مسقط - لميس ضيف
تلقي قضية شركات الغاز والموزعين المحليين بظلالها على آلاف العائلات، حيث يشتكي الموزعون من "الحصة المنقوصة" التي تصلهم من الغاز، بحسب تعبيرهم، مطالبين الجهات المعنية بالتحقيق في ما وصفوه بـ "التقصير وغياب العدالة".
"الشبيبة" التقت عدداً من الموزعين الغاضبين على بوابة شركة التعبئة واستطلعت آراءهم، حيث كانت البداية مع أحمد بن ناصر الجهضي الذي أشار لساعته وهو يقول: أنا هنا من الساعة الثالثة فجراً، وغيري هنا منذ الثانية، وها هي الساعة الآن تُشير للعاشرة وما زلنا عند البوابة، وهذا هو حالنا منذ شهرين.
وأضاف: الحافلات الضخمة تعبئ الغاز أمام أعيننا لصالح الشركات الكبرى فيما نبقى نحن الموزعين بالساعات ننتظر دورنا. وبعد أن تكتفي تلك الشركات نحصل على حصتنا منقوصة، أو لا نحصل عليها، متسائلاً: من الملوم على كل ذلك؟
وعبر الجهضي عن الضرر الكبير الذي يلحق بالموزعين جراء هذه الأزمة لا سيما مع قرب حلول شهر رمضان الفضيل.
نصر سليمان الوهيبي هو أحد الموزعين المتضررين، وهو يقول "أخرج من جحلوت في العامرات منذ الثانية فجرا لأكون هنا وأقف في الدور حتى الثالثة عصرا أحيانا".
وعبر عن استيائه لأن "بعض الشركات تأخذ قسمة من الحكومة وأيضا تقاسمنا هنا على نصيبنا من الغاز في مخالفة صريحة لقرار حكومي يمنع ذلك، ناهيك عن أن حماية المستهلك اكتشفت أن أنبوب الغاز الكبير الذي يُفترض أن يعبأ بـ 44 كيلو يعبأ بـ 29 كيلو فقط، والأبنوب الصغير يعبأ منقوصاً بـ 5 كيلو على الأقل، وقد تحققوا من ذلك بالوزن، فيما كنا نبيع تلك الأنابيب للمستهلكين جاهلين ذلك". وتساءل: أين تذهب كل تلك الكميات؟ مهيباً بالحكومة فتح تحقيق فيما يجري والوقوف على أبعاد المشكلة.
وأشار خميس بن حارب السيابي إلى ما يتعرض له الموزعون من لوم المستهلكين بالقول: نحن الملامون في أعين الناس الذين لا يرون ما وراء هذا التقصير.. فيما مضى كنا نخرج من بيوتنا بعيد صلاة الفجر ونبدأ عملنا في الثامنة ونكون في بيوتنا بحلول منتصف النهار ونستأنف عملنا مجددا في الرابعة. أما الآن فلا نحصل على الغاز إلا بحلول الظهر وأحيانا العصر، فكيف نعمل وكيف نكتري ما يكفي لإطعام عائلاتنا؟ ما نريد معرفته الآن هو من المسؤول عن كل ذلك: الشركة تُلقي باللائمة على وزارة النفط والوزارة تؤكد أن الشركة تتسلم حصتها كاملة".
التزامات
أسامة بن سالم الوردي يقول: شخصيا كنت أحصل يوميا على 50-55 اسطوانة غاز، والآن أحصل بالكاد على 15 اسطوانة، وغيري يحصل على 10 أحيانا، فكيف نستطيع أن نفي بالتزاماتنا بهذا العدد الزهيد وبعد هذا الجهد الجهيد؟ ولدينا أقساط سيارات وعائلات والتزامات لا تنتهي.. ألا يعني هذا شيئا لأي جهة؟
وأضاف: بعض زملائي يعتاشون على هذه المهنة وحدها.. وكثير منهم يفكر جديا في ترك العمل بسبب الإذلال اليومي والعناء وقله المردود.
