الغذاء والدواء والتعليم

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٢/أبريل/٢٠٢٢ ٠١:٠٧ ص
الغذاء والدواء والتعليم
محمد بن رامس الرواس

بقلم : محمد بن رامس الرواس

قالوا قديما من امتلك غذائه ودواءه فقد امتلك قراره، واليوم في ظل الأوضاع الدولية الراهنة والأزمات الاقتصادية العاصفة وتقلبات الصراعات الدولية ليس القرار يبقى مرهون فحسب بل المصير ايضاً، ففي ظل تسابق الدول لتامين قوتها ودوائها وتركيزها على مراكز البحوث العلمية في شتى مناحي الحياة يصبح تأمين الغذاء والدواء من الأولويات للدول، مما يستلزم تحريك الاستثمارات باتجاه مصانع الادوية وتشجيع المزارعين وتحفيز قيام الصناعات الغذائية تجنباً لأية تقلبات الأسعار دولياً في ظل ضروف غير محسوبة حالياً ومستقبلاً.

عندما تطالعنا الاخبار المحلية عن افتتاح مصانع لإنتاج الادوية وأخرى تشير الي ارتفاع انتاج القمح بالسلطنة فهذا أمر يثلج الصدر فعلاً ويبشر بمرحلة حاسمة من مراحل الدولة المتجددة التي بشر بها جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه – في خطابه بتاريخ 11 يناير 2022م حين قال نصاً " ونتطلعُ لِأَنْ تكونَ بلادُنَا وِجهةً استثماريةً رائدة، لا سِيَّمَا في المجالاتِ التي تُعزِّزُ توجُّهَاتِنا الراميةِ لتوسيعِ حِجْمِ اقتصادِنَا الوطني، وتنويعِ مصادِرِ الدخل، فبِلادُنَا -والحمدِ لله- تتمتعُ بمزايا تنافسيةٍ، وإمكانياتٍ كبيرةٍ، وفُرَصٍ واعدةٍ ينبغي استغلالُهَا".

أن الاكتفاء الذاتي الذي تنشده الدول خاصة في المرحلة الحالية له شقين الاول أمن مالي حيث يقلل ويقلص من حاجتها في سعيها لتوفير العملات الأجنبية لاستيراد المواد الأساسية وعلى راسها المواد الغذائية والأدوية، والشق الثاني يتم الاعتماد فيه على الإنتاج المحلي فيتحقق ناتج اكتفاء ذاتي يدرا عنها الحاجة عند نشوب أزمات اقتصادية فجائية، اما سيادياً فهو يجعل قرار الدولة ومصير حركتها الاقتصادية والسياسية بيدها، هذا بالإضافة الي انه يمنحها وجود فرص عمل عديدة لأبنائها ويقلل نسبة الباحثين عن عمل بشكل كبير.

سلطنتنا الحبيبة تمتلك العديد من السلل الغذائية بمحافظاتها المختلفة ذات التنوع البيئي والمناخي والجغرافي، سلل غذائية قابلة لتوفير أمن غذائي مستدام، ومن هذه السلل الغذائية الواعدة مزارع نجد في محافظة ظفار التي يمكن ان يقام فيها واحد من اكبر مشاريع الأمن الغذائي الوطني، حالياً هذه المزارع يستغل منها 1500 فدان فقط لإنتاج القمح فتنتج 1500 طن قمح ذو جودة عالية جداً، بينما هناك مساحات كبيرة وشاسعة قابلة للزيادة بشكل كبير جداً لتوطين واحد من اكبر المشاريع العملاقة بمحيطها الإقليمي في الاكتفاء الغذائي الذاتي.

حالياً تنتهج السلطنة سياسة تحقيق الأمن الدوائي وزيادة حجم الصناعات الطبية حيث دشن مصنع دوائي يُعد الأكبر والاحدث محلياً واقليمياً من نوعه لإنتاج المحاليل الوريدية بولاية نزوى حيث يغطي مثل هذا المشروع استهلاك السلطنة من المحاليل الوريدية بمختلف انواعها ويضع اكتفاء ذاتي محلي، ويتوقع ان تصل نسبة التعمين فيه أكثر من 80 بالمئة وبتكلفة 16 مليون دولار أميركي، ويسد حاجة المستشفيات صيدليات ومجمعات طبية ويقوم بالتصدير للخارج، وعلى مثل هذه الشاكلة من الصناعات الطبية يمكننا ان نصل للهدف المنشود بإذن الله تعالى.

ختاماً ان الأزمات الاقتصادية القادمة بالعالم بالتأكيد ليست سهلة خاصة في السلع الغذائية والدوائية وبأفضل الاحوال سيكونان في تقلبات وسيطرة واستحواذ من العديد من الدول الكبرى، لذلك هناك حاجة ماسة لتحريك الاستثمارات في اتجاه مثل هذه الصناعات التي وجهت رؤية عُمان 2040 ان تجعل منها أمور استراتيجية لتنوع مصادر الدخل لمواجهة الضروف الاقتصادية الراهنة والقادمة، وهي التعليم والغذاء والدواء. وللحديث بقية عن التعليم...