هافانا –
أشاد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بالرئيس الكوبي راؤول كاسترو لاستيعابه حقائق العالم الحديث بعد اجتماع مع الزعيم الشيوعي فيما يمثل خطوة أخرى في تحسن علاقات كوبا مع الغرب.
وهاموند أول وزير خارجية بريطاني يزور كوبا منذ ثورتها العام 1959 وتأتي زيارته بعد زيارة قام بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما لكوبا في مارس.
وقال هاموند في مقابلة في مقر إقامة السفير البريطاني في هافانا «إنه يتبنى برنامجاً للتغيير التدريجي ويستوعب حقائق العالم الذي نعيش فيه.
«لقد دُهشت جداً لحقيقة وصفه الإنترنت على أنه واقع عالمنا وتحدثه بشكل إيجابي عن الفوائد التي يمكن أن تحققها الإنترنت». ومازالت كوبا إحدى أقل دول العالم دخولاً إلى الإنترنت حيث أن الدخول إليه باهظ الثمن ويواجه قيوداً.
وتقول الدولة إنها تريد توسيع الدخول إلى الإنترنت وتقوم بوضع نقاط اتصال للواي فاي في كل أنحاء البلاد. ولكن التغيير بطئ ويشير منتقدون إلى أن الحكومة تخشى فقد السيطرة على وسائل الإعلام ورؤية منابر جديدة للمعارضة السياسية تُفتح.
وقال هاموند إن «كاسترو يسعى لوضع نفسه في الوسط بين هؤلاء الذين يريدون مقاومة التغيير والذين يريدون تغييراً أسرع وأكثر راديكالية».
وأضاف إن بريطانيا تأمل بتعزيز الإصلاحات من خلال التعاون في قطاعات معينة. وقال هاموند إن الحكومة تدرك إن قطاع الخدمات المالية متخلف.
وأضاف إن «كاسترو قال لي بشكل مباشر (إننا نفتقد الخبرة الإدارية في الخدمات المصرفية) وهذا مجال لدى المملكة المتحدة شيء واضح جداً فيه تقدمه». وقال هاموند إن القطاعات الرئيسية التي ترى بريطانيا فرصا فيها للقيام بنشاط في كوبا هي الخدمات المصرية والسياحة والطاقة المتجددة.
ولكنه أضاف أن التحديات للقيام بنشاط في كوبا مازالت موجودة ولاسيما بسبب الحظر التجاري الأمريكي. وقال «أجرينا أيضاً مباحثات مع الولايات المتحدة بشأن التحديات التي تواجه البنوك البريطانية والبنوك الأخرى للقيام بأنشطة مع دول تواجه عقوبات أمريكية. «توجد بعض المشكلات هنا ولكننا نعمل من خلالهم مع الولايات المتحدة ونأمل بتحقيق تقدم بطريقة تُمكن قطاع الأعمال البريطاني من القيام بمزيد من الأنشطة مع كوبا».
رسالة
في مارس الفائت نشر الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو رسالة في صحيفة «غرانما» الحكومية، يعبر فيها عن «امتعاضه» من زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لكوبا. وقال فيدل، الذي كان قد سلم السلطة في كوبا لشقيقه راؤول، إن كوبا لم تكن بحاجة «لهدايا من الإمبراطورية». ووصف كلمات أوباما التي تهدف للمصالحة بأنها مثل «المحلول السكري الذي يمكن أن يسبب للكوبيين أزمة قلبية». ودعا أوباما إلى «دفن بقايا الحرب الباردة في الأمريكتين».
وذكر كاسترو في رسالته القراء بغزو خليج الخنازير العام 1961 حين حاولت ميليشيات من كوبيين منفيين احتلال الجزيرة بمساعدة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه).
واقترح كاسترو أن «يتأمل أوباما في ما حصل ولا يحاول صياغة نظريات حول السياسة الكوبية».
وقال أوباما في الكلمة التلفزيونية التي ألقاها وبثت مباشرة لكاسترو إنه يجب أن لا يخشى من تهديد من الولايات المتحدة أو «من صوت الشعب الكوبي».
