بقلم : محمد بن علي البلوشي
يصف الروس تصريحات الولايات المتحدة باستعدادها لغزو أوكرانيا بالحملة الهستيرية المضللة لشيطنتهم والمبالغة في التخويف من خطر قيامهم بغزو وشيك على الجارة الصغيرة أوكرانيا..يعتبر ذلك جزء من التضليل الذي قد يمارسه طرف ضد طرف اخر ومجموعة ضد اخرى.شخص فرد ضد مجموعة أو كيان إلى اخره. هل يمكن أن نتعرض للتضليل..نعم إذا ماسلمنا عقلنا لكل شاردة وواردة وصدقناها.. بحسب المتلقي ومزاجه الآني يمكن أن يقودك تصديقه إلى التضليل وبخاصة إن كان اللعب على دغدغة مشاعر العوام وهذه هي الموضة السائدة حاليا..موضة من الهجمات الشرسة التي تخرج على الدول أو الأفراد أو الكيانات وكل بحسب نواياه المختبئة. لسنا بعيدين عن تلك الهيستريا لكن في مواضع اخرى كالشؤون العامة بكل تفرعاتها بعضها يجانب الصواب فيبدأ حملة هستيرية في التضليل لتحقيق الغايات من الحملة والرابحون قلائل والخاسرون كثر. المفاجأة في واقعنا أن ينقاد الكثيرون إلى التضليل لا إراديا عبر ترويض الظروف والاحداث المواتية لتتسق مع الرغبة في إثبات ان نتيجة الأحداث هي بسبب ما.تقود ظروف عدة هذه الحملة السوداء ومنها التقاعد الإجباري الذي يحدث لثاني مرة في تاريخ البلاد - الأولى كانت في تسعينيات القرن الفائت تقريبا -وتقود ظروف الرسوم والضرائب بمختلف اشكالاتها إلى حملة لفظية عنيفة على الواقع.بعضها مبرر ربما حينما يقول شخص -صادقا كان أو مدعيا- انه لايجد عشاء لأسرته أو فطورا لابنه أو نقودا لإعطاء ابنه للمدرسة.من هنا تبدأ حملة التصديق فالنوايا الطيبة والتعاطف يميل إلى التصديق في الجوانب الإنسانية عند سماع الصوت من مصدره أو الكلمة من صاحبها ومن ناقل القصة.لكن ليس كل مايقال قابلا للتصديق فنحن إما أن نصدق كل شيء أو نكذب كل شيء أو نستعيد عقلنا لنتأمل ونفتش عن الحقيقة وهذه عملية متعبة ..إذن لنصدق ولننحاز لطرف على طرف فالعاطفة تنحاز ضد «الظلم» -حقيقيا كان أو زيفا- تلقائيا. ما أوضح تلك الواقعة :صدق الكثيرون على سبيل المثال مبررات مؤسسة ما حول نيتها نقل أنشطتها من البلد إلى بلد اخر. كانت هذه المبررات منتقاة بدقة لتتماهى مع مايشنه الناس من حملة على الضرائب والرسوم التي تمس الفرد أو المؤسسات فلا أحد يود أن يرى الضرائب وهي تأكل مستوى معيشته ورفاهيته واستهلاكه وتقلص مدخراته دون وجود إيراد اخر..هذه المبررات كافية لإقامة حفلة لتمريغ سياسات بعض المؤسسات -في التراب عبر كيل الاتهامات لمن يتسبب في تلك الأحداث فهي أدت وستؤدي لهروب جماعي للمستثمرين مما ينتج عنه خراب اقتصادي.ذكرت في السابق أن المستثمر مرحب به في أي مكان وفي كل دول العالم ومنها هذا البلد.لكن للجمهور عين ترى أفضل ممايراه المختصون ولا أزكي أحدا على احد..لكن الهستيريا وصلت إلى أن الجهات الحكومية المعنية بالاستثمار والمستثمرين تقود حملة لطرد رأس المال عبر تلك الرسوم والضرائب التي رفعت..كيف صدق الجمهور هذه الواقعة وانغمسوا في هيجان عاطفي مع الشركة ضد مصدر رفع الرسوم فقط دون وقفة تأمل لمعرفة نصف الحقيقة الاخرى.فجأة تظهر الحقيقة الصادمة من رد الجهات المختصة وهنا قبل الرد لازال الطرف الاول متربعا على العرش كضحية ولازال مسيطرا على حملة نواح وبكاء وتعاطف العوام معه. جاء الرد صريحا وواضحا أن تلك الأرقام والمبررات غير دقيقة فالأسعار لم تتغير وإن ارتفعت فهي طفيفة بينما في المقابل تكون فروق الأسعار على مستوى دولة اخرى اكبر بكثير من أسعار البلد.في هذه الواقعة كان الكل متسرعا ومنساقا ومتشائما وشاتما كذلك ومتضامنا مع الشركة التي قررت «الهرب بسبب جحيم الضرائب والرسوم».الكثيرون لايعلمون شيئا عن القصة الحقيقية لكنهم لاإراديا ينساقون في كيل الاتهامات دون سماع القصة الاخرى وهي ناتجة من البؤس واليأس بسبب مايرونه من «فشل» أو «اخفاقات» دون وجود معايير حقيقية لتقييمها..لكن الرغبة في جلد الذات وإعدام الحقيقة هي سمة رائجة وشائعة هذه الأيام..هل يمكن لشخص أن يسوق عقله لتصديق إشاعة أو حملة تضليل لمجرد أنه غاضب أو أنه وصل إلى حالة يأس من اللاشي ليمارس الكذب والتضليل.هذا مايحدث فهناك البارعون في اقتناص فرائسهم في فخ مصيدة التعاطف عبر التضليل.ومع ذلك يمكن أن يقفز شخص من حيث لايعلم ليفضح شهادة مضللة لأخر يعتقد أن الدولة/الحكومة هي السبب لنكتشف أن اصحاب هذه القصص أناس مضللون ويقودون حملة تضليل لغايات في نفوسهم.ولربما لو أخضعوا للمحاسبة لثبت عليهم الجرم حينما كانوا في أعمالهم..ينبغي أن نتصدى لحملة التضليل التي يقودها الكثيرون من المضللين وضحيتها جمهور واسع من العوام فتلك لها انعكاسات سلبية على الجميع.لايمكن باسم حرية التعبير طرح البيانات المشبوهة على أنها حقائق دون التأكد لنكتشف لاحقا أننا ضحايا التضليل.وانها بيانات مضللة هدفها كسب تعاطف الناس لتحقيق مآرب منها قد يكون الضغط على الجهات المختصة التي بدأت حاليا تدرك القواعد على الساحة واهمها سرعة الرد وتبيان الحقيقة.استردوا عقولكم.