بن لادن .. خمس سنوات وحقيقة مقتله لاتزال لغزا

الحدث الأحد ٠١/مايو/٢٠١٦ ٢٣:١٨ م
بن لادن .. خمس سنوات وحقيقة مقتله لاتزال لغزا

مسقط – ش خمس سنوات كاملة مرت منذ الاول من مايو في العام 2011 حيق اعلنت واشنطن عن تصفية زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن ومنذ ذلك الحين لا يزال أمر اطلاق النار، والذي يعتقد أنه صدر عن عنصر البحرية الامريكية روبرت أونيل، مثيرا للجدل حتى يومنا هذا.
فقد توجهت قوات أمريكية إلى بلد أجنبي، وقتلت رجلا دون سند قانوني. وفي الوقت الذي رحب فيه العديد من الساسة بالخطوة، كان نشطاء حقوق الإنسان أقل إيجابية تجاهها.
وقال إريك هولدر، وزير العدل الامريكي في ذلك الوقت، إن عملية قتل بن لادن كان لها ما يبررها باعتبارها عملا من أعمال الدفاع الوطني. وتخلص الجيش الامريكي بسرعة من جثمان بن لادن في البحر بهدف حرمان اتباعه من أن يكون له مكان يصبح مزارا يتوافدون عليه .
وليس من المستغرب أن تبدأ نظريات المؤامرة في الظهور على السطح فيما بعد. وطرح أبرزها الصحفي الاستقصائي سيمور هيرش.
وكانت أطروحة هيرش تتمثل في أن بن لادن عاش سنوات شبابه باعتباره من المجاهدين في القتال ضد الاتحاد السوفيتي وكان معروفا لدى الاستخبارات الباكستانية. وعاش في مخبأ في أبوت آباد، وهي معقل للجيش الباكستاني، لمدة خمس سنوات مع علم رجال مخابرات باكستان وعلم الولايات المتحدة.
وأصدر البيت الأبيض معلومات تفيد بأن عناصر القوات الخاصة استخدمت الاسلحة النارية وهي في طريقها إلى بن لادن، الذي استخدم احد زوجاته كدرع. وقاد جواسيس القوات الأمريكية إلى مكان اختبائه. ولكن وفقا لهيرش، الذي يقتبس عن مسؤولين متقاعدين في مخابرات الجيش الأمريكي، فإن هذه القصة مختلقة.
ولا يوجد هناك وضوح في باكستان حيال ما حدث في الساعات الأولى من صباح يوم الثاني من مايو 2011، في أبوت أباد. ولا يعتبر العديد من الباكستانيين أن نظرية هيرش المتعلقة بتورط الحكومة الباكستانية غير محتملة. فالسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: كيف تمكن الأمريكيون من الدخول إلى قلب مقر الجيش الباكستاني دون علم عناصر من الجيش أو المخابرات العسكرية؟
وتبدد معظم الغضب الباكستاني حيال ما وصف وقتها بـ"الغزو المتغطرس لدولة ذات سيادة". وتحسنت العلاقة السيئة بين البلدين، وهو ما كان يعد أمرا غير محتمل قبل خمس سنوات.
كشف الصحافي الأمريكي المخضرم سيمور هيرش في مقال مطول نشرته مجلة "لندن بوك ريفيو" عن الكذب في الرواية الأمريكية. وقال إن المخابرات الأمريكية لم تعثر على مرسال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي قتل في مايو 2011.
واشار الكاتب في مقاله إلى أن مسؤولا باكستانيا بارزا متقاعدا من المخابرات الباكستانية كان يعرف بوجود بن لادن في آبوت آباد منذ عام 2006، قام بالكشف عنه مقابل مكافأة قدرها 25 مليون دولار أمريكي رصدتها واشنطن عام 2001.
ويقول هيرش إن "مقتل أسامة بن لادن كان نقطة الذروة في ولاية أوباما، وكان عاملا مهما في إعادة انتخابه، وأكد البيت الأبيض أن العملية كانت أمريكية خالصة، ولم يتم إخبار المسؤولين الكبار في الجيش الباكستاني ولا المخابرات المركزية الباكستانية بالغارة مقدما. وهذا الكلام غير صحيح مثل بقية العناصر الأخرى في رواية إدارة أوباما".
وكشف هيرش عن أن كلا من قائد الجيش الباكستاني الجنرال أشفق برفيز كياني ومدير المخابرات الباكستانية الجنرال أحمد شجاع باشا، كانا يعرفان بالعملية.
ويرى هيرش أن ابن لادن كان أسيرا لدى المخابرات الباكستانية، وأن كياني وشجاع كانا يعرفان بالعملية وبدخول الطائرات الأمريكية الأجواء الباكستانية، حيث تأكدا من دخولها دون إثارة الرادارات، وأن المخابرات الأمريكية لم تعرف عن مكان ابن لادن، من خلال متابعة مرساله، كما ادعى البيت الأبيض عام 2011. وأكد هيرش أن ابن لادن كان أعزل عندما قتل، ولم يكن يحمل سلاحا.
ويؤكد الكاتب أن تحطم طائرة بلاك هوك داخل مقر ابن لادن أدى بالبيت الأبيض إلى الإسراع بالإعلان عن مقتل ابن لادن، مع أن الترتيبات كانت هي الإعلان عن ذلك لاحقا، والقول إنه قتل في جبال أفغانستان.
ويبين هيرش أن فرقة "سيل" التابعة للبحرية الأمريكية لم تغادر مقر ابن لادن حالا، بل انتظرت الحافلات التي أمنها لهم كياني، ونقلتهم إلى مكان آمن قبل خروجهم من أفغانستان.

