بقلم : عيسى السعودي
كتبت قبل فترة عن موضوع المشاكل والصعوبات والتحديات الكبيرة التي تواجهنا جميعاً كعمانيين ومقيمين فيما يتعلق بعمل وجلب عاملات المنازل وطلبات بالتصدي للمافيا التي تقف خلف هذا الموضوع سواء من قبل المكاتب الموجودة هنا في سلطنة عمان والمتخصصة في جلب هذا النوع من الأيدى العاملة أو من قبل المكاتب الموجودة في الخارج أو من قبل السماسرة الذين يتحكمون في هذا الموضوع ولكن للأسف حتى هذا اليوم لاتوجد حلول جذرية أو تحرك من المؤسسات المعنية والمعروفة لدى الجميع والمافيا لاتزال تنتشر وتتحكم وتسيطر أكثر على هذا النوع من الأعمال طالما لايوجد تنظيم صحيح ولايوجد قانون واضح وقوي ينظم العلاقة بين الأطراف صاحبة العلاقة وفي الوقت نفسه قانون يحمي حقوق الجميع، فالذي يتابع هذا الموضوع يتضح له أن في الغالب صاحب العمل هو الضحية والمغلوب على أمره وفي كافة الأحوال هو الخاسر الأكبر لأنه للأسف كما قلت هناك مافيا وشركات ومكاتب محلية وخارجية تدير هذه الأمور وتكسب منها أموالاً كبيرة في ظل عدم وجود حلول جذرية أو تدخل من المؤسسات المعنية للتصدي لهذه المافيا الخطيرة والمشكلة الأكبر أن الجميع يدرك وعلى قناعة بوجود هذه المشاكل والتحديات والتي تصل إلى وقوع جرائم السرقة والنصب وانتشار تصرفات غير أخلاقية تؤثر للأسف على الاستقرار العائلي والأمني ويبقى صاحب العمل لوحده يواجه هذه المشاكل والصعوبات ويتحمل كافة التداعيات التي تحدث جراء عدم وجود التنظيم والآلية الصحيحة لهذا الموضوع. أن موضوع عاملات المنازل وكما ذكرت من المواضيع المهمة والتي تشغل تفكير مجموعة كبيرة من أفراد المجتمع وذلك للحاجة الماسة لعمل هذه القوى العاملة، ولعل الإحصائيات المتوفرة والتي تشير إلى ارتفاع أعداد عاملات المنازل في سلطنة عمان مقارنة بالسنوات الماضية لهو خير دليل على أهمية هذا الموضوع وأيضا في الوقت نفسه التحديات والمتغيرات والظروف التي طرأت حول جلب هذه القوى العاملة خاصة خلال العامين الفائتين مع انتشار فيروس كورونا وأيضا قبل سنوات عندما تم اتخاذ قرار وقف جلب الأيدي العاملة من أندونسيا دون معرفة الأسباب واليوم أصبحت الخيارات قليلة وصعبة مما جعل المكاتب والشركات التي تقف خلفها ترفع اسعار عقود العمل بنسب كبيرة تجاوزت 60% فعلى سبيل المثال بعض الأيدى العاملة من عاملات المنازل كان العقد بمبلغ 500 ريال الى 1000 ريال وبرواتب تتراوح بين 80 ريالاً إلى 160 ريالاً لتصل العقود اليوم إلى 1500 ريال و إلى أكثر من 2000 ريال ورواتب تبدا من 100 ريال إلى 200 ريال وأكثر وفوق ذلك لايوجد أي ضمان لحقوق صاحب العمل حتى الضمان المنصوص في عقد العمل والذي يصل إلى ستة شهور يتم التلاعب عليه من قبل عاملة المنزل ومكاتب جلب الأيدي العاملة وكل طرف يرمي المشكلة على الطرف الآخر وتظل عاملة المنزل تتنقل من بيت إلى بيت ومن ولاية إلى ولاية وإذا رغبت في السفر والعودة إلى بلادها لاتحتاج إلى أي شيء سوى تجهيز شنطة السفر والامتناع عن العمل والذهاب إلى المطار على بركة الله وعلى صاحب العمل تحمل كافة الأمور والتداعيات ولدينا العديد من الامثلة والتجارب التي تحتاج غلى كتب ترصد قصصاً عن هذه التجارب فأنا على يقين أن كل واحد منا لديه قضية ومشكلة في موضوع عمل عاملات المنازل طالما الفوضى وعدم وجود التنظيم السليم مستمر.
