البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي: إنشاء روابط وليس تبعيات

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٥/ديسمبر/٢٠٢١ ١٥:٠٥ م
البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي: إنشاء روابط وليس تبعيات
جوزيب بوريل ويوتا أوربيلاينن

بقلم : جوزيب بوريل ويوتا أوربيلاينن

افتتح الاتحاد الأوروبي والبرازيل، في وقت فائت من هذا العام، كابل ألياف ضوئية جديداً لنقل تيرابايتات من البيانات بشكل أسرع وأكثر أمانًا بين قارتينا. سيساعد هذا العلماء في أوروبا وأمريكا اللاتينية على العمل سويًا على قضايا من محاكاة المناخ إلى التخفيف من حدة الكوارث. يبدأ الكابل في الاتحاد الأوروبي؛ حيث أصبحت اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) للاتحاد الأوروبي هي المعيار الذهبي لحماية البيانات، وينتهي في البرازيل التي اعتمدت مؤخرًا قانونًا مشابهًا. ويربط الكابل قارتين معًا لبناء اقتصاد بيانات يحترم خصوصية بيانات مواطنيها. هذه هي الطريقة التي تتعامل بها أوروبا مع موضوع الترابط - حيث تجمع الشركاء معًا دون خلق تبعيات غير مرغوب فيها. في الأسبوع الفائت، انضم بنك الاستثمار الأوروبي (EIB) ووكالات التعاون في فرنسا وإسبانيا وألمانيا إلى المفوضية الأوروبية لتحديد مشاريع للتمويل في توغو في قطاعات الطاقة والنقل والرقمية. خلال الزيارة وقع بنك الاستثمار الأوروبي على خط ائتمان بقيمة 100 مليون يورو لدعم الشركات الأفريقية الصغيرة والمتوسطة للتعافي من وباء كوفيد واغتنام فرص النمو من منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية. هذه أمثلة عمّا نطلق عليه اسم “فريق أوروبا”، الذي يجمع الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء للعمل مع شركائنا لدعم التحول الأخضر والرقمي. ومنذ تولي فريق المفوضية الأوروبية برئاسة أورسولا فون دير لاين مهامه، كان ثنائي التحول الأخضر والرقمي في أوروبا في المقدمة. ومن خلال استراتيجية المبادرة الجديدة بعنوان “البوابة العالمية” Global Gateway، يواصل الاتحاد الأوروبي تعزيز التحولات الخضراء والرقمية على المستوى العالمي. وفي عالم يسوده الاعتماد المتبادل؛ حيث تُظهر سلاسل التوريد هشاشتها، نعلم مدى أهمية الترابط. كما رأينا أيضًا كيف يمكن للروابط أن تستخدم كسلاح. إن تدفقات البيانات وإمدادات الطاقة والمعادن النادرة واللقاحات وأشباه الموَصّلات كلها أدوات قوة في عالم اليوم. ولهذا السبب نحتاج إلى التأكد من أن الترابط العالمي والوصول إلى هذه التدفقات يعتمد على القواعد والمعايير الدولية. قد تكون التدفقات في السلع محايدة أيديولوجيًا، إلا أن القواعد التي تحكمها تتشابك مع القيم السياسية. وفي المجال الرقمي على وجه الخصوص، يجب أن تضمن أوروبا والديمقراطيات الأخرى أن تعكس المعايير المستقبلية قيمنا الأساسية. تريد أوروبا الحد من التبعية المفرطة وتعزيز استقلاليتها في مجالات مثل إنتاج رقائق الكمبيوتر. تتعزز استقلاليتنا إذا كان لدى شركائنا بدائل عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية. إن نقطة التميز الرئيسية لأوروبا في عرضها المقدم إلى البلدان الشريكة لتلبية احتياجاتها في مجال الاستثمار في البنية الأساسية هو توفير رابط مستدام ماليًا واجتماعيًا وبيئيًا، فليست هنالك “أفيال بيضاء” ولا مصائد ديون، ولكن مشاريع مستدامة تخدم احتياجات السكان المحليين. لكي تتغلب أوروبا على تحدي الترابط، فإنها لا تحتاج إلى مبادئ وأطر فحسب، بل أيضًا إلى موارد كافية وأولويات واضحة.

