بقلم : محمد بن علي البلوشي
تقول الإحصائيات أن عدد المهاجرين والمسلمين في السويد بنحو 500-800 ألف نسمة يعيشون في هذا البلد الأسكندنافي ويتمتعون بكل الحقوق..يعملون ويعيشون ويدخلون أبناءهم المدارس ويحتكون مع المجتمع ويشتركون بالجمعيات المدنية فيه وقد يصبح بعضهم نوابا أو مسؤولين في دوائر محلية..هل من متسولين؟ ..لاأعتقد ذلك وأن حدث فإن ذلك له نظم وآليات لمعالجتها.قد يقبل البعض الاندماج في المجتمع والبعض الأخر يفضل أن يعيش على إيقاعات الشرق الأوسط بمعنى عقله في السويد لمصلحته وقلبه لهذه المنطقة بكل مساوئها وعاهاتها.. قبل أشهر إن كنتم تتذكرون ونعود للخلف إلى الحادثة التي سميت بخطف الأطفال من اسرهم ليتحولوا إلى كنف ورعاية الدولة السويدية التي أن وجدت مايخالف قوانينها المتعلقة بالطفولة فتقوم بسحب حضانة الأطفال من الاسرة لتهتم الدولة برعايتها..شنت حملة قوية مرسلة إلى الشرق الأوسط لترينا أفعال هذه الدولة الظالمة فالمعلوم أن الأطفال ملك أبائهم في هذه المنطقة وقد تتدخل الدول على خجل في هذا الشأن خشية من التقارير الأممية السنوية أو تقارير الخارجية الأمريكية التي لاتجامل صديقا قبل أن تهاجم عدوا.
أقول ذلك لأنها - السويد- دولة لها قوانينها الداخلية ومعاهداتها الدولية فتصبح ملتزمة بها أمميا فلايسمح مثلا بتزويج الأطفال دون السن القانونية او الممارسات المعتادة في الدولة القادم منها المهاجر إلى دولة اللجوء..اتهمت الأخبار السلطات بخطف أبناء المسلمين لإعادة تلقينهم بما لايتماشى مع معتقداتهم والحقيقة أن ذلك شابه كثيرا من الأخبار المضللة التي ترمي لتحقيق أهداف كثيرة وقد يكون منها إيجاد حالة عداء ديني على تلك الدولة والتهييج .حادثة شبه شبيه هذه المرة كان شخوصها أطفالاً ليس في السويد بل هنا في عمان أيضا، كان الحديث عن الأطفال ومايتعرضون له من سوء معاملة تتهم فيه الدولة أولا قبل الاسرة باسم الفقر والإهمال وإغفال السلطات المحلية عن انتشال اسرهم من الحاجة والعوز في بلد تضرب عنه طبول خيرات النفط الوفيرة.في جعلان هذه الولاية الصغيرة التي نادرا مانسمع عنها الأخبار والمواقف والمشاهد المثيرة استفزت صورة تبرع بها عابر طريق عن طفلة تبيع عصائر في رمضان للناس حيث اجتمع رمضان شهر الخير بالطفولة المعذبة في الشارع فتدفقت المشاعر..فقد استفزت الصورة الرأي العام إلى درجة كيل الاتهامات بالتكاسل وعدم الأهتمام إلى إرجاع السبب في ذلك باتساع رقعة الفقر على الصعيد الوطني وكل الأسباب التي يمكن أن نسوقها كانتقادات أو اتهامات..في الواقع تساعد وسائل التواصل على صنع المشاعر وتوجيه الرأي العام للأغلبية الساحقة من العوام..تحول الحديث في بدايته عن طفلة عمانية بالقول أنه ينبغي لعمان -الدولة المثالية- التي لاينبغي أن يعمل الأطفال فيها عمانيين كانوا أو غير عمانيين للحاجة ..يصبح ذلك مباحا عند مساعدة الأبوين وقت الفراغ وهو امر مقبول..وليس مقبولا عملهم على حساب الدراسة أو الطفولة. وجود الطفلة في المكان لم يكن وليد اللحظات فقد يكون قد مضى لها شهورا ضمن شبكة من أخوانها تعمل للبيع..والمفاجأة أنها غير عمانية ليتم لاحقا تحييد الأراء في إطار إنساني مقبول..لماذا يستمر الناس في تحريك المياه الراكدة دون أن يلتفت لها الموظفون..هناك عدة إجابات منها أن الموظفين العموميين المعنيين بهذه المتابعة غالبا قد لايبالون بهذه المشاهد خارج أوقات عملهم كما أن تبليغ السكان عن هذه الحالات قد يواجه بالإهمال من الجهات المعنية أو اللامبالاة من السكان ذاتهم في جملة «دعهم وشأنهم». في الغالب يميل معظم العرب وبسبب البناء الأسري إلى مساعدة الأبناء لأسرهم مع أبائهم في الإجازات وفي دول أخرى يعملون من أجل العمل بسبب الظروف المعيشية وهو أمر مألوف جدا..والذي حدث كان تشغيلا حقيقيا وليس ضمن التعاون أو قضاء وقت الإجازة وفي ظروف مناخية حارة..لا يعني ذلك أن يهمل الموظفون العموميون هذه الحالات فكيف يسمح لوالدها وهو القادم للعمل مع اسرته بتشغيل أطفاله في هذه الظروف وتجاوز القانون الذي يمنع تشغيلهم؟. إن واجب موظفي الجهات المختصة تطبيق تعهدات السلطنة الدولية حتى لاتسبب لنا هذه المشاهد احراجا عند المكاتب الأممية الموجودة في البلاد..فالسلطات التنفيذية هي التي تحافظ على تطبيق التعهدات. وينبغي التصدي لهذه الممارسات سواء من عماني أو غيره طالما أننا التزمنا بتعهداتنا الأممية.