مكافحة الفساد والشفافية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٧/فبراير/٢٠٢٢ ٠٩:٢٢ ص
مكافحة الفساد والشفافية

بقلم : سالم بن سيف العبدلي

غالبية دول العالم تعاني من ظاهرة الفساد الذي يستشري في أجهزتها ووحداتها المختلفة فهناك بلايين الدولارات يتم تبيضها ونقلها سنويا من دولة الى أخرى واغلبها ناتجة عن الفساد المالي اما الفساد الإداري الذي يتواجد بشدة في هذه الدول فهو يعتبر سبب من أسباب تخلف وتأخر واعاقة نموها ففي مجال الاستثمار فإن العديد من المستثمرين لا يقبلون على الاستثمار في الدول التي يستشري فيها الفساد بكافة انوعه. جلالة السلطان -حفظه الله- وفي خطابه التاريخي الذي القاه في شهر فبراير من عام 2020 م بعد توليه مقاليد الحكم في السلطنة اكد على نية الحكومة تدعيم مبادئ النزاهة والشفافية، وتطبيق نهج المساءلة والمحاسبة، من هنا فإن جهاز الرقابة المالية والادارية للدولة و الادعاء العام يقع على عاتقهما مسئولية كبيرة في مراقبة الاداء والمحافظة على المال العام.

الحكم الرشيد ومكافحة الفساد بينهما علاقة وطيدة فدائما ما يرتبط مكافحة الفساد بالحكم الرشيد ويعرف الحكم الرشيد على انه «انشاء مؤسسات سياسية واقتصادية واجتماعية وإدارية تؤدي عملها بكفاءة وتخضع للمساءلة أي أن « الحكم الرشيد لا يمكن ان يستقيم مالم يكون هناك جهاز للمساءلة والنزاهة على ان يركز هذا الجهاز أيضا على مبدا الشفافية في المشتريات الحكومية وإدارة المال العام فالفساد حسب تعريف البنك الدولي يعني « استغلال السلطة من أجل الحصول على مكاسب شخصية « اما الشفافية بمعناها البسيط هو انه «ليس لديك ما تخفيه» أو بمعنى أخر «تجنب الشبهة والاتهام».

ومن أجل محاولة الحد من الفساد قبل وقوعه ينبغي ردع كل من تسول له نفسه استغلال نفوذه أو سلطته لمصلحة شخصية من خلال إستحداث وحدة متخصصة للشفافية والافصاح ومكافحة الفساد والتي اصبحت ضرورة في ظل الإصلاحات والصحوة الاقتصادية الهامة التي تعيشها البلاد حاليا والاستثمارات المحلية والاجنبية التي تصل قيمتها الى بلايين الدولارات ، ومن أجل تنفيذ رؤية 2040 على أكمل وجه لابد من إنشاء مؤسسة ذات طبيعة متخصصة يختلف دورها عن جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بحيث تعمل وتتكامل معها ، تختص بالحد من الفساد واكتشافه قبل وقوعه بالاضافة الى بناء بيئة طاردة له. الجهاز المقترح يقوم برسم سياسة عامة لمكافحة الفساد وحماية المال العام في السلطنة وينبغي ان يتركز دوره في مراقبة تنفيذ الخطط وكيفية صرف الموازنات السنوية وطريقة تنفيذ المشاريع وفحص الذمم المالية لكبار المسئولين الخاضعين للقانون والوقاية من الفساد قبل وقوعه وانفاذ القانون بملاحقة ومحاسبة مرتكبي جرائم الفساد بكافة أنواعها إضافة الى التحقق من الشكاوى التي تقدم من المواطنين حول قضايا الفساد والتأكد من شبهات الفساد المشكوك فيها إضافة الى توعية المجتمع بكافة مستوياته حول خطورة الفساد على أن يكون لدى الجهاز مركز اتصالات ومعلومات قوي ومرن لتلقي البلاغات الفورية وتوعية المجتمع بمخاطر الفساد.

ينبغي الاسراع في الانتقال الى الحكومة الالكترونية والتي تأتي ضمن اوليات رؤية 2040 لكي تواكب التعديلات الاقتصادية المقبلة والتي من خلالها يمكن محاصرة الفساد ومكافحته وان كانت بعض المؤسسات الرسمية قد قطعت شوطا لا باس به واستطاعت ان تمكنن اغلب معاملاتها الا ان العديد من الوحدات الخدمية لا زالت بعيدة عن تطبيق هذا النظام رغم ان الخطة كانت تستهدف الانتقال الى الحكومة الإلكترونية قبل أكثر من عامين الا إن ذلك لم يتحقق.

البيان الاخير للإدعاء العام كشف عن أهم الجرائم التي رصدها خلال العام الماضي بالتعاون مع جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة والتي كان من ضمنها جرائم متعلقة بالمساس بالمال العام والتي بلغت 107 جريمة من ضمنها 33 جريمة متعلقة باستغلال المسؤول الحكومي لتحقيق منفعة له أو لغيره و26 قضية لجريمة استعمال الوظيفة لجلب منفعة و120 لجلب المنفعة للغير و9 قضايا لجريمة الإخلال بالقيام بالواجبات عن قصد، يؤكد لنا بأننا نمضي في الاتجاه الصحيح وان كان الجميع يأمل ان يتم الكشف عن اسماء الشخوص او الجهات التي اركبت الجرم لكي يكونوا عبرة للاخرين.