أهمية دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٤/فبراير/٢٠٢٢ ٠٨:٥٨ ص
أهمية دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

بقلم: سالم بن سيف العبدلي

تعول العديد من دول العالم على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الاعمال الكثير من الامال ، لما لها من أهمية في المساهمة في توليد فرص العمل ورفد موازنات الدول وتنويع مصادر الدخل، فوجود هذه المؤسسات يؤدي الى النمو والانتعاش الاقتصادي حيث تعتمد الدول حتى المتقدمة منها عليها وتعتبرها النواة الاولى للشركات الكبرى لذا تقدم لها الرعاية والدعم المباشر وغير المباشر لكي تستطيع ان تقوم على رجليها وتنافس في الاسواق الداخلية والخارجية. العديد من الاقتصاديات الناشئة استفادت من تجربة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في بداية التطور والنمو الاقتصادي، فعلى سبيل المثال فإن أغلب دول جنوب شرق آسيا أو ما تسمى بمجموعة النمور الاسيوية وهي هونغ كونغ وتايوان وكوريا وسنغافورة أعتمدت اعتمادا كبيرا على هذه المؤسسات في مراحلها الأولى من التنمية ، وفي السلطنة تشكل المشروعات الصغيرة والمتوسطة حوالي 90% او أكثر من حجم النشاط الاقتصادي وتقسم هذه المشروعات الى صغرى وصغيرة ومتوسطة حسب عدد العمال والمبيعات السنوية. الدول الصناعية الآسيوية مثل الفلبين وماليزيا وتايلندا واندونيسيا اعتمدت كثيرا على هذه المؤسسات وسارت على نفس النهج وبسبب هذا الاهتمام إنتعش إقتصادها ، وتظهر البيانات المنشورة ارتفاع مساهمة هذه المؤسسات في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاديات الأكبر على مستوى العالم ووصلت إسهامها في الصين مثلا 60%، وفي ألمانيا 54%، وفي اليابان 52%‘ وفي الولايات المتحدة 50%..أهتمت السلطنة بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة الفائتة وعقدت العديد من الندوات وورش العمل كما صدرت التوصيات والقرارات الكثيرة التي تطالب القطاعين العام والخاص بدعم هذه المؤسسات ومن أهمها ندوة ندوة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بسيح الشامخات بولاية بهلاء والتي انعقدت في يناير من عام 2013 م بتوجيهات سامية من المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه- وقد خرجت الندوة بقررات وتوصيات هامة للغاية اعتمدها جلالة السلطان قابوس رحمه الله وأصبحت ملزمة حيث نفذ بعضها كإنشاء هيئة خاصة تعنى بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وصندوق الرفد (سابقا) لتقديم التمويل والقروض الميسرة لهذه الفئة من المشاريع وتخصيص 10% من المناقصات الحكومية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الا ان بعض القرارات لم ترى النور لاسباب متعددة. المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أثناء جائحة كوفيد -19 تأثرت بشكل مباشر لدرجة أن العديد منها قد اغلقت ابوابها ووصل الامر إلى المسائلة القانونية وبعض أصحاب هذه المؤسسات كانوا ضحايا ودخل بعضهم السجون بسبب عدم استطاعتهم سداد ماعليهم من إلتزامات لاصحاب المحلات التي استأجروها او للمصارف التي أخذوا منها تمويل فكانوا على أمل ان يقوموا بسداد هذه الالتزمات خلال الفترة الفائتة الا ان الرياح جاءت بما لا تشتهيه السفن. صدرت توجيهات سامية من جلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله - بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإعفائها من بعض الالتزمات والرسوم واتخذت الحكومة حزمة من الاجراءت لمساعدة هذه المؤسسات وضمان معاودة نشاطها وقيامها على رجليها حيث صدرت بعض القرارات من اللجنة الرئيسية المعنية بمتابعة وباء كورونا من أهمها تأجيل الاقساط الشهرية وتقديم قروض ميسرة بدون فوائد من بنك التنمية وغيرها من القرارات المحفزة الا ان هذه الحزمة غير كافية لبعث النشاط من جديد الى هذه المؤسسات ولم تحقق الهدف المطلوب على حسب تأكيدات العديد من أصحابها. المؤتمرالصحفي الذي عقدته هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مؤخرا سلط الضوء على التوجهات الاستراتيجية لتطوير هذه المؤسسات إضافة الى برنامج جاهزية رائد العمل والبرامج التمويلية ودور بنك التنمية العماني في إدارة المحفظة الإقراضية وآلية تلقّي طلبات التمويل وغيرها ، وذكر بأن هناك ٦١٩ مشروعا استفادت من برنامج التمويل الطارئ وهي من الحالات الأكثر تأثرا في عام ٢٠٢١ وأن سقف تمويل الأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يصل إلى 250 ألف ريال عماني بالاضافة الى إمكانية التمويل الإضافي للمشروعات القائمة والملتزمة بسداد الأقساط. وحسب المسئولين في الهيئة فإن البرامج التمويلية المتعلقة بالقيمة المحلية المضافة وصل عددها ٧ برامج كما تم تمويل مشروعات صناعية ومشروعات الامتياز التجاري ورأس المال والشركات المحتضنة ومشرعات الأعمال بالاضافة الى الشركات الناشئة والمنتجات الحرفية والمشروعات الفرعية والأعمال الحر والعربات المتنقلة وبرنامج “ضامن”. كما أنّ المحفظة الإقراضية للهيئة التي يُديرها بنك التمية بلغت حوالي ٧٣ مليون ريال عُماني خصصت لجميع مشروعات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة الفائتة. ورغم هذه الجهود التي نتابعها بإستمرار عبر وسائل الاعلام المختلفة الا ان العديد من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يشتكون من البيروقراطية التي لازالت متأصلة في بعض الوحدات الحكومية ، والقيود والتعقيدات التي تضعها بعض الجهات والتي تحول دون تطور وتقدم هذه المؤسسات ، لذا نأمل بان يتم التغلب على هذه الحواجز وتقديم مختلف وسائل الدعم من اجل نجاح هذه المؤسسات.