بقلم : سالم العبدلي
تقاس أنتاجية الموظف دائما بالأداء الذي يقدمه في مؤسسته وسرعة تنفيذ وإنجاز المهام الموكلة إليه وتختلف طريقة قياس الأداء من وحدة إلى أخرى حسب طبيعة العمل وحسب أهداف ومهام تلك الوحدة وبشكل عام فإن إنتاجية الموظف في أغلب الدول العربية تعتبر منخفضة قارنة بالدول المتقدمة خاصة في القطاع العام حيث يغلب على العمل الروتين والاتكالية وغياب تقييم الأداء الذي يعتمد على العقاب والثواب وفي شهر رمضان يزداد الوضع سوءاً فتقل الإنتاجية بشكل كبير.
شهر رمضان هو شهر الخير والعبادة والعطاء والتسامح والبذل وهو شهر المغفرة والعتق من النيران ، يأتينا سريعا ويذهب سريعا فما هوإلا (اياما معدودات) ، وهنا نحن نعيش أيامه الأخيرة وعلى مر التاريخ الأسلامي تعتبر أيام رمضان مليئة بالجد والاجتهاد والعمل الدؤوب ولا يتخللها الكسل والنوم والخمول ولا سهر الليالي دون فائدة .
مع دخول الشهر المبارك يستعد البعض لتغيير عاداته الاستهلاكية وبرنامجه اليومي ، سواء من الناحية السلوكية أو الاقتصادية أو من خلال الأنشطة والروتين اليومي الذي يتغير بشكل كبير في هذه الفترة، فالمؤسسات الرسمية غالباً ما تشهد غياباً شبه جماعي في بداية الدوام الذي لا يتجاوز خمس ساعات في القطاع العام وست ساعات في القطاع الخاص وتكون أمزجة بعض الموظفين متعكرة تميل إلى العصبية ويظهر عليهم علامات التعب والاجهاد والكثير من الأعمال والاجتماعات يتم تأجيلها إلى بعد رمضان والعديد من المعاملات تظل في الأرفف إلى أن ينقضي الشهر المبارك.
علماء النفس أكدوا أن شهر رمضان هو شهر السيطرة على النفس والشهوات، وتهذيب السلوك الإنساني ورغم كل المزايا والدروس الطيبة التي يجب أن نتعلمها من الشهر المبارك، ونتعود عليها في حياتنا طوال العام إلا انه لوحظت ظواهر غريبة تفشت بين الصائمين تتمثل في انفلات الأعصاب والسباب والمشاحنات وغيرها من الأعمال غير المتفقة مع شهر الصوم حتى حوادث السيارات تزداد في رمضان ربما بسبب السهر الطويل.أباؤنا واجدادنا عاشوا في الفترة التي لم يكن فيها وسائل الراحة الحالية فلم تكن لديهم كهرباء ولا مكاتب مكيفة ولا سيارات ورغم ذلك كانوا يعملون في رمضان حاله حال بقية الأشهر ولم يتقاعسوا في جني المحاصيل في القيظ وحراثة الأرض والزراعة ومنهم من كان يمارس نشاط الصيد والتجارة.
المسلمون الأوائل كانت لهم صولات وجولات ولم يركنوا إلى الراحة والكسل في شهر الصوم ففي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت أغلب غزواته في شهر رمضان المبارك حيث أن غزوة بدر الكبرى كانت في العام الثاني للهجرة وفتح مكة كان في السنة الثامنة للهجرة ومعركة القادسية في السنة الخامسة عشرة للهجرة وفتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد كان في شهر رمضان عام 92 للهجرة وحرب أكتوبر ضد إسرائيل والتي حقق فيها العرب انتصارا على العدو الصهيوني لأول مرة كان في الشهر المبارك.
وأخيرا نقول لو استطعنا تنظيم أوقاتنا في هذا الشهر المبارك والذي يوشك على الرحيل وقللنا من اللعب والسهر وخصصنا أوقاتاً للنوم والراحة واخرى للعبادة فإننا نستطيع ان نتغلب على الارهاق والتعب ونذهب إلى أعمالنا ونحن في أوج نشاطنا وبالتالي سوف ينعكس ذلك على إنتاجيتنا ونستطيع أن نتعلم من مدرسة الصوم الكثير من القيم والصفات الحميدة.