بناء ثقافة المؤسسات

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٨/مايو/٢٠٢٢ ٠٨:٥١ ص
بناء ثقافة المؤسسات

بقلم : محمد بن رامس الرواس

تدعو رؤية عمُان 2040 الي إيجاد تغيير في طريقة التفكير بسلوكيات بيئات العمل من خلال زيادة الوعي الوظيفي فيما يتعلق بترسيخ منظومة ذات نزاهة وشفافية وقّيم تساعد وتسهل في الانتقال الي مرحلة متجددة واولها واشملها واهمها السلوك الأخلاقي والممارسات الإدارية.

بالرغم من اختلاف استراتيجيات ممارسة بناء ثقافة المؤسسات من بلد الي أخر حيث تختلف هذه الممارسات باختلاف المجتمعات والقيم والإنسان الا انها جميعاً تتفق بمضامين واهداف ثابته تهدف الي إيجاد تطلعات وأنماط وسلوكيات تخدم بناء ثقافة سلوكية مؤسسية ، وحين تُطرح وتُقدم مثل هذه السلوكيات والأفكار من خلال برامج ممنهجة فلا شك ان ذلك يساعد المؤسسات على تطبيقها بنحو يضمن لها النجاح خاصة عندما يكون ذلك مشفوعاً بتسخير كافة الإمكانيات المتاحة والقدرات المتوفرة بالمؤسسة لتعزيز قيم الابتكار والعمل الأخلاقي فتصبح النتائج النهائية مرضية للجميع بعون الله وتوفيقه. وخلال هذه المقالة من المفيد أن يتعرف القارئ الكريم على خلاصة تجربة احدى الشركات العالمية لتكون نموذجاً يمكن من خلاله الاستفادة عند بناء ثقافة مؤسسية مستدامة فيستطيع من خلالها أن يستخلص أفضل الآليات والممارسات التي كانت تقود مثل هذه التجارب الي النجاح المأمول .. شركة سيمنز الألمانية وضعت ورسخت خلال تجربتها في بناء ثقافتها المؤسسية عدة محاور كان أولها بناء العلاقة في بيئة العمل بالتزامن مع خلال قيامها بنقاش أهم التحديات والصعوبات التي يمكن مواجهتها فيما يتعلق بالشفافية والنزاهة حين يتم ترسيخ الممارسات الأخلاقية اثناء العمل في جميع الأقسام وعلى كافة تقسيمات المؤسسة ، لذا تم وضع وتحديد الطرق التي يجب ان تتبع للحفاظ على القواعد الأخلاقية خاصة خلال مراحل بناء الثقافات المؤسسية المهنية. كانت تجربة شركة سيمنز في هذا المجال ناجحة حيث وضعت الشركة برنامجاً مختصاً حددت فيه الموظفين الاكفاء ودربتهم وعينتهم واطلقت عليهم «سفراء النزاهة« عبر مكاتبهم المنتشرة بالمؤسسة ليجسدوا ما تلقوه من برامج ونظم وقيم ومعارف وسلوكيات والتزام ، واسندت لهم مسؤولية توعية زملائهم في بيئات العمل المختلفة سواء إدارية او فنية بكيفية ممارسة وتطبيق الثقافة الأخلاقية وسلوكياتها.

وعلى الجانب الآخر عقدت الشركة دورات مكثفة لكبار التنفيذين في الإدارة فيما يتعلق بشرح المدونة الأخلاقية بتفاصيلها من أجل ان تتكون لديهم ثلاث نقاط مهمة في بيئة العمل ، وهي اخلاقيات العمل ، ومدونات السلوك الوظيفي ، ومدونات الممارسات المهنية وكان الهدف بلا شك هو مساعدة المؤسسة على تطبيق الفهم الصحيح لقراراتها ، وبعد ذلك ربطت ما قدمته للإدارة العليا بالشركة مع سفراء النزاهة والمجموعات ذات الصلة لتعريف الموظفين بالسياسات المطلوبة في بناء ثقافة أخلاقية مهنية فعالة ، ولم يغب عن شركة سيمنز الإدارة الوسطى حيث انه أمر حيوي من أجل قيادة ثقافة مؤسسية أخلاقية لخلق مزيد من الوعي الذي يدعو الى ضرورة حدوث مثل هذا التغيير. من خلال بحثي حول هذا الموضوع في أكثر من مصدر وجدت ان معظم التجارب الناجحة تشير الي أهمية وجود قادة الاعمال والمديرين التنفيذيين ومن في حكمهم كقدوة حسنة من خلال ابرازهم لأفضل الممارسات في هذا الشأن في إداراتهم فجسدوا النموذج القدوة الذي كان مفتاح نجاح التجارب جميعها.. قبل الختام من الأهمية ان نشير الى مرحلة ما قبل التنفيذ لمثل هذه البرامج حيث يسبقها تقديم ورش عمل ، وجرعات معلوماتية معرفية ومناقشات حوارية حول برامج الامتثال في أى مؤسسة للتعريف بقواعد السلوك التي بدورها تسمح بوجود ثقافة مؤسسة أخلاقية وشارحة لآليات واضحة وبرامج رقابة وحوكمة قانونية.