بقلم: محمد الرواس
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، «قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه». رواه البخاري ومسلم.
أيام قلائل تفصلنا عن شهر الله المعظم خير الشهور وسيدها ، وازكاها للنفوس وأعظمها، الشهر المبارك الذي تجتمع فيه خيرات الدنيا والآخرة بدء من تيسر القرب من الله عند قراءة القران سواء في المساجد أو البيوت يصاحبه تدبر وصفاء ذهن واتزان نفسي وصحه بالبدن ، بجانب الإقبال على حب فعل الخيرات والطاعات من الصدقات والقيام وغيرها من العبادات والأعمال الصالحة .
إن فتوحات وخيرات شهر رمضان الفضيل كثيرة ومتعددة منها تنزل الرحمات وحصول المغفرة ،والعتق من النيران ، حيث يصاحب المسلم في هذا الشهر الفضيل صفاء للقلب ، وحب شديد للإقبال على الطاعات واستزادته للدعاء طلباً للمغفرة والرحمة ، هذا بالإضافة إلى ما يحمله الشهر الفضيل من فرصة العفو من المولى العزيز القدير لمن طلبه من الصائمين بصدق وإخلاص ، وخلال الشهر الكريم يزداد استشعار المسلم لراحة نفسية عجيبة عند انتهاءه من فعل الطاعات ، فتجد المسلمين أكثر إقبالاً على صلة الأرحام وتقديم الصدقات لإخوانهم المحرومين والمحتاجين والمعسرين وأبناء السبيل والغارمين ، فتتلذذ انفسهم بكل أعمال البر والإحسان لما يجدوه في أنفسهم من سعادة عند فعلها . رمضان الفضيل بحق هو شهر السعادة الذي خصصه الله للمسلم بكل أيامه وساعاته المباركة وعبر كافة دروب طاعاته ، وفيه يحصل اتزان لاسلوب حياة المسلم سواء في معاملاته أو في عباداته أو صحته أو سلوكه ، وينعكس كل ذلك عندما يلاحظ تجنبه للمأثم والعادات والسلوكيات الغير سوية.
إن الفرصة الفريدة السنوية التي يمنحنا الله إياها كل عام عند دخول العشر الآواخر من رمضان « ليلة القدر» العظيمة التي فضلها الله وجعلها خير من الف شهر، ولقد جعلها المولى عزوجل نافذة سنوية للوصول إلى السعادة الأبدية لمن حظي بالقبول فيها وقام بواجبها كما أمر سبحانه وتعالى وبما بشر به سيدنا محمد -عليه أفضل الصلاة وازكى التحيات - من كرامات وجوائز عظيمة عندما يوفق الله المؤمن لقيامها ، فهي بحق يوم أشبه بكنز سنوي ينتظر المسلم عام بعد عام ، فهنيئا لمن قامها وقام بحقوقها وحصل له القبول بليلة القدر.
شهر رمضان شهر المبارك يحتاج ان نستعد له استعداداً خاصاً لأنه باب من أبواب الوصول جنات النعيم ، وفرصة سانحة ان نصبح من المقربين من المولى عزوجل ، ففيه تتحرر قلوبنــــــــــا ونتخلص من ضغوطات مردة الشياطين، ونصبح نحن وانفسنا وجهــــــــا لوجه وبما تمليه عليه من خير، فهنيئاً لمن زكى نفسه وسواها في الشهر الفضيل وحظها ونماها ودربها على طاعة ذو الجلال والاكرام واتبــــــــاع سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام ، لذا وجب علينا أن نستغـــــــل هذه الفرصة الايمانية التي منحنا إياها المولى عزوجـــل أفضل استغلال، ونستبق دخول شهر رمضان بتجديد النية والحرص على نظافة قلوبنا ، فالنية هي لب الأمر وأوله واصله ، وتجديدها واجب والحرص على صفائها ونقائها مدخل الي النظافة الداخلية للمسلم خاصة عند استعداده للقيام بالطاعات والنوافل والصدقات بالشهر الفضيل ، وعندمــــــــــــا تستبق النية الأعمال - في كافة شؤون الحياة وليس في رمضان فقط - فان التوازن الذي ينشــــــــــــده المسلم يجده بإذن الله في شهره المبارك ويمكنه أن يستمر معه إلى ما بعد رمضان بعون الله وتوفيقه.