أولاً، سنستخدم موارد “فريق أوروبا” بطريقة أكثر ذكاءً وفاعلية. ستقوم مبادرة “البوابة العالمية” بحشد استثمارات تزيد عن 300 بليون يورو من التمويلات العامة والخاصة لتطوير البنية الأساسية العالمية بين عامي 2021 و2027، في التحول المناخي والتحول الرقمي، فضلاً عن الصحة والتعليم والبحث العلمي. سنقوم بحشد نصف الاستثمارات عبر ميزانية الاتحاد الأوروبي، أما النصف الآخر فيشير إلى الاستثمارات المخطط لها من المؤسسات المالية الأوروبية ومؤسسات الدول الأعضاء المعنية بالتمويلات التنموية. لقد أعدنا تصميم أدواتنا المالية لتوفيرالقوة التي يمكن أن تجمع بين القروض والمنح وتوفير الضمانات المطلوبة اليوم. كما وضعنا آليات لفرز العطاءات منخفضة القيمة بشكل غير عادي والحماية من العروض التي تستفيد من الإعانات الخارجية المشوهة، والتي تقوض تكافؤ الفرص. كما سنضمن أيضًا أن البرامج الداخلية للاتحاد الأوروبي: InvestEU، وبرنامجنا البحثي Horizon Europe وكذلك Connecting Europe، ستدعم مبادرة “البوابة العالمية”، جنبًا إلى جنب مع دعم بنوك التنمية في الدول الأعضاء والبنوك الترويجية الوطنية ووكالات ائتمان التصدير. بطبيعة الحال، سيبقى رأس المال من القطاع الخاص أكبر مصدر للاستثمار في البنية الأساسية، وهذا هو السبب في أننا نستكشف إمكانية إنشاء مرفق ائتمان الصادرات الأوروبي لاستكمال ترتيبات ائتمان الصادرات الحالية على مستوى الدول الأعضاء. سيساعد ذلك في ضمان تكافؤ الفرص أمام شركات الاتحاد الأوروبي في أسواق البلدان الشريكة؛ حيث يتعين عليها بشكل متزايد التنافس مع المنافسين الأجانب الذين يتلقون دعمًا كبيرًا من حكوماتهم. ثانيًا، فيما يتعلق بالأولويات، حددت مبادرة “البوابة العالمية” عددًا من المشاريع الرائدة؛ حيث يتضمن ذلك تمديد كابل BELLA إلى بقية أمريكا اللاتينية، كجزء من التحالف الرقمي للاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية و منطقة البحر الكاريبيEU-LAC Digital Alliance؛ وتوسيع شبكة عبر أوروبا لتحسين روابط النقل مع شرق أوروبا ودول غرب البلقان، وتوسيع نطاق التمويل لبرنامج تبادل الطلاب +Erasmus في جميع أنحاء العالم. أما في إفريقيا، إلى جانب دعم ممرات النقل الاستراتيجية الجديدة، سيقوم الاتحاد الأوروبي بحشد 2.4 بليون يورو من المنح لدول جنوب الصحراء وأكثر من 1 بليون يورو لشمال إفريقيا، وذلك لدعم الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين المتجدد، والذي يمكن أن يساعد في تلبية احتياجات الاتحاد الأوروبي من الطلب المتوقع على الطاقة النظيفة وكذلك مساعدة الشركاء على فعل الشيء نفسه. إن مبادرة “البوابة العالمية” Global Gateway تتعلق في جوهرها بإظهار كيف توفر القيم الديمقراطية اليقين والإنصاف للمستثمرين، والاستدامة للشركاء، والفوائد طويلة الأجل للناس في جميع أنحاء العالم.