بقلم: خالد عرابي
659 يوما بالتمام والكمال مرت علينا في سلطنة عمان منذ وصول أول حالة إصابة بمرض فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19) وحتى اليوم، وبالطبع هنا نحسب هذا الرقم على أساس يوم تسجيل أول حالة إصابة بكورونا في السلطنة وذلك في 24 فبراير 2020م، وهذا بخلاف دول أخرى تقدم وصول الفيروس إليها أو تأخر فالصين على سبيل المثال والتي ظهرت فيها أول حالة إصابة في العالم في مدينة ووهان والتي كانت في 29 ديسمبر 2019 ولذا لقب (كوفيد-19) في حين أنه في دول أخرى وصل الفيروس إليها بعدنا و هكذا.
واليوم وأنا استحضر كل هذه الفترة الطويلة وهذا العدد من الأيام وقرابة عامين على ظهور هذا الفيروس الذي يمكن أن نطلق عليه تجاوزا القاتل والتي تلصق في كثير من الأحيان بفيروسات وأمراض كثيرة .. و هنا جال بخاطري تساؤل: هل يمكن أن نطلق فعلا كلمة القاتل على فيروس كورونا؟
بالطبع لو أطلقت هذا التساؤل لاستتفتاء عام ستتفاوت وجهات النظر فهناك من سيرى أنه قاتل فعلا، وأخرون سيرون أنه عكس ذلك وهكذا، لأنه وكما نعلم فإن الاختلاف من طبيعة البشر وأنه لا يوجد اجماع على شيء في هذا الكون، فنحن نعيش في حالة من التغيير التام والدائم وأنه وكما يقال فإن التغيير سمة الكون.
وهنا أقول وأجزم ومن وجهة نظري أن كورونا كان وما زال قاتلا وأنه قاتل بكل المعاني، وإن كنت استثني منها هنا القتل الذي يعني الموت حتى وإن كان الفيروس تسبب في وفاة الكثيرون حول العالم حيث وصل عدد من توفوا بسببه حتى اليوم أكثر من 5.3 ملايين وفاة، وتحديدا وبحسب احصائية الأمس (5,320,259 وفاة) ، ومع هذا فإنني أرى أن أمر الوفاة بيد الله وأن كل شخص عرضة للوفاة بأي سبب أخر وحتى بدون سبب اي وفاة طبيعية، وأن الانفلونزا العادية تتسبب في وفاة أرقام أكبر بكثير ممن تسبب فيها (كوفيد-19) ولكن هنا أتحدث عن نوع آخر من القتل تسبب فيه فيروس كورونا في حياتنا أنه القتل المعنوي والنفسي و الديني و العقدي و الاخلاقي و عليها فقس و أقصد تحديدا تأثر كل هذه الأشياء و تراجعها بسبب كورونا ..
فقد تسبب كورونا في قتل الفرحة في نفوس البشر، فبعد أن كان الناس تمتلأ حياتهم بالبهجة والفرحة بالخروج والتنقل والسفر والحل والترحال، جعلهم فيروس كورونا أسرى بيوتهم لا يخرجون ولا يتحركون منها ومنع التجمع والاحتفالات والافراح وغيرها فقتل الفرحة..
وقتل كورونا العبادة فقلل من الترابط والوازع الديني لدى البعض ببيوت الله والمساجد والصلوات، فبعد أن كان الأفراد والأسر يحرصون على العبادة والصلاة في الجوامع وفي أوقاتها، ومنهم من كانوا يأخذون أطفالهم معهم في كثير من أوقات الصلاة و في صلاة الجمعة وفي صلاة التراويح في رمضان فيحدث نوع من ارتباط الطفل بالمسجد و الصلاة منذ سن مبكرة و يكون الةازع الديني أعلى وأكبر وبالتالي قل الوازع الديني لدى بعض الأطفال ولنا أن نتخيل هذا الجيل مستقبلا.
كورونا قتل الذكاء والتفوق عند الأطفال وأعني بسبب البقاء في البيوت لشهور وعدم الذهاب إلى المدارس وما تبعه من بقاء الأطفال لساعات طويلة أمام الشاشات وخاصة الهواتف النقالة أصيب الكثير من الأطفال بنوع من عدم التركيز وأهملوا دروسهم وأصيب البعض بنوع من التبلد وعدم التركيز وبالتالي فقد قتل كورونا الذكاء والتميز والتفوق عند كثير من الأطفال.
كورونا قتل أشياء كثيرة جدا ولكن الخلاصة منها أننا نشعر أن مثل هذه الأشياء مستهدفة و أن ما أثر عليه الفيروس سلبا اشياء كثيرة أبرزها أمور تتعلق بديننا و عاداتنا و تقاليدنا.