أين ذهبت 580 مليون ريال !

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٧/فبراير/٢٠٢٢ ٠٨:١٣ ص
أين ذهبت 580 مليون ريال !

بقلم : علي بن راشد المطاعني

في الوقت الذي أعلن فيه جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة ضمن إصداره الأول (مخلص المجتمع) عن نتائج أعماله وتعزيزا لمبدأ الشافية والإفصاح واجب الإتباع عن إسترداده لـ 580 مليون ريال من خلال تعامله مع 207 قضايا بالتنسيق مع الإدعاء العام .

وأشار المخلص إلى أن عدد الملاحظات خلال الفترة من عام 2011 ـ 2020 وصل إلى 33096 ملاحظة نتج عنها 30464 توصية ، وبلغ عدد مهمات الفحص الرقابية المنفذة 1861 مهمة تمثلت في 1210 للرقابة المالية والإدارية (مطابقة وإلتزام) و 624 لرقابة الأداء و 27 للرقابة المسبقة .

هي خطوة جيدة ومتقدمة أن تعلن مثل هذه التقارير في إطار مبدأ الإفصاح والشفافية الذي تنتهجه الدولة ، وكاحد مرتكزات رؤية عُمان 2040 ، وإتساقا مع ذات مبدأ الشفافية المتفق عليه يبرز من بين ثنايا هذه الأرقام سؤال أضخم يبحث عن إجابة لتكتمل الدائرة كما ينبغي ، والسؤال الحائر مابرح يقول أين ذهبت الأموال التي تم تحصيلها ، بالقطع نحن نؤمن بأنها قد وظفت ووجهت لسد ثغرات هناك وهناك في المنظومة المالية للدولة ، ولكن الذي أملى السؤال هو أننا لم نلحظ إشارة أليها كبند من وفي بنود الموازنة العامة وتحت العنوان الجانبي (الإيرادات) .

ذلك أن جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة لم يفصح عن مآل الأموال المستردة تحت العنوان الجانبي المشار إليه ، كما أن وزارة المالية لم تورد أو تشير إلى إستلامها وكيفية إستغلالها سواء في تغطية العجوزات السنوية في الموازنات العامة أو في تسديد جزء من الدين العام على الدولة ، ليبقى الإسترارد دفتريا ومعلوماتيا حقيقة ماثلة ، غير إنه ليس كذلك واقعيا وميدانيا .

على ذلك لابد للغموض أن يأتي متبخترا ليغطي هذه الجزئية من التقرير المُشاد به من قبل الجميع ، وبما أن الغموض قد جاء وحضر وأعلن عن نفسه وذاته تأت الأسئلة لتلح علينا أن نطفئ نارها بماء الإجابة البارد ، وحتى تكتمل الصورة ، ويستتب الأمر لمبدأ الشفافية والذي أمسى الآن نهج حياة وطريق دولة .

التقرير والإفصاح لا ننكر أنه قد أسعد الجميع ، تلك حقيقة ستبقى مثلى ، غير أن الجزء المتبقى هو ما ننتظره على أحر من الجمر ، وهو أين ذهبت الأموال المستردة ، وماهي أوجه صرفها وبالأرقام أيضا ، مع تأكيدنا الذي أشرنا إليه بأنها (حتما) صرفت فيما يفيد وينفع ، وذلك من باب الثقة المطلقة في أداء الجهاز ومن باب التقدير لمبادرته بالإفصاح عن هذا النجاح منقطع النظير ، وأن ملخص وصفه للمجتمع يُعد الأول من نوعه وبالأرقام والإحصائيات التي تؤكد كفاءة العمل ودقته وإلتزامه بالنزاهة والحصافة في رعاية المال العام وتوظيفه .

نأمل في أن يصدر الجهاز تقريرا مكملا لهذا الذي أشدنا به وثمناه عاليا يُفصل فيه أيضا وبالأرقام مجالات الصرف لـ النصف بليون ريال التي تم تحصيلها بجهود رجال مخلصين وضعوا الوطن في حدقات عيونهم وهم يضطلعون بهذه المسؤولية الجسيمة ، والوطن لايملك إلا أن يتقدم إليهم بالشكر الجزيل على هذا الصنيع الجميل شكلا وموضوعا ومضمونا.