الشركة الوطنية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٣/يناير/٢٠٢٢ ٠٨:١٣ ص
الشركة الوطنية

بقلم : محمد بن علي البلوشي

ينظر الناس إلى الشركة المحلية الخاصة كنظرتهم إلى الشركة الحكومية، فالشركة الحكومية هي شركة محلية والمواطن أحق بالعمل فيها فهي ماله لكن الحكومة تسير أعمالها نيابة عن المجتمع لأنها حريصة عليها وأعطاها المواطن ثقته وإن قصرت الشركة الحكومية في شيء حاسبها بالأدوات المتاحة.ويرون كذلك أن الشركة الخاصة هي شركة عمانية وطنية وبخاصة إن كان أصحابها مواطنين وهنا تنطبق عليها عبارة «الأقربون أولى بالمعروف» والمعروف لايقصد به المنة والعطاء بل أولوية العمل في هذه الشركة قبل الآخرين .حينما تقوم الشركة المحلية الوطنية على أكتاف هذا البلد وترابه ومواطنيه كمستهلكين فإنهم يرون الشركة الخاصة في البلاد شركة تعتاش إيراداتها من خيرات هذه الأرض تبيع منتجاتها وخدماتها على المواطنين فيشترون منها ويستفيد أصحابها من هذه العملية التجارية. وتستفيد الشركة الخاصة من الحكومة في المناقصات فتحصل على عقود بالآلاف أو الملايين..وتحمي الحكومة هذه الشركة بقوانينها وتوفر البيئة الآمنة للعمل..لولا هذه الأرض لما وجدت هذه الشركة، فهي إذن شركة وطنية تستقي من الازدهار الذي تعيشه ومالكها لم يوجدها من العدم بل بالمرونة التي سهلتها له الحكومة لينشئها والامتيازات والدعم الذي يحصل عليه من قروض وتسهيلات ومناقصات أخرى. هذه الشركة تصبح في اعتقاد الناس انها لاينبغي ان تكون في جزيرة معزولة فهي ايضا مطالبة بالاستفادة منها عبر التوظيف...فيصبح السؤال إذن: لماذا يشتري الناس خدماتها ومنتجاتها وتقدم لها الحكومة المناقصات ثم تغلق الأبواب أمام التوظيف لتجلب الموظفين من خارج البلاد؟..هكذا يرون وفيما يرون أحرار. في سنوات فائتة تحدث جلالة السلطان الراحل عن دعم المنتج الوطني فحث الناس على شراء المنتج المحلي الذي تصنعه الشركة الوطنية..فهو أولى بالشراء والاقبال من المنتج المستورد وإن كان الفرق في السعر بسيطا جدا،وعند إقبال الناس على منتجاتها تزدهر أعمالها داخليا وتصدر خارجيا فتشغل وتوظف أبناءهم المنتج والمجتهد والمثابر وتستفيد الحكومة منها في الرسوم المحلية ورسوم التصدير فتدر مالا على خزينة الدولة لتنفق الحكومة هذا المال على صورة خدمات تنموية وغيرها.حلقة يستفيد الجميع منها..جنت الشركات منذ نشأتها الأموال الكثيرة منذ الثمانينيات- كمثال-حينما كانت البلد تواصل طور التأسيس ولازالت الحكومة حينها بحاجة للمواطنين في مختلف مؤسساتها العسكرية والمدنية لسد حاجاتها المتنامية من القوة البشرية بينما كان الباب لأصحاب الأعمال مفتوحاً لجلب مايحتاجون من القوى العاملة غير المحليةوكانت الضرائب عليهم يسيرة ورسوم العمال متواضعة والتسهيلات الحكومية المقدمة لهم كثيرة فنجحوا في تأسيس مؤسساتهم وشركاتهم إلى ما أصبحت عليه اليوم من مكانة راسخة في الاقتصاد الوطني. اليوم نعيش تحولاً في تفكير الناس من العمل الحكومي إلى العمل في الشركة، فالعمل في الحكومة ينبغي أن يصبح كالعمل في الشركة للحاجة إلى العمال وليس تشغيلاً مستتراً لتوزيع المال..واصبح المواطن اليوم يحتك بثقافات مختلفة في سوق العمل وفي الشركات ليستفيد من خبراتهم..والمنطق يقول كذلك أن يضع صاحب الشركة نقل الخبرة والمهارة من الأخرين الذين يعملون لديه إلى الشباب الذين يعملون في شركته ضمن الأولوية.. فهو يكرس قيمة الشركة كشركة وطنية في الدولة الوطنية. في حادثة لربما ليست دقيقة تقول اشترى احدهم -ذو مكانة إجتماعية - سيارة ليست من إنتاج بلده فتلقته الصحافة بحملة لتصرح أنه حقر بفعله ذلك من شأن العامل الوطني الذي ينتج هذه السيارة..والعامل الوطني يصبح هنا كل مساهم في صناعة السيارة والشركة والمصنعون الفرعيون. ولذلك يعتقد الناس أنهم احق بالوظائف من غيرهم بما أنهم مؤهلون وبالمقابل يرون أن بعض المقترحات كالتي تطلب رفع الحماية الحكومية عن العمال المحليين لتتحول الشركة إلى وحش يتصرف كما يشاء هو أشبه بحرب عليهم وينبغي نقل خدمات تلك الشركات إلى أرض أخرى لنرى هل يمكن أن تزدهر هناك وتتصرف كما يشاء. ينبغي لرجال الأعمال والمستثمرين وبخاصة المواطنين أن يضعوا في الحسبان من هم المستهلكون..حينما يرون الشركات تزدهر أعمالها لكنهم -المواطنون-لايستفيدون منها بالأعمال والتشغيل بل وتحاول أن تلقي بهم في الشارع لأنهم ليسوا منتجين فإن ذلك قد يؤثر بصورة وبأخرى على منتجات هذه الشركات..ولاتوجد كائنات فضائية لتشتري خدماتها ومنتجاتها سوى هؤلاء المواطنين سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات حكومية أو خاصة أخرى..ولقطع الحجج الواقعية والصحيحة أو المفتعلة ينبغي للحكومة عبر مؤسساتها التعليمية المهنية والفنية أن تقدم لهذه الشركات منتجات بشرية مؤهلة ومدربة ومنضبطة لسوق العمل حتى لاتتذرع الشركات بأنهم مستهترون وتنقصهم المهارات ولايصلحون للعمل وسيتسببون لهم بخسائر مالية فادحة.وسيقولون:على الحكومة أن تهتم بهم ولتعطهم راتبا سواء عملوا أو لم يعملوا فالشركات هي المكان المثالي للمنتجين فقط.أصحاب الشركات كذلك عليهم أن يعوا أن هؤلاء الشباب هم ابناؤهم وعلى شركاتهم أن تتبنى خارطة للمجتهدين والمنتجين.العامل غير المحلي في الشركات سيقاتل ليبقى فهو رزقه حتى لو كان على حساب العامل المحلي المنتج..ترى لمن سينحاز صاحب الشركة وبخاصة إن كان الصف الأمامي الذي يديرها من غير العمانيين وهم من يقيمون إنتاج أبنائنا بضمير أو مداهنة؟..تذكروا إنه صراع على الرزق.