سالم الحبسي
وقعت حادثة ربما تكون الأولى في ملاعبنا الرياضية عامة والكروية خاصة بوفاة أحد نجوم الكرة مخلد الرقادي يرحمه الله ويتغمد روحه الجنه ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. ومن خلال التفاعل مع واقعة الوفاة وجدت من المكانة الكبيرة التي يحظى بها هذا اللاعب الخلوق الذي لعب لأكثر من نادي بالسلطنة والذي غادرنا إلى جوار ربه والجميع يتحدث عنه بحسن الخلق والأخلاق الحميدة وهذا مبلغ كل حي عندما يفارق الحياة.
ردود الفعل في اللحظات الأولى كانت مذهلة من وقع الخبر لذلك ألغى الزميل خالد الشكيلي برنامجه التحليلي بسبب وقع الحادثه وكل القلوب خشعت والعيون دمعت وانتشر خبر وفاة "فقيد الملاعب الكروية" بسرعة البرق وتم تداول الخبر في جميع وسائل الإعلام العمانية والخليجية وتفاعلت وسائل إعلام عربية لان الحادثة مؤلمة وينشطر بل ويندمي لها القلب.
وفي الوقت الذي اتجه الذين يبحثون عن "قيراط" للدفن ومواساة أهل الفقيد والترحم عليه والدعاء له بالرحمة والسلوان. بدأ التداول في القضية الشائكة "سيارة الاسعاف" التي تحولت إلى لغز محير وكل يدلوا بدلوه بدون ماء. وتكاثرت الانتقادات بسبب تأخر سيارة الاسعاف وازدادت الآراء حول الاحتياجات الطبية التي يستلزم وجودها في المؤسسات الرياضية " المجمعات والأندية” ، وبدأ التنقيب عن المسؤول والمخطئ والمجني والمجنى عليه لمحاسبته "الآن الآن وليس غداً".. كل هذا ومازالت مراسم وداع "فقيد الرياضة" في لحظاتها الأولى والبحث عن إشعال فتيل "حرب البيانات" والتصريحات لتسليط السيوف على الرقاب ومازالت الجنازة حارة..!!
ولم يصل بعد المعزون لبيت الفقيد إلا تعالت الأصوات من كل حدب وصوب لفتح ملف آخر بالرغم من أن الملف الأول "والمهم جدا" الذي لايحتمل التأجيل مازال طريًا ومفتوحا على مصرعيه.. فبدأ الدق في "أسفين" مباراة أخرى بين فريقي السيب وعمان في دوري عمانتل في ماهية وقانونية من يؤجلها واختلف المتفقين واتفق الأضداد كل في وادي يهيمون ..ومازال أصحاب المتوفي يتلقون التعازي بينما "المتجادلون" مازالوا يفتشون في "قرطاس القانون" فيما اندفع البعض نحو "المتاجرة" بحالة الوفاة التي ألمت القاصي والداني من يعرف مخلد الرقادي من قريب ومن لايعرفه من بعيد..!!
تحولت القضية ..وربما "الكارثة" كما اطلق عليها الذين يسعون إلى تصعيد الحزن والأسى.. قبل أن تتحول إلى "جريمة" وهم يتفنون في رفع الرتم ومازال العزاء في ساعاته الاولى بحثا عن "متهم" من أجل وضعه على المشانق..واستفاق المتأخرون عن الكارثة أقصد الجريمة لينضموا إلى الركب دون إحترام أصحاب المتوفي.. وتشاطروا الأدوار والبحث عن المجرم..وطالبوا بالبيانات الصحفية "حربا كلامية"..ثم نددوا اقصد البعض منهم ..بيانات ضربت الأندية وجها لوجه..وتسلقوا أسوار التنقيب والتحليل "للسكتة القلبية" وتحولوا إلى أطباء ومتخصصين في عمليات الانقاذ..!!
ومازال العزاء قائم في بيت أهل الفقيد..ولكن لم تستكين الأصوات وظل "التأهون" حول ماهية القانون وحاولوا التقريب مابين القانون وروح القانون من أجل تضييق الخناق وكل في فلك يسبحون..سعيا للوصول الى حقيقة واحدة وهي البحث عن ضحيه واللعب على وتر الإنسانية..!!
للموت حرمة وللأموات حرمات..فألم يكن لنشيّع جنازة فقيدنا الرياضي بشيء من الهدوء بعيدا عن "الصرع".. وبعدها نطرح ونحلل ونناقش ونحاسب في قضية الاسعاف..ألم يكن من الأفضل أن نعطي لفقيدنا مأثره وافضاله وحسن اخلاقه ونشارك أهله الصبر والسلوان..وبعدها نبحث ونتقصى ونطالب ونشجب ونستنكر ولكل حدث حديث..أم كان هذا النحيب من أثر المصيبة ..أم أن هناك غايات ومبررات من وراء القصد..؟!
فلتهدأ النفوس والأنفس قليلا..فمن المؤكد بأنه يوجد بينهم ذو رأي ورجاحة وعقل سديد وشخص رشيد حتى تنقشع الأحزان رويداً.. وليرقد مخلد الرقادي بسلام.