بقلم : عيسى المسعودي
قبل سنوات عندما كنا نتابع بعض الأفلام العربية وخاصة التي تم إنتاجها في الثمانينيات والتسعينيات أو عندما نتابع أخبار المشاهير من الرياضيين والفنانين على مستوى العالم لم يكن البعض يدرك حجم الآثار السلبية الناتجة من التهرب الضريبي على الدول التي تطبق نظام الضرائب على السلع والخدمات ومدى هذا التأثير على دخلها القومي وعلى ايراداتها التي يتم تحصيلها من دفع هذه الضرائب سواء من قبل الشركات أو الأفراد حيث تعتمد العديد من الدول على مستوى العالم على هذه الضرائب وبنسبة كبيرة في الموازنة السنوية ، وكنا نتابع القضايا التي يتم رفعها على الأفراد والشركات ونشر الأخبار المختلفة عن التهرب الضريبي والدور الذي تلعبه الجهات الرقابية في هذا الشأن لإعادة ملايين الدولارات لخزائن الدول، كذلك كنا نتابع الأساليب المختلفة والتحايل والتصرفات التي يقوم بها البعض بهدف عدم دفع هذه المبالغ التي تعتبر حقاً للدولة جراء تقديم هذه الخدمات وأيضا رسوم يفترض دفعها جراء المكاسب المالية التي تتحقق للشركات أو الأفراد حيث كما نعلم أن هناك العديد من دول العالم تطبق نظام الضرائب على السلع والخدمات منذ سنوات عديدة وتستفيد منها لتنفيذ مشاريع تنموية وخدمية في مختلف المجالات والقطاعات ولكن كنا فقط متابعين لهذه القضايا من بعيد لبعيد ونقرأ عنها دون ان نوليها اهمية كبرى ولكن اليوم اصبحت الضرائب واقعاً في مجتمعاتنا وتلامس حياتنا بشكل مباشر واعتقد أن في المستقبل القريب سيتطور هذا الموضوع وبشكل كبير وسينظر له الجميع كأحدى الأساسيات الاقتصادية في حياتنا اليومية لدرجة أننا سنسأل عن قيمة رسوم الضرائب قبل شراء اي سلعة أو الحصول على خدمة .
الضرائب باختصار هي مبالغ او رسوم نقدية تحصلها الدولة من الأفراد أو المؤسسات جراء الاستفادة من الخدمات أو السلع المختلفة وتستفيد الدولة من رسوم الضرائب في تمويل المشاريع التنموية مثل التعليم والصحة والطرق والسدود والاتصالات والمشاريع الخدمية وغيرها لذلك تعتبر الضرائب أداة مهمة للدول، السلطنة ومطلع هذا العام وضمن توجهات وقرارات مجلس التعاون الخليجي بدأت بتطبيق ضريبة القيمة المضافة على بعض السلع والخدمات وتم استثناء بعض السلع الغذائية الأساسية ويعتبر جهاز الضرائب الجهة المسؤولة عن تطبيق مختلف الضرائب ومن بينها ضريبة القيمة المضافة وقد قام خلال الفترة الفائتة بعقد مجموعة من اللقاءات وتنظيم الندوات لتعريف المجتمع من أفراد وشركات بموضوع الضرائب كما قام بتسجيل المعلومات والبيانات الضرورية عن المؤسسات والأنشطة التجارية التي تخضع للضريبة وكيفية تحصيل الرسوم كما قامت بالتعريف بدور المستهلك في هذا المجال وغيرها من الخطوات التي تخدم توعية المجتمع لذلك فإننا اليوم لسنا بصدد المناقشة أو الحديث عن أسباب تطبيق ضريبة القيمة المضافة أو لماذا يقوم المستهلك بدفعها لانها أصبحت واقعاً وعلينا التكيف مع هذا الواقع والتعامل معه وكذلك علينا ان ننظر إلى المصلحة الوطنية وان نكون داعمين ومساندين لتطبيق هذا القرار وبالشكل الصحيح الذي يضمن أن هذه الرسوم يتم تحصيلها فعلا من المؤسسات والشركات التجارية خاصة وأن المستهلك يقوم بدفع هذه الرسوم لاصحاب الأعمال وأن لايشارك في الاساليب أو التصرفات التي يقوم بها البعض بهدف التهرب الضريبي وفي الوقت نفسه على المؤسسات المعنية وفي مقدمتها جهاز الضرائب القيام بواجبه على أكمل وجه خاصة فيما يتعلق بضبط المتهربين ومتابعتهم ومحاسبة كل مؤسسة تقوم بالتهرب الضريبي أو القيام بأي تصرفات أو تحايل في هذا الموضوع .
قبل أيام قمت بالتسوق في احد المراكز التجارية في ولاية السيب وكان هدفي شراء أحد الأجهزة التي تسخدم في السيارات وعندما دخلت إلى أحد المحلات في المركز ووجدت الجهاز الذي ارغب في شرائه سألت عن السعر فقال لي العامل انه بمبلغ 30 ريالا فطالبت بالتخفيض في السعر فقال لي بمبلغ 25 ريالا فقلت للعامل سأشتري الجهاز وقبل أن اقوم بدفع قيمة الجهاز طلبت من العامل أن يعطيني فاتورة بالمبلغ لكي احصل على فترة الضمان وهي سنة فرد علي العامل : إذا اردت أن اصدر فاتورة الشراء فعليك أن تدفع 30 ريالا وليس 25 ريالا حيث أن هذا الجهاز ضمن قائمة السلع الخاضعة للضرائب فقلت له ولكن هذا تحايل وتصرف غير قانوني ويعد احدى التصرفات والأساليب التي تندرج تحت مفهوم التهرب الضريبي فسكت العامل دون اي حديث آخر فتركت المحل والمركز التجاري وخرجت إلى مركز آخر ، أن هذه التصرفات وغيرها للأسف تتكرر خلال هذه الفترة في كثير من المحلات والمواقع خاصة وأن العديد من المستهلكين سينظرون فقط لتخفيض السعر ولا يهمهم موضوع الضريبة وبلاشك أن العاملين في هذه الأنشطة التجارية وللأسف سيحاولون تطبيق مثل هذه التصرفات وغيرها بهدف التهرب الضريبي وكسب رضا الزبائن كذلك قد يقوم المستهلك بدفع قيمة الضريبة ولايتم تسجيلها أو دفعها لجهاز الضرائب وبالتالي هذه تصرفات أخرى غير قانونية وللأسف ومن خلال معرفتنا بما يدور في العالم فأن اصحاب الأعمال لديهم اساليب وطرق عديدة في هذا المجال ومن هنا يأتي دور جهاز الضرائب والجهات المعنية الأخرى لضبط هذه الأمور والاستمرار في تنفيذ الخطط التوعوية حتى يتعرف المستهلكون وأصحاب الأعمال والشركات على أهمية ودور التعاون في الحد من التهرب الضريبي ولضمان تحصيل هذه الرسوم التي تسهم في تعزيز الدخل القومي ومدى مساهمتها في تنفيذ المشاريع التنموية والبدء في محاسبة ومراقبة المخالفين لتحقيق النتائج المرجوه من تنفيذ نظام الضرائب.