بقلم : علي بن راشد المطاعني
كثر في الأونة الأخيرة الحديث عن إنشاء جمعيات تعاونية في محافطات وولايات سلطنة عُمان وعن أهميتها للمجتمعات المحلية ودورها في إستيعاب المنتجات المحلية مع مقارنات مع تجارب بعض دول المنطقة، إلا أن التغلب على عائق إنشاء جمعيات وفق مسمياتها ليس صعباعلى الأهالي في ولايات السلطنة ومحافطاتها إذا كانت هناك جدية في ذلك، فالعبرة ليست بإطلاق المسميات والنواح على أطلالها بدون إتخاذ خطوات عملية وميدانية على الأرض أو إلقاء اللوم على الحكومة بانها لم ترخص بإنشاء جمعيات بمسمياتها.
فاليوم يمكن إنشاء شركات مساهمة عامة مقفلة أو محدودة المسؤولية في ولايات السلطنة لإدارة محلات الهايبر ماركت وغيرها تعمل وفق أهداف الجمعيات التعاونية ومنطلقاتها وكغيرها من المحلات التي نراها تحقق نجاحات بدون ضجيج ومن مستثمرين أجانب يعملون بجهود ذاتية كبيرة.
كما إنه من الخطأ الإعتقاد أن الدعوة لإنشاء الجمعيات هي محاولة للإنتقاص من المحلات الكبيرة، بل يجب علينا أن ندرك أن الدعوة للإتجاه للتعاونيات من زاوية أنها تفتح مسارات إقتصادية أخرى للناس وللإقتصاد الوطني، وإن كنا نؤمن بجدلية أن السوق يجب أن يظل مفتوحا ليركن لما يراه مناسبا التعاونيات أو الهايبرماركت، وبالتالي لماذا نقف ونتوقف أمام المسميات فقط وندور حولها صبح مساء كأنها سوف تنقذنا مما نحن فيه أو ستحقق لنا نجاحات يستحيل تحقيقها إلا بإنشاء جمعيات.
الأمر الذي يتطلب من الأهالي والمستثمرين ورجالات الأعمال في كل ولاية ومحافطة وحتى على مستوى السلطنة البدء في إنشاء شركات مساهمة مقفلة أو عامة وفق إدارة شبيهة بالجميعات التعاونية أو تجارة التجزئة.
فاليوم الحكومة تحث وتشجيع على الإستثمار وإقامة شركات مساهمة عامة على إختلافها خاصة في المحافطات وفق الرؤى الجديدة للنهوض بالمحافظات وتعزيزالإستثمار فيها، وإنشاء شركات أهلية مساهمة مقفلة تطرح أسهمها للإكتتاب بعد فترة التأسيس من قبل بعض المستثمرين، هي خطوة ستحقق الهدف المنشود الذي يراه البعض لإيجاد شركات وطنية في تجارة التجزئة، فالتشريعات تتيح ذلك وليست هناك موانع تذكر في هذا الصدد، بل إننا نجد أن نظام مراقبة الشركات المساهمة أكثر حوكمة من الجمعيات، وأكثر ديناميكية في إدارة الأصول وتنويع الإستثمارات في منظومة التوريد والإنتاج وغيرها، وتحيل المجتمعات المحلية لخلية نحل من العمل التكاملي الدؤوب الهادف لتحقيق المنافع المتبادلة.
في الواقع هناك الكثير من الإستثمارات الوطنية في مجالات تجارة التجزئة تحقق نجاحات طيبة، ولها إسهمها في الأسواق المحلية، وهو ما يدفع إلى إنتهاج مثل هذه المحاولات على صعيد أكبر لتشمل الولايات بحيث تكون في كل ولاية شركة متخصصة في تجارة التجزئة تعمل في إطارها الهايبر ماركت ومحلات مساندة لها في القرى تحت علامة واحدة يعمل فيها أبناء المجتمع وفقا لآليات دقيقة ونظم محاسبية معتمدة وأنظمة إدارية محكمة، فما المانع من ذلك.
وفي المقابل نجد محلات الهايبرماركت تحت إدارة مستثمرين أجانب تننشر في البلاد بشكل طيب وتؤدي أداء جيدا، وهي مبادرات تحقق نجاحات واضحة من خلال شركات فردية أو مقفلة أو محدودة المسؤولية عبر مجموعة من المستثمرين وتفتح محلات هايبر ماركت في الولايات في إطار التنافس المتاح وحرية التجارة وإقتصاد السوق.
ومن المفارقات بأننا نرغب من الحكومة أن لا تتدخل في ممارسة الأعمال الإقتصادية ومنافسة القطاع الخاص إلى غير ذلك من التعليقات، في حين ننتظر من الحكومة التدخل بإنشاء جمعيات بشراكة حكومية، في تناقض غريب يحدث بعد نصف قرن من إنتهاج نظام الإقتصاد الحر وتشجيع الإستثمار وحرية ممارسة التجارة.
إن نظام الجمعيات الذي نتباكي عليه ليس ناجعا في بعض دول المنطقة وليس سليما كممارسة تجارية، وفي أن تكون هذه الجميعات أشبه بالخيرية تمنح أسعارا أقل من الأسواق أو تستوعب منتجات فقط على أساس أنها وطنية إلى غير ذلك من إدعاءات نراها غريبة أن تصدر بعد كل الجهود المبذولة والتي تحث على التنافس الحر وتعزيز الجودة والمواصفات كمعيار أساسي وحيد للبقاء وعدم الارتهان لما هو وطني لسواد عيونه لاغير.
هذه الممارسات لا تصنع إقتصادا ولا تدفع بإتجاه تجويد المنتجات والخدمات التي نتطلع لأن تتحسن يوما بعد آخر، بل إن مثل هذه الدعوات أشبه بالأنظمة الإشتراكية البالية التي إنهارت في السنوات الماضية لعدم واقعيتها وجدواها.
بالطبع الحكومة يمكن تقدم التسهيلات للشركات المساهمة الأهلية في الولايات كغيرها من الإستثمارات وتمنح المزايا كالأراضي والإعفاءات من الرسوم والضرائب وغيرها، لكن خيار أن تدخل في شراكة لإقامة جمعيات أو ترخص انشاءها بنظام اجتماعي تكافلي لممارسة عمل تجاري، فذلك ليس مكانه ووقته الآن.
ما علينا فعله في التو واللحظة أن نشمر عن سواعد الجد لإنشاء شركات مساهمة في المجالات التجارية المختلفة وطرح أسهمها للإكتتاب بعد انتهاء فترة التأسيس ونشر ميزانيات عمومية وفق الأنظمة والقوانين.
نأمل أن تبدأ بعض الولايات في إنشاء شركات مساهمة عامة مققلة لممارسة تجارة التجزئة وإنشاء محلات وعدم انتظار قطار الجمعيات التعاونية بإعتباره المنقد الوحيد والوسيلة المثلى، وإن لم يأت أو إن تأخر فذلك يعني وقوع كارثة وهذا غير صحيح.