دور المهارات المتميزة في بناء اقتصاد المستقبل الرقمي في سلطنة عمان

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٨/ديسمبر/٢٠٢١ ٠٠:٥٩ ص
دور المهارات المتميزة في بناء اقتصاد المستقبل الرقمي في سلطنة عمان
روبن تشن

بقلم : روبن تشن

الرئيس التنفيذي لشركة "هواوي تك إنفستمنت" في سلطنة عمان

انتشرت تقنية المعلومات والاتصالات بشكل عملي في جميع جوانب الحياة ولعبت دوراً محورياً في إحداث تحول تاريخي شمل مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط، لتوفر لحكومات المنطقة أدوات فاعلة لتنويع اقتصادات بلدانهم ودفع التنمية الشاملة والمستدامة فيها من خلال التقنيات الجديدة. وخير مثال على ذلك التقنيات المتطورة مثل شبكة الجيل الخامس والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة والتي ساهمت بشكل ملموس في تطوير اقتصاد مرحلة ما بعد النفط المدفوع بالتقنيات الرقمية في سلطنة عمان وإثراء المجتمع المحلي بشكل كبير.

ووفقاً لتوقعات تقرير "العالم الذكي 2030"، سيكون هنالك أكثر من 200 بليون اتصال عالمي بحلول عام 2030، وستمتلك كل مؤسسة وأسرة وفرد على هذا الكوكب اتصالاً بشبكة الإنترنت بسرعة 10 جيجابت في الثانية. وتماشياً مع رؤية عُمان 2040، تتبلور جوانب التحول الرقمي في جميع أنحاء السلطنة بوتيرة متسارعة. ووفقاً لأحدث النتائج الصادرة عن شركة الأبحاث "جلوبال داتا"، من المتوقع أن تبلغ قيمة الإنفاق على تقنية المعلومات والاتصالات في عُمان حدود 5.6 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2024، بالمقارنة مع 3.2 مليار دولار عام 2019. ومن المتوقع أن يكون هذا النمو الملموس مدفوعاً في المقام الأول بخدمات الحوكمة الإلكترونية وأنشطة التجارة الإلكترونية واعتماد التقنيات المتقدمة مثل الحوسبة السحابية واتصالات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي وغيرها.

ويعزى هذا النمو المذهل للاقتصاد الرقمي العماني إلى بيئة مواهب تقنية المعلومات والاتصالات المتنامية في السلطنة. ودون أدنى شك، لا يمكن لأي شخص إنكار فجوة المواهب المتنامية على مستوى العالم والتي من شأنها خلق تحديات تنموية كبيرة. ووفقاً لشركة الاستشارات "كورن فيري"، سيعاني العالم من نقص في العمالة الماهرة يقدر بحدود 85،2 مليون شخص بحلول عام 2030، الأمر الذي قد يحمل تأثيرات مالية سلبية تقدر قيمتها بحوالي 8،452 تريليون دولار. ولذلك، تنطوي مسألة تطوير مجموعة قوية من المواهب المحلية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات وبناء منظومة مخصصة لهذه المواهب في السلطنة على أهمية قصوى من أجل تأمين اقتصادها الرقمي المستقبلي.

ونحن في هواوي نؤمن بأهمية اعتماد نهج تعاوني لتطوير منظومة تقنية المعلومات والاتصالات. كما نعتقد أن الشكل الأمثل للجهود المبذولة في سبيل تعزيز عملية تطوير المواهب المحلية يتجسّد بالتعاون بين القطاعين العام والخاص. وخلال العقدين الماضيين، قمنا بمساعدة منطقة الشرق الأوسط على تطوير أكثر من 100 ألف موهبة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، من بينهم أكثر من 10 آلاف موهبة في عُمان. كما عملنا مع عدد كبير من الهيئات التعليمية والجامعات والمؤسسات التعليمية الأخرى والشركاء في السلطنة من أجل إرساء المعايير الخاصة بالمواهب وبناء التحالفات وتسليط الضوء على قيمة المواهب. وتشتمل قائمة شركائنا في السلطنة على جامعة السلطان قابوس، وجامعة التقنية والعلوم التطبيقية – صلالة، وجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بشناص.

وبالإضافة إلى ذلك، نعمل على تنظيم وإدارة العديد من المبادرات العالمية والإقليمية التي تساعد على رعاية قادة المستقبل في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، بما في ذلك برنامج "بذور من أجل المستقبل" و"أكاديمية هواوي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات" و"مسابقة هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات". ولقد شهدت منافسات النسخة الخامسة من "مسابقة هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات" الجارية حالياً استجابة قوية من قبل الطلاب العمانيين، مع تلقي قرابة 650 طلباً للمشاركة هذا العام. وحتى تاريخه، شارك أكثر من 4 آلاف طالب في عُمان بمنافسات "مسابقة هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات" منذ انطلاقها في عام 2017.

نؤمن أن عقول الشباب العماني تتمتع بما يلزم من القوة والمرونة والخيال الواسع لتمهيد الطريق أمام عالم متخم بالإمكانات المذهلة للاقتصاد الرقمي العماني. ولن يكون مدى التقدم الذي يمكن أن تحرزه البشرية مقيّداً بأي حدود، إذ تتسع آفاق هذا التقدم الحتمي بقدر اتساع تلك المخيلة وابتعادها عن تصور حدود وهمية لا تمت للواقع بصلة؛ لكن الإجراءات التي نتخذها الآن ستحدد مدى سرعة تحقيق هذا الأمر. ودون أدنى شك، تتمثل أفضل الطرق للتوجه نحو المستقبل في بنائه بسواعدنا وعقولنا.