القاهرة - خالد البحيري
7 أيام انقضت من عمر معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ48، ولم تحقق دور النشر المشاركة (670 ما بين مصرية وعربية وأجنبية) مبيعات تذكر بسبب الارتفاع الشديد في الأسعار بعد تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار، وتراجع ترتيب الكتاب في أولويات القارئ المصري، مدفوعاً بالسعي لتوفير ضروريات الحياة من طعام وشراب وكساء ودواء. «الشبيبة» تجوّلت في المعرض على مدار اليومين الفائتين، والتقت عدداً من أصحاب المكتبات ودور النشر المشاركة، وكذلك عدداً من الزائرين، ورصدت فعاليات المسرح المفتوح في هذا التقرير.
يقول محسن شحاتة، صاحب دار نشر مكتبة الإيمان: تجارة الكتب أصبحت ثقيلة للغاية، وحركة البيع والشراء متوقفة منذ فترة، ونتحمّل عناء نقلها من مكان لآخر طمعاً في تحقيق أي مبيعات لسداد مستحقات المطابع وتكلفة المشاركة في المعارض ودفع أجور العمّال.
وأضاف: كثير من الشباب لم تعد لديه الرغبة في القراءة، واكتفى بتحصيل المعلومات السريعة من على شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»، كما أن الأشقاء من الدول العربية، والذين كنا نعوّل عليهم في معرض القاهرة الدولي للكتاب، لم يأتوا إلينا كما كان الأمر في السابق، وقد يمر يوم كامل ولا نبيع بألف جنيه، رغم ما نقدمه من خصومات تصل أحياناً إلى 50 و60 %. وأكد هاني خليل، مندوب التوزيع بمكتبة التوفيقية، على غلاء الأسعار وقلة الإقبال على شراء الكتب: «في العام الماضي كان القارئ يشترى بـ50 جنيهاً ثلاثة أو أربعة كتب، أما الآن فهذا المبلغ يكفي بالكاد لشراء كتاب واحد». وقال: يخلو معرض الكتاب هذا العام من الكتب التي تدعو للتطرّف أو العنف أو تروّج لأفكار جماعة الإخوان المسلمين، وإن كانت هناك كتب لبعض المنتمين بفكرهم للإخوان، ولكنها تأتي في السياق الطبيعي وتخلو من الدعوة للتطرّف أو الإرهاب.
وأوضح أنه تمت مصادرة كتاب «في ظلال القرآن» لسيد قطب بالإضافة إلى الكتب التي لا تحمل رقم إيداع من دار الكتب، وتتم مراجعة الكتب بدقة شديدة قبل إشراكها في المعرض حتى لا تثير الجدل أو اللغط بين الجمهور.
أما عن المركز القومي للترجمة، فقال محمد فتحي، مسؤول التسويق: تصل الخصومات إلى 50 % على جميع الإصدارات، وهناك بعض الكتب تصل نسبة الخصومات إلى 90 % للطلاب و70 % للجمهور، والإقبال على الشراء مثل العام الفائت نظراً لتخفيض الأسعار، وحالنا أفضل من دور النشر الأخرى بكثير.
وإلى جانب دور النشر التقليدية سجّل «سور الأزبكية» حضوراً مميَّزاً، حيث تُباع فيه الكتب القديمة والمستعملة، العربية والأجنبية، بأسعار زهيدة، وشهد انتعاشاً في المبيعات، حيث يفضّل عشاق القراءة والمثقفين شراء الكتب منه، ولا يهم كونها قديمة أو جديدة، المهم أنها بأسعار في متناولهم وتبدأ من 5 جنيهات (25 سنتاً) وتصل في ذروتها إلى 35 جنيهاً أو ما يقارب الدولارين.
منى عبدالسلام- روائية مصرية- قالت إنها جاءت إلى المعرض وهي تعلم أنها لن تشتري ما تريد، لكنها أخذت جولة فيه وتعرّفت على الإصدارات الجديدة، وسجّلت عناوينها في دفتر صغير بحوزتها، وستبحث عن نسخة إلكترونية للتحميل المجاني. وأضافت: اصطحبت أطفالي معي لنقضي يوماً جميلاً هنا في المعرض نتجوّل في المقهى الثقافي، وحفلات توقيع الإصدارات الجديدة، والمسرح المكشوف، مع تناول بعض الأطعمة والوجبات الخفيفة.
الغريب أنه خلال جولة «الشبيبة» في المعرض رصدنا إقبالاً هائلاً وسؤالاً دائماً عن الكتب والروايات التي تتحدث عن السحر والجن، ومنها كتاب «شمس المعارف الكبرى» وهو كتاب ممنوع في كثير من الدول الإسلامية لما فيه من نصوص لتحضير الجن وهي أمور محرّمة في الشريعة الإسلامية.
كما تحظى الروايات المترجمة للأديبة «أجاثا كريستي» بإقبال كبير وهي في مجملها تتناول موضوعات مثيرة عن الجن والسحر مثل «قصة وسط الحمام» و»الكراهية القاتلة» و»نسيج العنكبوت» و»المصيدة» و»موعد مع الموت».
وكذلك الكتب التي تتحدث عن العلاقة الزوجية والتربية الجنسية للشباب والمقبلين على الزواج. ومن الروايات التي تحظى بمبيعات كبيرة رواية «رحلة الدم.. القتلة الأوائل» للصحفي المصري إبراهيم عيسى- المعروف بعدائه للتيارات الإسلامية، ويتناول فيها جانباً من الصراع السياسي بين المسلمين في مرحلة ما بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.