الجميع أصبح يعرف عن هذه المشاكل والصعوبات التي تواجهنا جميعاً حتى المؤسسات المعنية بتنظيم سوق العمل او المؤسسات المعنية بمجالات الأمن والاستقرار المجتمعي ولكن لاتوجد أي مبادرة أو تحرك من هذه المؤسسات لإيجاد الحلول الجذرية والسليمة للحد او التصدي لمن يقف خلف هذه المكاتب والشركات المسؤولة عن جلب الأيدي العاملة والعمل على تنظيم العلاقة بين الأطراف الثلاثة (عاملات المنازل - مكاتب جلب الايدي العاملة – صاحب العمل) بشكل أكثر وضوحاً من خلال تعديل بعض القوانين وبنود عقود العمل الحالية المنظمة لهذه العلاقة لكي تواكب المستجدات ومتطلبات المرحلة المقبلة وتضمن بشكل واضح حقوق ومسؤوليات وواجبات كل طرف من الأطراف الثلاثة واعتماد هذه العقود من سفارات الدول التي يتم احضار الإيدي العاملة منها وكذلك التوضيح للمكاتب ولعاملات المنازل ولاصحاب العمل حقوق وواجبات كل طرف بحيث لاتسير الأمور حسب الرغبات وحسب الأهواء الشخصية لكل طرف كما يحدث الآن والتي وللأسف الشديد تتسبب في مشاكل عديدة لاحصر لها، كذلك على الجهات المسؤولة ايجاد الحلول وطرح وتشجيع مؤسسات القطاع الخاص لطرح مبادرات قد تسهم وبشكل أكبر في تنظيم مكاتب جلب القوى العاملة خلال الفترة المقبلة حيث تشكل هذه المكاتب الآن حجر الزاوية والوسيط المشترك بين كافة الأطراف ولكنها تحتاج لمزيد من التنظيم والرقابة على عملها ومن يديرها ومن يعمل بها. لقد قامت بعض الدول في المنطقة بتنفيذ حلول ومبادرات لتنظيم سوق عمل الأيدي العاملة وخاصة وظيفة عاملات المنازل حتى تقلل من المشاكل التي تحدث حاليا في هذا الموضوع ولقد نجحت هذه المبادرة والأفكار وبشكل كبير ونفس هذه المبادرة ذكرناها سابقا ولكن للأسف حتى الآن لم تر النور والمتمثلة في إنشاء عدد من الشركات تتوزع في كافة المحافظات ومتخصصة لجلب الأيدي العاملة بحيث يتم غنشاء أكثر من شركة في كل محافظة حسب الطلب والكثافة السكانية ويمكن ان تكون المكاتب الحالية نواة لهذه الشركات ومن المساهمين فيها حتى تقوم هذه الشركات المتخصصة بتلبية الطلب المتزايد على الأيدي العاملة بشكل عام وعاملات المنازل بشكل خاص وبالتالي يتم من خلال هذه الشركات وبغشراف المؤسسات المعنية ومن اهمها وزارة العمـــل تنظيم هذا السوق ووقف الفوضى الحالية التي تقوم بها الآن بعض المكاتب الحالية. كما ستسهم هذه الشركات في حال إنشائها في توفير فرص عمل كبيرة وبرواتب جيدة للكوادر العمانية وايضا ستسهم هذه الشركات في استقرار القوى العاملة الوطنية والأهم انها ستعمل على تنظيم هذا السوق وترتيب الأمور بشكل قانوني وسليم يضمن حقوق الجميع إضافة إلى أن هذه الشركات المتخصصة ستتعامل مع الشركات والمكاتب الخارجية بشكل أفضل وبأسلوب احترافي يعزز من الثقة لدى الجميع.