بقلم : محمد محمود عثمان
تسبب «أوميكرون « في الرعب من العودة إلى إغلاقات المربع الأول مع بداية كورونا ، وبعد أن تنفس العالم الصعداء وبدأ التعايش الحذر مع الجائحة ، وبدأت الاقتصادات خطوات نحو الإنتعاش والتعافي ، ومحاولة الخروح من مرحلة الإنعاش، نجد أن الخوف يطرق الأبواب بشدة وبسرعة ، دفعت الحكومات للتحرك السريع للمواجهة ، لنجد أنفسنا أمام الخطأ الأول الذي ارتكبته معظم دول العالم في تنفيذ الإغلاقات الكاملة للحدود والمنافذ البرية والجوية والبحرية لفترات طويلة أغلقت خلالها المدارس والجامعات والمصانع والشركات وتوقفت أكثر من 95 % من حركة الأنشطة الاقتصادية والتجارية والسياحية والخدمية ، مما تسبب في الشلل شبه التام للحياة الاقتصادية استسلاما للمجهول ،وما يصاحب هذه الحالة من قلق وعدم اتزان في اتخاذ القرارات وعدم القدرة على إدارة دفة الأمور بعقلانية ، الأمر الذي انعكس على السياسة والتجارة العالمية و العلاقات الدولية بشكل عام وإن كانت هناك شكوك هذه المرة في أن المتحور «أوميكرون «يطل برأسه فجأة عند وجود أزمة بين أمريكا والدول الرئيسة المنتجة للنفط وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وروسيا لزيادة الإنتاج وخفض الأسعار ، لتنخفض اسعار النفط بين عشية وضحاها وتتكبد البورصات المالية خسائر ضخمة وتتوقف حركة السفر والسياحة بين الكثير من الدول ،التي أغلقت مطاراتها من جديد أمام مجموعة من الدول التي ظهر بها المتحور الجديد ، وقد انعكس ذلك مباشرة على المؤشرات الاقتصادية وأسواق المال،ولا ندري من أعطى هذا المتحور هذا الاسم ؟ وكيف كان جاهزا عند سلطات دولة جنوب إفريقيا ؟ والذي يزيد الأمر شكوكا أن منظمة الصحة العالمية قد أعلنت أنها تحتاج إلى وقت للتعرف على صفات هذا المتحور، التي أعلنت جنوب إفريقيا عن اكتشافه بدون سابق إنذار، أوأن ذلك قد تم بالتنسيق - سرا - مع منظمة الصحة العالمية ؟! خاصة أن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، قد ذكرت في تقرير لها بأن هذا الاسم يأتي ضمن نظام تسمية السلالات الجديدة من فيروس كورونا الذي تتبعه منظمة الصحة العالمية وأعلنت عنه في مايو الفائت. كما أن اسم « أوميكرون « المتحور الجديد كان اسما لأحد الأفلام السينمائية «OMICRON» الذي أنتجه «فرانكو كريستالدي «في عام 1963 في إيطاليا من إخراج «أوغو جريجوريتي»ودخل الفيلم مسابقة في مهرجان البندقية الدولي الرابع والعشرين،وكانت قصته من الخيال العلمي الكوميدي، وتدور حول فيروس يخترق أجسام البشر ويسيطر عليهم ، فما الصدفة الغريبة التي جمعت بين قصة الفيلم وظهور المتحور بذات الاسم ؟ مع وجود اتهامات مرسلة وآراء متداولة من بعض السياسيين والاقتصاديين بأن أجهزة مخابرات غربية وشركات أدوية تقف خلف تخليق الفيروسات ونشرها لأغراض سياسية واقتصادية ،وهذا يُعرض العالم لحالة وصفها الخبراء بأنها «الوبال الاقتصادي»، في حال تفاقم أزمة متحور «أوميكرون» وتسببها في نفس سيناريو تداعيات الجائحة ، من حيث الإغلاقات وغيرها من الإجراءات - البعيدة عن الذكاء وبعد النظر- المماثلة التي تسببت في آثار اقتصادية وخيمة وخسائر فادحة للاقتصاد العالمي ، الذي خسربسبب الكورونا 13 تريليون دولار، بالإضافة إلى أن 1.25 بليون شخص مهددون بالتعطل عن العمل، كما أنه وفقا لإحصائيات إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة إن 131 مليون شخص إضافي دُفعوا إلى براثن الفقر خلال هذه الأزمة ، العديد منهم من النساء والأطفال والأشخاص من المجتمعات المهمشة، والعبء الأكبر منها يقع في الدول النامية، كما خسر قطاع السياحة الدولية بمفرده بسبب جائحة كورونا أكثر من أربعة تريليونات دولار، بخلاف قطاعات السفر والفنادق المرتبطة بها التي منيت بخسائر تقدر بنحو 2,4 تريليون دولار ، بسبب الآثار المباشرة وغير المباشرة للانخفاض الحاد في عدد السياح الدوليين، كما قدرت منظمة السياحة العالمية عدد الوظائف المرتبطة بالسياحة بشكل مباشر والمعرضة للخطر بما بين مئة إلى120 مليون وظيفة ، وأن هذا يذكرنا بموسمَ الكآبة من سيناريوهات التصدعات الاقتصادية والإفلاسات المتكررة والمكاتب والعقارات المهجورة والمتاجر الفارغة والمطارات الموحشة التي كاد يخيم عليها العنكبوت ،والخوف الذي سيطرعلى خيارات المستثمرين وقراراتهم.إن تكلف جائحة كورونا صناعة الطيران 157 بليون دولار خلال عامي 2020 و2021.وقالت إياتا يوم الثلاثاء، وذكر اتحاد النقل الجوي الدولي « إياتا» إن كورونا تسببت بأكبر صدمة لشركات الطيران منذ الحرب العالمية الثانية، بخسائر أسوأ من تلك التي تكبدتها خلال الأزمة المالية العالمية وأحداث 11 سبتمبر2001، بعد أن تكبدت صناعة الطيران خسائر بنحو 157بليون دولار خلال عامي 2020 و2021 ولذلك على الحكومات أن تعي الدرس جيدا وألا يدفعها الخوف من التأثيرات الصحية إلى تكرار الإغلاقات ومنع السفر،على حساب الاقتصاد ، لأن حظر السفر الشامل لن يمنع الانتشار دوليا، ويضع عبئا ثقيلا على حياة المواطنين وسبل العيش، خاصة أن منظمة الصحة العالمية نصحت بعدم اتخاذ إجراءات مماثلة في الوقت الحالي ، لذلك من الضروي تحسين المنظومات الصحية لمتابعة الإصابات المحلية ، والتحوط لاستباق الأحداث ، واستخدا م الأجهزة الحديثة والمتطورة التي تكتشف الإصابة «بكورونا والمتحور أوميكرون» أو ما يستجد من متحورات متوقعة خلال 15 دقيقة فقط ، ولا يُسمح لها بالدخول ومن ثم تُيعد الحالات المصابة إلى بلدها على ذات الطائرة تحسبا لزيادة الإصابات او نقل العدوى، وحماية الأنشطة الاقتصادية من الشلل ،وحتى لا يكون المتحور الجديد ومشتقاته حجرة عثرة في طريق التعافي الاقتصاد العالمي؟ أوأن يفرض حالة « القلق وعدم اليقين» التي تفرض نفسها على الوضع الاقتصادي العالمي الآن؟.