وقد مست كلمة "الإذلال" هذه الجهضمي الذي علق قائلا "هذا هو ما نشعر به يوميا.. "الذل"، حيث نقف عند البوابة ساعات ممتدة ولا يسمح لنا بالدخول، ونرى الشركات الكبيرة تدخل وتخرج بكل أريحية فيما نحن واقفون ننتظر ونرد على اتصالات الزبائن الغاضبين! إننا كبار في السن، ولدى كل منا زوجات وأطفال يصل عددهم لـ 20 ينتظرون من يطعمهم، فهل تكفي ساعة أو ساعتان من التوزيع لذلك؟ كما أن سعر الغاز ثابت لم يتغير منذ 20 عاما.. ريالان و800 بيسة لكل عبوة. لقد تغير سعر كل شيء: قطع الغيار والمحروقات ومستلزمات الحياة، فكيف يبقى سعر الأنبوب ثابتا بلا مراعاة لنا؟.. وكيف تبقى حصصنا من الغاز محدودة رغم زيادة عدد السكان والطلب؟
ويوافق خميس السيابي على ذلك مؤكداً: لم نكن نرى في السيب عمارات من 5 أدوار، وها هي السيب اليوم تعج بالبنايات والسكان وكلهم بحاجة لخدماتنا.. ناهيك عن تفجر عدد الوافدين والسكان.. قبل سنوات كان عدد سكان بركاء لا يتعدى 30 ألفا، أما اليوم فهم 120 ألفا أو يزيد.. فهل يعقل أن توزع لنا حصص ضئيلة كهذه؟
شركة مسقط للغازات
وسعياً للحقيقة توجهت "الشبيبة" لمكتب نائب الرئيس التنفيذي لشركة مسقط للغازات جانتي سوماشيكر ووضعت بين يديه مشكلات الموزعين طالبة منه التعليق فقال: نحن شركة تعبئة، نتسلم الغاز من المصفاة ونجهزه ونزود به الموزعين ليصل للمستهلكين. وهذه المشكلة ليست سوى مشكلة عارضة بدأت بسبب بدء أعمال الصيانة في مصافي الغاز وستنتهي بانتهائها.
وأضاف: وفرت لنا الحكومة الغاز من جهات أخرى خلال عملية الصيانة هذه لكن مشكلة التأخير ستبقى قائمة في ظل هذا الوضع، فسائقونا أيضا ينتظرون ليوم أو يومين حتى يحصلوا على حصتنا ويعودوا بها.
وعن الحديث عن عدم عدالة التوزيع وإعطاء الأولوية للشركات الكبرى نفى ممثل الشركة كل هذا وقال: هؤلاء الموزعون هم زبائننا ونحن على علاقة وثيقة بهم منذ 15-18 سنة وحريصون على رضاهم، وهم راضون عن عمل الشركة كذلك، وإلا لذهبوا لمنافسينا، ولكنهم باقون معنا لعلمهم بحرصنا على توفير أفضل الخدمات لهم.. إن تعبئة الغاز تتم وفق الدور ونحن نوزع أرقاماً متسلسلة لهذا الغرض.
أما بالنسبة للتخوف من امتداد المشكلة حتى شهر رمضان الفضيل فقط طمأن سوماشيكرالجميع قائلا: ستكون أعمال الصيانة قد أنجزت بحلول ذلك الوقت وسيعود العمل لطبيعته، ثم إن شهر الصيف ليس من ضمن الأشهر الصعبة بسبب السفر وغيرها، لذا فلا داعي للقلق وسيجد الموزعون والمستهلكون ما يكفيهم بكل تأكيد.
ورداً على مزاعم بأن هذه المشاكل متكررة، نفى سوماشيكر ذلك بقوله: عملنا بشكل عام سلس ويخلو من تعقيدات تُذكر، ووتيرة المشاكل محدودة، وهي مرتبطة بظروف المصافي. إننا نتفهم مشاعر الموزعين ونعدهم بأن المشكلة ستحل في القريب العاجل.
المشكلة قائمة
وبالعودة إلى الموزعين ونقل هذه التطمينات لهم، عبروا عن عن عدم اقتناعهم بذلك، حيث يقول سعيد بن سعود العامري: صيانة المصفاة لم تؤثر على عمل الشركة، فالحكومة تعطيهم حصتهم كاملة، ولكنهم يوزعونها بشكل غير منصف بين الشركات التي لم تعان من أي تغيير، بل على العكس، حصتها في ازدياد، فيما يعاني المواطن الأمرين ليحصل على اسطوانة غاز للطبخ والمهام المنزلية.
وتساءل: أين يذهب الغاز؟ مطالباً بلجنة مستقلة للرقابة تجيب على هذا السؤال. كما تساءل عن الغاز الذي ينقص من كل عبوة بشهادة حماية المستهلك، مؤكداً أن "الشركات الكبيرة تحصل على ما تحتاجه وفي الوقت الذي تريده ونحن فقط الضحايا".
أما عن القول بأن الموزعين راضون ولا يذهبون للمنافسين فقد رأى العامري في ذلك مغالطة كبرى، وأوضح بالقول "إن الشركة المنافسة مكتفيه من الزبائن ولا تقبل زبائن جدداً، كما أن القانون يمنعنا من التزود من شركتين".
وأشار إلى أن هناك مشكلة حقيقية ومتكررة بوتيرة دمرت أعمال الموزعين، مطالباً ذوي القرار بالنظر فيما يجري والتحقيق فيه لإعادة الأمور إلى نصابها.