بقلم: محمد محمود عثمان
الازمات الاقتصادية المتتالية تضع أجيال المستقبل في مهب الريح ، إذ ينعكس ذلك على الاستقرار السياسي وما يصاحبه من تغيرات في الخريطة السياسية التي تلقي بظلالها على المجتمعات العربية ، ولذلك هناك تخوفات من تأثيرات سلبية متعددة تهدد الأمن الاجتماعي ، بل والأمن القومي عندما يهدد التضخم وزيادة الأسعار أصحاب الدخل المحدود أو الضعيف ، أو فئة الباحثين عن العمل والمعدمين ، أو المسرحين عن العمل عندما تنخفض القيمة الشرائية للعملات في مواجهة الارتفاعات الهائلة للأسعار، خاصة في المجتمعات المستهلكة غير الإنتاجية ، التي تتعرض لمخاطر وأزمات تهدد استقرارها ، في ظل انتشار عدوى الإضرابات والمظاهرات والحراك السياسي الذي يجتاح بعض بلاد العالم العربي على استحياء في بعض الوقت ، والخشية من أن تاتي الاجتياحات عاصفة بدون إنذار صريح ، وبدون مقدمات وبدون قدرة على السيطرةعليها لتأكل الأخضر واليابس ، وهذه الأحداث أحد المخاطر التي تهدد الانتعاش والنمو الاقتصادي ، بل وتهدد تعافي الاقتصاد العالمي وتتسبب في زيادة الآثار السلبية للأزمات الاقتصادية ، وتستمد مقوماتها من مخرجات جائحة كورونا التي أدت في التباطؤ وعرقلة الاقتصاد ، لذلك فإن التحديات في هذه المرحلة ضخمة والمخاطرأضخم خاصة على أجيال المستقبل وهم دعائم المجتمعات في التقدم والنهضة والبناء والتنمية تضاف إلى ذلك أزمات نقص العمالة الفنية وزيادة البطالة والمسرحين عن العمل والتباطؤ في حملات التطعيم خاصة في الدول الفقيرة والنامية وأيضا ذات الدخل المنخفض، والتي تعاني من زيادة حجم الديون الداخلية والخارجية ،وتكلفة الدين التي تدفع فواتيرها الأجيال المقبلة وتحمل على عاتقها أخطاء الحكومات المتورطة في ذلك لأن هذا الأمر يولد حفنة مستفيدين وملايين المتضررين على المدي الطويل ، وهروب المستثمرين والشركات إلى مناطق أو دول أكثر جاذبية للاستثمارات. ويظل الشباب هو الخاسر الوحيد الآن وإصابته بالإحباطات النفسية ، لعدم تقديم حل لمشاكله بسبب الأزمات الاقتصادية المتتالية التي عجزنا عن مواجهتها وفشلنا حتى في :- أولا: عدم توفير الحياة الكريمة له أو الوظيفة التي تناسبه وتحقق طموحاته. ثانيا: عدم إعداده كمُنتج بشري قابل للتصدير، ومصدر من مصادر تنويع الدخل ، ومصدرا للعملات الصعبة ، بعد تزويده بالعلوم وبالقيم والمهارت العصرية التي تؤهلة لخوض غمار الحياة بنجاح والمنافسة في مختلف الأسواق العالمية ثالثا: عدم القدرة على إقناعه بشعارات إعلامية بأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان وأن ما تقدمه الحكومات اعمال خارقة للعادة وكان لا يمكن تحقيقها في عشرات السنين. رابعا: عدم تدريبه على الاعتماد على الذات وروح المبادرة والثقة في النفس بما يساعده على الاعتماد على النفس في كل أموره الحياتية بدون الاعتماد الأساسي على الأسرة أو الدولة أو على كليهما. خامسا: عدم القدرة على الاستفادة من قدرات وطاقات الشباب المهدرة منذ ولادته وحتى الانتهاء من الدراسة وتركه بعد ذلك نهبا للفراغ والضياع وهذا فاقد اقتصادي. سادسا: عجز الإدارة تحت شعار-الأزمات الاقتصادية -عن حسن توظيف هذه الثروة وتفعيلها وتطويعها لتؤدي دورا حيويا وانتاجيا يتوافق مع قدراتها وتأهيلها’ وجعلها مشروعا استثماريا طويل المدى باعتبارها من أهم أركان التنمية الاقتصادية في كل المجتمعات إن لم تكن الأهم سابعا: عدم حماية الشباب العربي الذي يلقى حتفه يوميا على شواطيء أوروبا أملا في حياة أفضل في بلاد الفرنجة على الرغم من تدعيم الاقتصاديات العربية للآخرين كما حدث بعد حصول الرئيس الإمريكي الأسبق ترامب على بلايين الدولارات لتوفير فرص عمل للشباب الإمركي. أن الأزمة الاقتصادية تفرض على الجميع مسابقة الزمن للعودة للتعافي وبناء الاقتصاد المنهاربالعمل الشاق وزيادة ساعات العمل لتحسين الإنتاج والإنتاجية لأن الفروق الحقيقية والجوهرية في تقدم المجتمعات تكمن في دعم الاستقرار وبث الثقة في التعاملات الاقتصادية والتجارية حتى لا يحول ذلك دون تدفق الموارد المالية والاستثمارات لفترات قد تطول تبعا للقلاقل التي تؤثر في كل مجتمع على حدة ووفقا لإمكانيته ونظامه الاقتصادي والمرونة التي يتمتع بها في مواجهة الأزمات ، وكيفية توجيه الموارد الاقتصادية للاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية والبشرية ، وبناء قواعد صناعية قوية تستوعب شباب الخريجين وقادرة على التصدير والوصول للأسواق العالمية ، والاستفادة من الموارد الطبيعية والمواد الخام ، وإعداد أجيال المستقبل الفاعلة في المجتمع وتسليحها بالتقنيات والمعلومات التي تعد قيمة مضافة حقيقية غير منظورة، مهما كانت تكلفتها المادية ، وتوليد فرص العمل الجديدة من خلال المشروعات الصناعية والاستثمارية وتوطين التكنولوجيا.