ودعا أوباما إلى رفع العقوبات المفروضة على كوبا منذ 54 عاماً، وانتزعت هذه الدعوة تصفيقاً حاداً من الحضور. يذكر أن الكونغرس الأمريكي هو وحده المخول برفع العقوبات. وكانت زيارة أوباما لكوبا الأولى لرئيس أمريكي منذ تسلم الشيوعيين الحكم في الجزيرة العام 1959.
مسيرة سياسية
فيدل أليخاندرو كاسترو (13 أغسطس 1926)، رئيس كوبا منذ العام 1959 عندما أطاح بحكومة فولغينسيو باتيستا بثورة عسكرية ليصبح رئيس الوزراء إلى العام 2008 عند إعلانه عدم ترشحه لولاية جديدة وانتخاب أخيه راؤول كاسترو مكانه.
وكان كاسترو في 1965 أمين الحزب الشيوعي في كوبا وقاد تحويل البلاد إلى النظام الشيوعي ونظام حكم الحزب الوحيد. وأصبح في 1976 رئيس مجلس الدولة ومجلس الوزراء. وكان أعلى قائد عسكري. بعد جراحة معوية في 31 يوليو 2006 سلم مهامه لأخيه الصغير ونائب الرئيس الأول راؤول كاسترو. في 19 فبراير 2008 وقبل 5 أيام من انتهاء مدة الحكم أعلن أنه لن يرغب في مدة جديدة كرئيس أو رئيس أركان.
بداية حياته
ترعرع في كنف والديه المهاجرين من إسبانيا والذين يعدون من المزارعين. تلقى تعليمه في المدرسة التحضيرية، وفي العام1945، التحق بجامعة هافانا حيث درس القانون وتخرج منها العام 1950. ثم عمل كمحامي في مكتب محاماة صغير وكان لديه طموح في الوصول إلى البرلمان الكوبي إلا أن الانقلاب الذي قاده فولغينسيو باتيستا عمل على إلغاء الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها. وكردة فعل احتجاجية، شكّل كاسترو قوّة قتالية وهاجم إحدى الثكنات العسكرية وأسفر هذا الهجوم عن ســــقوط 80 من أتباعه وإلقاء القبض على كاسترو. حكمت المحكمة على كاسترو بالسجن 15 عاماً وأطلق سراحه في مايو 1955، ونفي بعدها إلى المكسيك، حيث كان أخوه راؤول ورفاقه يجمعون شملهم للثورة، وكان قد التحق إرنستو تشي جيفارا بالثوار ليتعرف على فيديل كاسترو ويصبح جزء من المجموعة الثورية. وعلى متن قارب شراعي، أبحر كاسترو ورفاقه من المكسيك إلى كوبا وسُميت زمرته بحركة الـ 26 يوليو، ولم يعرب كاسترو عن خطه السياسي رغم قيامه بتأميم الأراضي في المناطق التي سيطر عليها الثوار، لكن بعد انتصار الثورة قام بتكليف أحد الرأسماليين الذين تبنوا لفكر الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون والرئيس أبراهام لينكن، وذلك لتفادي أي هجوم أمريكي على الثورة البكر كما حدث في غواتيمالا، وبعد أن سيطرت الثورة على كوبا كاملة بدأ بتأميم كل الصناعات المحلية. والمصارف وتوزيع ما تبقى من الأراضي للفلاحين.
تحرك كاسترو عسكرياً مع ما يقارب من ثمانين رجلاً في 2 ديسمبر 1956 واستطاع 40 من مجموع الـ 80 رجلا الانسحاب إلى الجبال، بعد أن تعرضوا لهجوم غير متوقع من جيش باتيستا عند روهم على الشاطئ ودخولهم كوبا، وعمل على ترتيب صفوفه وشن حرب عصابات من الجبال على الحكومة الكوبية. وبتأييد شعبي، وانضمام رجال القوات المسلحة الكوبية إلى صفوفه، استطاع كاسترو أن يشكل ضغطاً على حكومة هافانا مما اضطر رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية إلى الهرب من العاصمة في 1 يناير 1959 على إثر إضراب عام وشامل جاء تلبية لخطاب فيديل كاسترو وثم دخلت قواته إلى العاصمة هافانا بقيادة ارنستو تشي غيفارا حيث كان عدد المقاتلين الذين دخلوا تحت إمرة غيفارا ثلاثمئة. في أبريل 1961 وقع غزو خليج الخنازير والذي كان عبارة عن محاولة انقلابية من قبل وكالة المخابرات المركزية والتي انتهت بالفشل. استقال فيديل كاسترو من رئاسة كوبا ومن قيادة الجيش في 18 فبراير 2008 بعد صراع دام 19 شهراً من المرض وقد تولى شقيقه راؤول كاسترو زمام السلطة في كوبا.
