اللامركزية ودور المحافظين

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٧/يناير/٢٠٢٢ ٠٨:٢٣ ص
اللامركزية ودور المحافظين

بقلم:سالم بن سيف العبدلي

تعرف اللامركزية على أنها عبارة عن عملية نقل السلطة، بمختلف أنواعها سواء التنفيذية أو التشريعية أو الاقتصادية من مستوى إداري أعلى إلى مستوى إداري أدنى ، وعدم تركيزها بمستوى إداري واحد بحيث يتم توزيعها على كل المستويات الإدارية الأخرى سواء في داخل الدولة أو مؤسساتها المختلفة ، واللامركزية مطلب الجميع وفيها فوائد متعددة للجميع ، وكثيرا ما نسمع بأن مواطناً بسيطاً يقطع عشرات الكيلو مترات للوصول الى العاصمة مسقط من اجل المراجعة في موضوع معين يخصه ويتجشم عناء السفر من اجل مقابلة مسؤول في احدى الوحدات الحكومية الخدمية بينما كان بإمكانه ان يحصل عليها وهو في منزله اذا ما توفرت اللامركزية وطبقت الحكومة الالكترونية.

التقسيم الاداري لسلطنة عمان مر بمراحل مختلفة نذكر منها إعتماد التقسيم الاداري للسلطنة والصادر بالمرسوم السلطاني رقم ( 6/‏‏ 91) والذي حدد المناطق الادارية والولايات التي تتبع كلا منها إلى أن صدر المرسوم السلطاني رقم ( 114/‏‏ 2011) والخاص بإعتماد التقسيم الاداري وتنظيم المحافظين وصدرت قبلها مراسيم سلطانية خاصة بتحديد إختصاصات مكتبي وزير الدولة ومحافظي كل من مسقط وظفار وبعد ذلك صدر المرسوم السلطاني رقم (67 /‏‏ 2019) بإستحداث منصب وزير الدولة ومحافظ مسندم وأخيرا جاء المرسوم السطاني رقم ( 101/‏‏ 2020 ) والخاص بإصدار نظام المحافظات والشؤون البلدية.

هذا التدرج وما صاحبه من تنمية وتطور في جميع المحافظات يؤهلها الى الاعتماد على النفس وإدارة شؤونها المحلية وتوفير وإستغلال العديد من الامكانيات و تطوير وتنمية مختلف القطاعات الاقتصادية فيها خاصة وأن السلطنة مترامية الاطراف وتتباين الظروف البيئية والمناخية بين المحافظة والاخرى فكل محافظة من محافظات السلطنة لها ميزة نسبية ومزايا يمكن استغلالها والاستفادة منها.

المرسوم السطاني رقم ( 101/‏‏ 2020 ) والخاص بإصدار نظام المحافظات والشؤون البلديةمنح المحافظات الاستقلال الاداري والمالي وأعطاها الصلاحية لتشكيل مجلس لشؤون المحافظات والذي يشرف على كافة الامور الادارية والمالية وينظم ويراقب الاداء حيث حدد المرسوم مركزاً لكل محافظة هو بمثابة العاصمة الاقليمية لها والتي تتوفر فيها أغلب الادارات والمؤسسات الخدمية.

جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- في لقائه الاخير بشيوخ بعض المحافظات اكد اكثر من مرة على دور المحافظات والمحافظين واشار الى إلى ان الدولة أعطتهم الحرية التامة في ادارة شؤون محافظاتهم، وذكر جلالته ان القانون المتوقع صدوره قريبا والخاص بمهام واختصاصات المحافظين والولاة سوف يحدد الصلاحيات والمهام وأكد جلالته على انه سوف تكون هناك نقلة نوعية مشيرا الى جملة من الفرص الاستثمارية التي يمكن استغلالها في كل محافظة حسب الميزة النسبية لها...ونظن بأنه عند اكتمال تطبيق الاجراءت الممنوحة لكل محافظة سوف يسهم كل ذلك الى الانتقال نحو اللامركزية في اتخاذ القرارات وفي توفير الخدمات وانتعاش الاستثمار وتحقيق واحدة من أهم أهداف الرؤية المستقبلية عمان2040

امر جلالة السلطان كذلك برفع مخصصات برنامج تنمية المحافظات من 10 ملايين ريال عماني الى 20 مليون لكل محافظة خلال الخطة الخمسية الحالية وهذا سوف يسهم في تنمية وتطوير هذه المحافظات واقامة مشاريع وبنى اساسية مهمة يستفيد منها أبناء المحافظة والمقيمون فيها.

ومن أبرز الاختصاصات التي منحها القانون للمحافظات إنشاء وإدارة المرافق البلدية وحماية الأملاك العامة، وإزالة التعديات عليها، بالاضافة الى العمل على استيفاء إحتياجات المحافظة من المرافق العامة غير البلدية، والخدمات الحكومية الأخرى والحفاظ على سلامة البيئة كما يحق للمحافظة القيام بتنفيذ المشاريع الإنمائية والمشاركة في إعداد مشروعات خطط التنمية، وتذليل الصعوبات التي تواجهها كل ذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة. بهذه الصلاحيات والمهام والتي سوف يتبعها قانون خاص بمهام المحافظين نستطيع القول بأنها بداية الانطلاقة نحو اللامركزية في العمل وتقديم الخدمات للمجتمع وبالتالي إستغلال الامكانيات المتوفرة فيها بطريقة مثلى وتوفير فرص عمل ، لذا ينبغي إعداد خطة استراتيجية لكل محافظة يشارك في اعداها عدد من المختصين من الاقتصاديين واهل الخبرة والكفاءة. ونتوقع بأنه سيكون هناك تنافس نحو تحقيق الجودة وتنمية المناطق الحضرية والريفية والجذب السياحي ودعم إنشاء شركات اهلية استثمارية على مستوى المحافظة يسهم فيها أبناء الولايات التابعة لها وكل هذا يمكن ان يتحقق بالارادة والعزيمة. الجميع يترقب ان تكون هناك نقلة نوعية في محافظات السلطنة بعد اعطاء الصلاحيات للمحافظين والولاة وهذا يتطلب ان تكون هناك رقابة صارمة على اموال الدولة ووضع معايير ومؤشرات لقياس الاداء في كل محافظة أو مايسمى بـ KPI كما ينبغي متابعة الاداء ووضع نظام الحوكمة و محاسبة المقصرين في اداء مهاهم وهنا يقع الدور على المجالس البلدية والتي ينبغي ان يتم ترشيح اعضائها حسب معايير وشروط محددة ولا بد ايضا من ضخ دماء جديدة شابة توكل اليها المسؤولية في المرحلة المقبلة والتي تطلب السرعة في الانجاز ومواكبة التقدم والتطور.