وينفي الكاتب دفن ابن لادن في البحر، حيث نقل عن رجل يعرف عن صور ابن لادن ولكنه لم يرها، بأنه لم يتم نقله إلى البحر.
وقال إن وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس لم يكن راضيا عن الطريقة التي أدار فيها البيت الأبيض ملف الإعلان عن مقتل ابن لادن.
ويكشف هيرش عن أنه لم يتم نقل خزينة من أسرار ابن لادن إلى أمريكا. وقال إن المخابرات الباكستانية حققت مع زوجاته، ولم يسمح لأحد بالاتصال بهن، ومن ثم قامت المخابرات بتسوية المكان في التراب
ويقول هيرش إنه تحقق من معلوماته من مصدرين أمريكيين، كانت لهما فرصة للاطلاع على المعلومات، وعملا مستشارين لقيادة العمليات الخاصة. واطلع على معلومات من داخل باكستان، التي أظهرت حالة الغضب التي اعترت المسؤولين الباكستانيين والقيادة الأمنية من العملية.
ويكشف هيرش عن أن عملية اكتشاف ابن لادن بدأت في أغسطس 2010، عندما اتصل مسؤول باكستاني سابق بمسؤول محطة "سي آي إيه" في إسلام أباد جوناثان بانك، وعرض على الوكالة معلومات حول مكان وجود ابن لادن، مقابل حصوله على المكافأة المالية التي رصدتها الولايات المتحدة عام2001 لهذه الغاية.
ويلفت الكاتب إلى أن رد مقر الوكالة كان أن المخبر لا يمكن الوثوق به، ومن هنا أرسلت الولايات المتحدة فريقا لفحص الكذب إلى باكستان، ونجح المخبر في الفحص، وحاولت المخابرات إقناع أوباما بالقضية، لكنه طلب منهم التأكد أولا. ومن هنا بدأت عملية التحقق من الحمض النووي لابن لادن من خلال حملة التلقيح ضد التهاب الكبد الوبائي.
ونوه هيرش في مقاله إلى أن مخبرا كان جارا لابن لادن ظل مصدر المعلومات، لكن القضية ألبست لشكيل أفريدي، الذي اتهم بالخيانة العظمى، وسجن 33 عاما، مع أن أفريدي كان عميلا سابقا لـ "سي آي إيه".
ويكشف هيرش عن الكيفية التي حاول فيها البيت الأبيض إقناع الرأي العام بروايته، وأن ابن لادن قتل وهو يحاول الوصول إلى بندقيته، أي أن عناصر فرقة "سيل" قتلوه في حالة الدفاع عن النفس.
ويرى مسؤول سابق في المخابرات الباكستانية أن رواية هيرش قد تقنع الكثير من الباكستانيين، الذين لا يزالون لا يصدقون الرواية الأمريكية، ويشعرون بالغضب تجاه الطريقة التي قامت بها المخابرات الأمريكية بقتل ابن لادن.