سياسته الخارجية
سارعت الولايات المتحدة بالاعتراف بالحكومة اللاتينية الجديدة وكان كاسترو رئيساً للدولة آنذاك. وكلف أحد البرجوازيين برئاسة الحكومة، تفاديا لضربات السياسة الأمريكية المعادية للشيوعية والاشتراكية، وسرعان ما بدأت العلاقات الأمريكية الكوبية بالتدهور عندما قامت كوبا بتأميم الشركات، وتحديداً، شركة «الفواكه المتحدة». وفي أبريل من 1959، زار الرئيس كاسترو الولايات المتحدة الأمريكية والتقى هنا مع نائب الرئيس ريتشارد نيكسون، واعتذر الرئيس الأمريكي لعدم استطاعته اللقاء مع كاسترو لارتباطه بلعبة الغولف وقد طلب الرئيس الأمريكي من نائبه التحقق من انتماء كاسترو السياسي ومدى ميوله لجانب المعسكر الشرقي، وخلص نائب الرئيس نيكسون إلى أن كاسترو : ««شخص بسيط وليس بالضرورة يميل إلى الشيوعية»». وفي فبراير العام 1960، اشترت كوبا النفط من الاتحاد السوفييتي ورفضت الولايات المتحدة المالكة لمصافي تكرير النفط في كوبا التعامل مع النفط السوفييتي، فقام كاسترو على تأميم المصافي الكوبية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة الأمريكية، مما جعل العلاقات الأمريكية الكوبية في أسوأ حال. وقامت الولايات المتحدة بمحاصرة كوبا إلى أن انتهى الحصار في 2015، وقد تحسنت العلاقات الكوبية السوفيتية، واستمر التبادل الاقتصادي حتى الثمانينات حيث قام الاتحاد بمحاصرة كوبا ووقف استيراد الرصاص الكوبي.
أزمة الصواريخ
استناداً على مذكرات الرئيس السوفييتي خوروشوف، فقد رأى الاتحاد السوفييتي أن يقوم على نشر صواريخ بالستية لتحول دون محاولة الولايات المتحدة من غزو الجزيرة. وفي 15 أكتوبر 1962، اكتشفت طائرات التجسس الأمريكية منصات الصواريخ السوفييتية في كوبا ورأت تهديداً مباشراً للولايات المتحدة نتيجة المسافة القصيرة التي تفصل بين كوبا والولايات المتحدة (90 ميلاً). وقامت البحرية الأمريكية بتشكيل خط بحري يعمل على تفتيش السفن المتجه إلى كوبا. وفي 27 أكتوبر 1962، بعث الرئيس الكوبي كاسترو برسالة خطية للرئيس السوفييتي يحثه فيها على شنّ هجوم نووي على الولايات المتحدة ولكن الاتحاد السوفييتي لم يستجب لهذا الطلب. ورضخ الاتحاد السوفييتي لإزالة الصواريخ الكوبية شريطة أن تتعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا والتخلص من الصواريخ البالستية الأمريكية في تركيا. مما أدى لاستتباب الأمن وزوال الخطر، اتسمت العلاقة بين الولايات المتحدة و كوبا بالعدائية، واستمرت الولايات المتحدة بدعمها لمحاولات اغتيال كاسترو.
الاستقالة
استقال فيدل كاسترو من رئاسة كوبا ومن قيادة الجيش في 19 فبراير 2008 بعد صراع دام 19 شهراً مع المرض. وتولى زمام السلطة في كوبا من بعده شقيقه راؤول كاسترو.