بقلم : سالم بن سيف العبدلي
تعول العديد من دول العالم على السياحة الداخلية وتهتم بها وتحاول ان تشجع المواطنيين والمقيمين على زيارة بعض المناطق التي تمتاز بمقومات قد لا تتوفر في غيرها، وقد انتعشت السياحة الداخلية في السلطنة خلال السنتين الاخيرتين بسبب جائحة كورونا والتي ادت الى اغلاق عدد من الدول التي كانت مقصد للسواح مما اضطر البعض الى قضاء اجازته في ربوع السلطنة واكتشاف معالمها.
ربما بعض الشباب يعرف ولايات بعينها بسبب تميزها ببعض المواقع والمعالم كالرمال في بدية مثلا والخريف في صلالة والبحر في صور والجبال والخلجان المتعرجة في خصب والاثار في نزوى وعبري وهكذا الا انه لايعلم ان هناك ولايات اخرى بها العديد من المقومات السياحية كالواحات والقلاع والحصون والتراث واماكن التخييم والافلاج مثل هذه المناطق تستحق الزيارة.
قبل اسبوعين قمنا مع عدد من الاصدقاء بزيارة الى محافظة الداخلية وكانت وجهتنا تحديدا ولاية الحمراء والتي قضينا فيها يوما كاملا في ضيافة اهلها الطيبين، شخصيا زرت الحمراء اكثر من مرة مع الاهل وفي كل مرة اكتشف شيئا جديدا يشدني اليها وازداد فخرا بما أره من همة وعزيمة واصرار من قبل اهالي وشباب الولاية الحريصين كل الحرص على رفع شأن ولايتهم واستغلال مقوماتها السياحية دون تذمر ولا كلل او ملل معتمدين على انفسهم.
ولاية الحمراء تعتبر مثالا ونموذجا يحتذى من حيث الاهتمام بالمقومات السياحية والتي تتوفر فيها والتي قام الشباب بتسخيرها للسياحة الداخلية وللسياح الاجانب واستطاعوا ان يجعلوا من ولايتهم وجهة سياحية وفي جميع اوقات السنة، من خلال شركة اهلية تعنى بالسياحة ففي مقر الولاية بالنفس تم توفير عربات لنقل السواح حيث يتم اخذك في جولة سياحية بين المزارع والحارات والمباني القديمة ويقوم احد الشباب بإعطاء شرح مفصل عن كل موقع يتم المرور عليه أثناء الجولة.
قام احد المواطنيين بإنشاء متحف للنقود يضم في جنابته عدد كبير من النقود والعملات القديمة والتي كانت متداولة قبل عشرات السنين في مختلف دول العالم ويعتبر هذا المتحف الفريد من نوعه الوحيد في السلطنة بعد المتحف التابع للبنك المركزي حسبما أفادنا المرشد السياحي والذي رافقنا في جولة حول الولاية.
توجد ايضا قرية الحمراء التراثية والتي تم بنائها بجهود ذاتية وتحكي تاريخ الحمراء القديم وعند زيارتنا كانت مغلقة حيث لم نتمكن من زيارتها الا اننا مررنا من جانبها وتبدوا من الخارج جميلة، ايضا هناك العربات التي تجرها الخيول (الحنطور) والدراجات التي يتم ايضا تأجيرها للسواح عند الرغبة.
أما قرية المسفاة والتي تقع على احدى سفوح الجبال فتم تحويل اغلب مبانيها القديمة الى نزل ومقاهي وعندما تجلس في احدى المقاهي والتي تقع في اعلى احد المباني القديمة فإنك تشعر وكأنك تعانق السماء وتشاهد مناظر بانورماية جميلة، وتعتبر مسفاة العبريين احدى القرى الاثرية الجميلة بولاية الحمراء وهي تقع في احضان الجبل الاوسط من ولاية الحمراء وهو جزء من امتداد جبال الحجر، وتبعد عن مركز الولاية مسافة لا تزيد على خمسة كيلومترات عبر طريق معبد يخترق السلاسل الجبلية.
يمكن الوصول الى القرية عبر طريق معبد وسهل حتى بإستخدام المركبات الخفيفة، ويستطيع الزائر وهو في طريقه الى المسفاة مشاهدة المناظر الخلابة والقرى القريبة منها مثل الغبيراء والمدعام والمنيبك والقرى الواقعة في الاعلى كالقويطع والدار البيضاء.
وحسب الاهالي فإن تسمية مسفاة العبريين بهذا الاسم جاء بسبب أن الرياح تسفيها أي تهب عليها من ثلاث جهات، وتصطف المنازل في بلدة مسفاة العبريين صفاً واحداً وهي بيوت طينية تطل على بساتين النخيل والليمون والموز التي يتم زراعتها في هذا المكان.
إذا كنت من عشاق التسلق على الجبال او المشي (الهايكينج) أو التخيم فيمكنك زيارة جبل شمس والذي يعتبر اعلى قمة في السلطنة او منطقة هاط في الجبل الشرقي والذي يمتاز ببرودته حتى في فصل الصيف، واخيرا نتمنى ان يحذوا أبناء الولايات الاخرى حذو أهالي الحمراء ونرى في المستقبل كل مناطقنا بهذه الهمة والعزيمة والاصرار.