الهوية الوطنية والتماسك الاجتماعي

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٨/ديسمبر/٢٠٢١ ٠١:٠٢ ص
الهوية الوطنية والتماسك الاجتماعي
محمد بن رامس الرواس

بقلم : محمد بن رامس الرواس

عن السيدة عائشة رضي الله عنها :أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : "صلةُ الرحمِ وحسنُ الجوارِ وحسنُ الخلقِ يُعمِّرانِ الديارَ ويزيدانِ في الأعمارِ"

الهوية الوطنية بكافة عناصرها وخصائصها وسماتها تُعد من الثوابت التي تركز عليها الدول والأمم في ترسخ الانتماء والولاء لأنها تخلق وتزرع المجتمع المتماسك ، كما انها تُعد احدى الركائز المهمة لوجود واستمرارية الأوطان واستقرارها على مر السنين .

والهوية الوطنية العُمانية إرث وقّيمة تاريخية حرص عليها سلاطين عُمان عبر الزمن ماضياً وحاضراً من أجل ترسيخ الانتماء للوطن وبناء المجتمع المستقر الذي يأتي ضمن أهم أولوياته الوحدة الوطنية ، عند استلام السلطان قابوس – طيب الله ثراه- مقاليد الحكم عام 1970م حرص اشد الحرص على وجود اللحمة الوطنية ذات الهوية الواحدة للسلطنة فقام بوضع علم ونشيد وطني واحد وركز على نشر التقاليد الأخلاقية الحسنة المتأصلة بالمجتمع ، ودعي الي التمسك بالقّيم والزي الوطني العُماني التقليدي وغيرها من عوامل ترسيخ الهوية حتى اصبح المجتمع مكتمل اركان وجود هوية وطنية حفزت المواطن لينطلق مجدداً للبناء والتنمية ، فقام بدوره كاملاً سواء عبر تضحياته وبذله وعطائه في سبيل الوطن فسطر الملاحم الوطنية من شمال عُمان الي جنوبها للذود عن وطنه وإرساء وحدته الداخلية .

لقد كانت ولا تزال الهوية الوطنية العُمانية ذات كينونة منسجمة وعناصر مشتركة مترابطة ويأتي في مقدمتها الدين ، واللغة ، والتاريخ الحضاري العريق والقيم الأخلاقية الاسلامية المتوارثة ، هذا بالإضافة الي الحقوق والواجبات والجغرافيا وحسن الجوار ، كل ذلك أسس لقيام هوية وطنية ذات مضامين مستمرة تجعل من العيش المشترك والوحدة الوطنية ضمان لمستقبل أمن بعون الله تعالى .

عند الحديث عن الهوية الوطنية يأتي موضوع التماسك الاجتماعي كواحد من الركائز الهامة في تعزيزها حيث تُعد التربية الأخلاقية معزز أساسي للتماسك الاجتماعي والأخلاقي الذي بدوره يُعد العنصر الأساسي في الهوية الوطنية ، ومن أجل ذلك تعتبر الأسرة النواة الأولى ثم تأتي بعدها المدرسة وصولاً الي المجتمع لكي نحصد غرس ويكون هناك رسوخ كامل للهوية الوطنية.

تقف الهوية الوطنية العُمانية على ارض صلبة من خلال وجود إرث حضاري ومقومات ثقافية وتقاليد وقّيم اصيلة وعريقة تشتمل على التعاون ، والتكافل والتعاضد والمعونة والمساندة والتراحم وجميعها قيم مستسقاة من موروثاتنا الدينية والثقافة الأخلاقية ُ العُمانية التي أوجدت مجتمعات أمنة متعايشة في سلام واستقرار مدركة لحقوقها وواجباتها متصفة بالمسؤولية.

إن البُعد الاجتماعي المتسم بالسلوك الأخلاقي القويم من أهم الروابط التي تعزز الهوية الوطنية التي يتم غرسها بالمجتمعات العُمانية جيل بعد جيل ترفدها التنشئة بالمدارس وتركز عليها المناهج التعليمية التي تركز على بناء الشخصية العُمانية بما يتفق مع ثقافة وقيم المجتمع لترسخ الانتماء الوطني .

"الأسرة والمدرسة من المكونات الأساسية لبناء الهوية الوطنية والتماسك المجتمعي القائم على الثقافة المجتمعية والتعليمية" إن الأسرة والمدرسة تأتيان في مقدمة أهم العوامل في ترسيخ الهوية الوطنية والتماسك المجتمعي ، حيث إن المناهج التعليمية بمضامينها السامية تكسب النشء التطبع على المحبة والألفة والتماسك المجتمعي بكافة مفرداته الجميلة كالتسامح ، والاخاء والعدل والتكافل وتساوي الحقوق والواجبات ، وتطبيق القانون بما يضمن الانضباط والاستقرار لتتجلى عندها صور ترسيخ الهوية الوطنية وتبرز جلية من خلال تمسكنا بشعائرنا الدينية ولغتنا العربية الاصيلة وصولاً الي تعايش مجتمعي يسوده التماسك والعيش المشترك لكافة أطياف الوطن .

ختاماً يمكن القول ان ترسيخ الهوية الوطنية بالمجتمع تحتاج الي دور إعلامي فاعل للقيام بتعزيزها خاصة متي ما استخدم لتوجيه الافراد نحو الأنماط السلوكية الحسنة بهدف دعم روح الانتماء لدى الجميع مكرساً جهده التوعوي نحو تعميق الحس الوطني .