بقلم : علي المطاعني
أثارت حادثة وفاة اللاعب مخلد الرقادي لاعب نادي مسقط إثر نوبة قلبية حادة خلال تمرين الإحماء قبل مباراة فريقه مع نادي السويق ضمن الجولة السادسة من دوري عمانتل لكرة القدم، حالة من الحزن الشديد، وأوجدت العديد من التساؤلات حول منظومة الصحة الرياضية، وكيفية استيفاء اللاعبين للفحوصات الطبية قبل المباريات والتمارين، ومدى جاهزية المرافق الرياضية في سلطنة عمان لمثل هذه الحالات الطارئة، وضرورة وجود منظومة للطوارئ الصحية داخل الملاعب لتلافي حالات كهذه، وسبل تطويرها لتكون واحدة من الأولويات التي يجب الأخذ في الاعتبار بها بما يقدم من قيمة مضافة عالية للرياضة العمانية، وما سيصب في إيجاد سمعة طيبة في الأوساط الرياضية المحلية والإقليمية والدولية، وهو ما يجب أن يتم الانتباه إليه من الآن فصاعدا، حفاظا على صحة اللاعبين وسلامتهم، وإعطاء الجوانب الصحية الأهمية التي تستحقها في سياق النهوض بالرياضة في السلطنة.
صحيح أن تلك الحوادث توجد في كبرى الدول حول العالم، لكن وجود منظومة للطوارئ الصحية تعمل بسرعة وكفاءة تقلل من أخطار الوفاة أمر ضروري، ولنا نموذج في اللاعب صاحب الـ 29 عاما، الدنماركي كريستيان إريكسن، والذي سقط مغشياً عليه في أرض الملعب إبان المباراة الافتتاحية لبطولة أمم أوروبا يورو 2020 بين الدنمارك وفنلندا، حين توقف قلبه أثناء المباراة، لكنه تلقى علاجاً طبياً طارئاً على أرض الملعب، حينما قام الفريق الطبي وبسرعة بإنعاش القلب بصدمة كهربائية داخل الملعب، قبل نقله إلى المستشفى، صحيح كما يقولون أن الأعمار بيد الله، لكن علينا اتخاذ الاحتياطات اللازمة، وفق اشتراطات السلامة الرياضية، وعلينا عدم إقامة أي مباراة دون وجود التجهيزات الصحية اللازمة لمثل تلك الحالات الطارئة، فالكرة أو الرياضة عموما وجدت للمتعة، لا لتصيبنا بمزيد من الأحزان.
كما أن التجارب في الدول المتطورة في المجال الكروي، وفي كثير من الدوريات العالمية، تضع شروطا لا يمكن الخروج عنها، تلتــــزم بالمعايير الصحية، وتقوم بالكشف عن كافة اللاعبين، وتضع شروطا واضحة، وأمراضا بعينها ومنها أمراض القلب، حتى وإن كانت بسيطة كحائل يحول بين اللاعب والساحرة المستديــــــرة كما يسمونها العشاق والجماهير، فدوريات كبرى تمنع أصحاب الأمراض القلبية من ممارسة اللعبة، وتفرض فحوصـــات طبية على الأندية واللاعبين قبل المشاركة في البطولات المحلية أو الدولية، فحماية حياة الإنسان مقدسة لدى هؤلاء... فبجانب أهمية تلك الاحتياطات السالفة الذكر لحماية حياة اللاعبين، فلها بعد كبير في سعى البلاد إلى استضافة الأحداث الرياضية الكبرى، فالموافقة على تلك الأحداث التي تجلب المزيد من المدخولات السياحية، والتي تتصارع دول العالم لاستضافتها، لما لها من أهمية اقتصادية كبرى، تحتاج منا الاعتناء بمنظومة صحة الملاعب واللاعب، فهذه اشتراطات تفرضها الاتحادات العالمية المنظمة للأحداث الرياضية الكبرى، وعلينا منذ الآن أن ننطلق في بناء منظومة صحية رياضية متطورة..إن الالتزام بالمعايير الصحية أضحى أمرا لا تهاون فيه على مستوى كافة دول العالم، لأن الرياضة وجدت لتحمي الحياة الإنسانية، وتحافظ على لياقة الإنسان، لا لتقضي عليه، وعلى رعاة الرياضة العمانية المساهمة في هذا المجال المهم لإقامة منظومة رياضية محلية بمواصفات عالمية، وقتها فقط سنجد أنفسنا ننافس على استضافة الأحداث الكبرى، وننافس أيضا على البطولات، والأهم حماية أبنائنا من تلك الحوادث الصعبة على نفوسنا..
رحم الله اللاعب مخلد الرقادي وألهم ذويه الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.