفرة للأنشطة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية - إيجاد فرص جديدة لاجتذاب مشروعات المؤسسات والشركات المتعددة الجنسيات.- توفير الثقة التي تشعر المستثمرين بالأمان والاطمئنان لأن المستثمرالخائف يظل مترددا في اتخاذ قرار الاستثمار أوالاستمرار فيه - العمل على تبديد المخاوف من الشعارات الجوفاء التي يطلقها البعض حول سهولة الاستثمار وسرعة إنهاء الإجراءات في وقت قياسي ،أو من خلال النافذة الواحدة وتحديد الوقت المحدد لإنهاء الخدمات والالتزام به - توفير الأيد العاملة الرخيصة الماهرة والمدربة التي تعد من أهم العناصر الجاذبة للمشروعات الجديدة، والتي تساعد على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة - التخلص من الإجراءات الروتينية والتعقيدات الإودارية بكل صورها وأشكالها ، التي من شأنها إضاعة الوقت والجهد والمال وزيادة التكاليف والنفقات ، حتى يتم الحصول على الموافقات والتراخيص التي قد تستغرق شهورا حتى يتم بدء النشاط الاستثماري، يتحمل خلالها المستثمر خسائر تتمثل في الإيجارات وأجور العاملين وما يتبع ذلك من مطالبات قضائية - تصفية وتنقية التشريعات المحلية لتتوافق مع القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية المعنية بحقوق العمال المهاجرين وأسرهم ،لضمان استقرار الأيدي العاملة الفنية الرخيصة ، ولتكون لها القدرة السريعة على احتواء معوقات ومشكلات العمل التى قد تتعرض لها كافة القطاعات سواء العمال أم أصحاب العمل - وجود دوائر قضائية عمالية واقتصادية مؤهلة ومتخصصة للفصل السريع في المنازعات التجارية والاقتصادية في مجال الاستثمارات وقضايا شركات التأمين وإعادة التأمين.