جيجل..لؤلؤة الجزائر ترقد على ضفاف البحر

مزاج الأحد ٠١/مايو/٢٠١٦ ٠١:٥٥ ص
جيجل..لؤلؤة الجزائر ترقد على ضفاف البحر

الجزائر - العمانية

ما إن يدخل فصل الصيف بنسماته الأولى في الجزائر حتى تتّجه الأنظار إلى مدينة "جيجل" الساحلية ذات الطبيعة الساحرة التي تزرع البهجة في نفوس زائريها إنها المدينة التي تنام على أسرار كثيرة ليس بوسع زائريها أن يكتشفوها من المرة الأولى.
وتُعتبر جيجل (400 كلم شرق العاصمة الجزائر) من أقدم المدن الجزائرية على الإطلاق، إذ يعود تأسيسها إلى عهد الفينيقيين الذين وضعوا فيها حجر الأساس في القرن العاشر قبل الميلاد.
وتقع على الضفة الجنوبية من البحر الأبيض المتوسط ويمتدُّ شريطها الساحلي على طول 120 كلم الأمر الذي جعلها تتعرض لغزوات أمم مختلفة عبر التاريخ منها الهجوم الذي شُنَّ عليها من طرف قوات البحرية الاسبانية انتقاما منها لاستقبالها "
الموريسكيين" المسلمين الذين فرُّوا من الأندلس ولكنها استطاعت أن تلملم جراحها وتتحوّل إلى هذا المكان الجميل.
وأول ما يشد انتباهك وأنت تزور هذه المدينة الساحلية ذلك الطريق البحري الذي يمتدُّ من شاطئ واد الزهور بسكيكدة شرقا إلى الشاطئ الأحمر ببجاية غربا على مسافة 42كلم، حيث يتميز بمنظر بالغ الروعة تتداخل فيه زرقة البحر مع خضرة الغابات والجبال الصخرية التي تغطي 80 بالمائة من المساحة الإجمالية لجيجل.
وتعتبر مدينة جيجل الوجهة الرئيسية للسياح القادمين من خارج الجزائر على اعتبارها من أجمل المدن الساحلية فيها بما تتميز به من أماكن سياحية ذات مناظر رائعة على غرار الكهوف العجيبة التي تتواجد في منطقة يُطلق عليها اسم "زيامة منصورية" وهي ذات شهرة عالمية وقد تمّ اكتشافها سنة 1917م من طرف عمال الجسور والطرقات الذين كانوا بصدد شق الطريق الوطني رقم 43 الرابط بين جيجل وبجاية ليتفاجأوا بهذه المغارة العجيبة التي تضمُّ أشكالا تستطيع أن تُميّزها من الوهلة الأولى لتتراءى لك أشكال حيوانات وبشر وجبال وبنايات وهي أشكال تشكّلت بفعل ظاهرة تسرُّب مياه الأمطار المحمّلة بالكلس والأملاح المعدنية ولذلك يُمنع التصوير داخل المغارة لأنّ الأضواء المنبعثة من آلات التصوير يُمكنها أن تؤثر على المعادن التي تكوّنت منها تلك الأشكال.
ولعلّ من أعجب ما يُميّز هذه المغارة كونها تتمتع بدرجة حرارة ثابتة طيلة فصول السنة وهي 18 درجة مئوية في حين تصل درجة الرطوبة داخلها إلى أكثر من 60 درجة وقد يفاجئك أيضا أنّ ما يُطلق عليه "النوازل والصواعد" المشكّلة من الصخور تزيد كل قرن بنحو 1 سم حسب ما أكده العديد من الخبراء.
ومن بين المناطق السياحية التي تجلب إليها سنويا آلاف السياح في جيجل المحمية الوطنية للحيوانات والنباتات المختلفة "تازة" التي تتربع على مساحة تقدر بأكثر من 3 آلاف هكتار، وتمّ تصنيفها من طرف اليونسكو باعتبارها محمية للمحيط الحيوي العالمي مع العلم أنّ الموقع الأثري"تازة" تمّ اكتشافه لأول مرة من طرف الباحث"أرهمان" سنة 1920م أثناء قيامة بجولة استكشافية بالمنطقة.
كما توجد في مدينة جيجل محمية "بني بلعيد" التي تضمُّ أنواعا مختلفة من الطيور تصلها من مختلف مناطق العالم لاسيما من أوروبا الشمالية، وجدير بالذكر أنّ منطقة بني بلعيد حظيت في السبعينيات من القرن الماضي ببناء أول قرية زراعية من بين 1000 قرية أمر الرئيس الراحل هواري بومدين بإنجازها لصالح الفلاحين وأبنائهم.
وممّا أضفى على مدينة جيجل طابعا بحريا منارة "رأس العافية" التي تُطلُّ على شبه جزيرة صخرية وقد شُيّدت سنة 1865م من طرف صاقل الحجارة "شارل سالفا" لتوجيه السفن والبواخر العابرة بمحاذاة ميناء جيجل وتنبيهها إلى اقترابها من اليابسة، وإلى وجود صخرتين كبيرتين تُشكلان خطورة كبيرة على الملاحة البحرية حسب ما تضمنته وثيقة تاريخية تحدثت عن المنارة.
وتتميّز مدينة جيجل بعدد من الشواطئ الجميلة التي صارت قبلة للجزائريين في فصل الصيف منها "الشاطئ الأحمر" وشاطئ" العوانة" وشاطئ "ليزافيتيس" وشاطئ "بني بلعيد"، كلُّ هذه العوامل والميزات جعلت من جيجل مدينة سياحية بامتياز وبمقاييس عالمية تُنافس الكثير من المدن السياحية الكبرى وهذا ما يُبرّرُ الإقبال الكبير الذي تعرفه المدينة خلال فصل الصيف من كلّ عام.