أسواق شعبية عمانية اندثرت

بلادنا الأحد ٠٥/ديسمبر/٢٠٢١ ٠٨:٢٥ ص
أسواق شعبية عمانية اندثرت
حارس السوق يسرد قصة السوق القديم

سمائل - صالح الرواحي

الأسواق التقليدية الشعبية العمانية كانت ومازالت مصدر رزق للمواطن العماني في هذا الوطن الغالي فقد أبدع العمانيون منذ قديم الزمان في بناء الأسواق الشعبية وتنشيط حركتها التجارية فقد كانت الأسواق تعج بالباعة والمستهلك بهدف البيع والشراء، الأسواق العمانية القديمة تم تشييدها بالطين والحجارة في عملية البناء وجذوع النخيل في تسقيف أسطحها وتفتح أبوابها خلال فترات الصباح والمساء، وفي ولاية سمائل يوجد أسواق تقليدية شعبية قديمة الأول في سفالة سمائل ويقع أسفل حصن سمائل الشهير والسوق الأرض ملك للحكومة أما المحلات شيدها التجار المواطنون، السوق الأخر في علاية سمائل وقد بناه الأجداد لأكثر من 300 عام بجهودهم الذاتية وتوارثها الأباء ثم الأبناء جيلاً بعد جيل والأسواق التقليدية الشعبية في الولاية إندثرت معالمها ولم تبق سوى الاطلال منها، وقد نشطت التجارة بالأسواق الشعبية بالولاية خلال الفترة من عام 1960 م وحتى نهاية 1980م لوقوع أسواق الولاية في منتصف الطرق التجارية بمحافظات شمال وجنوب الشرقية والداخلية والظاهرة وظفار، وقد أوضح محمد بن علي بن سليمان العامري أقدم تاجر وحارس السوق الشعبي بعلاية سمائل.

يقع السوق الشعبي في علاية سمائل في منطقة سكنية ويعتبر من الأسواق القديمة بالسلطنة بناه الأجداد من الطين والحجارة ومخلفات النخيل ويتكون السوق من ثلاثة أبواب رئيسة مصنوعة من الخشب الثقيل وغرفة للحارس عند مدخل باب السوق الرئيس ويضم في جنباته أكثر من 75 محلاً تجارياً إضافة إلى ثلاث عرصات لبيع الأسماك والبرسيم والتمور العمانية التي كانت تجلب من الولايات المجاورة ويتوافد الناس لشراء تلك المعروضات ويفتح السوق خلال فترة الصباحية والفترة المسائية.

السوق الشعبي التقليدي بالولاية من أقدم الأسواق الشعبية على مستوى محافظة الداخلية بعد سوق نزوى ويتميز سوق سمائل ببيع البهارات والمواد الغذائية كالأرز والطحين والبقوليات بكافة أنواعها في حين كانت الفواكه يوجد القليل منها والذي يأتي من مزارع المواطنين مثل الفيفاي والمانجو وكافة أنواع الحمضيات في حين لا تتوفر بقية الفواكه المتوفرة حاليا في هذا العصر، كما يباع في السوق الحبوب ليتم طحنها داخل السوق بالآلات القديمة البدائية كما يتم مناداة المنتج العماني مثل السمن وعسل النحل الأصلي والذي يطلق عليه (أبو طويق) والأسعار جميعها في متناول الجميع.

السوق القديم

يتميز السوق القديم بولاية سمائل بنظافته على مدار العام فكان الجانب التوعوي التثقيفي موجوداً لدي العمانيين منذ قديم الزمن حيث كان يمنع الاكل بالسوق ورمي المخلفات على الطرقات وقد تعود الناس على هذا الجانب مما جذب الكثير من المزارعين من مختلف القرى التابعة للولاية لعرض منتجاتهم الزراعية مستخدمين وسائل النقل القديمة في عملية نقل بضائعهم وتسويقها عبر منافذ الأسواق الشعبية بالولاية.

وعندما تولى الحكم السلطان سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه - ظهرت السيارات الكبيرة ذات الدفع الرباعي محملة بعضاً من المواد الغذائية التي عادة ما تأتي مستوردة من الخارج عبر ميناء مطرح -كان يسمى في ذلك الوقت-، وعبر وسائل النقل القديمة والتي يزرعها المزارع العماني بمزرعته مثل المانجو والموز والفافاي والليمون، وقد ازداد نشاط الحركة التجارية بالسوق في بداية النهضة المباركة لباني نهضة عمان جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، فقد ظهرت تجارة بيع الأدوات الكهربائية والاواني المنزلية والاثاث والخضروات والفواكة بكافة أنواعها في عدد قليل من المحلات التجارية بالسوق وأنا كنت واحداً من هؤلاء التجار الذين ظهروا في بيع المواد الغذائية والمنتجات الأخرى التي تأتي من أسواق مطرح ونزوى وغيرها من الولايات محملة بالكثير من المواد الإستهلاكية التي يحتاجها المواطنون في ذلك العصر.

حارس السوق

وأضاف محمد العامري حارس السوق قائلاً: قبل البدء في عملية التجارة اخترت حارساً للسوق نظير مبلغ رمزي وذلك لحماية السوق من إقتحام اللصوص للمحلات ونهبها وأشرفت على حراسة السوق بعد بناء غرفة الحراسة تقع أعلى الباب الرئيس للسوق وقد وفقت في الحراسة وقد أطلق علي خلال فترة عملي بالسوق باسم (حارس السوق) وهو إسم معروف لدى سكان الولاية وفي عهد السلطان سعيد بن تيمور طيب الله ثراه عملت بالتجارة حتى منتصف حكم جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه توسعت التجارة وانتقل الجميع إلى مركز المدينة (المدرة) وبقيت الوحيد في السوق أبيع على الرغم من عدم وجود الكهرباء بالمحل حتى وقع سقف المحل بالقرب مني بعدها ادركت بأني سوف أترك التجارة وأتفرغ لحياتي الخاصة وتربية أولادي.

قبل سنوات بدأت الأسواق الشعبية بالولاية تندثر بفعل العوامل الطبيعية في حين انتقل جميع التجار إلى مركز المدينة بالمدرة وأصبحت الأسواق الشعبية بالولاية اليوم مقصداً للسياح يتوافدون عليها للاطلاع على براعة هندسة المواطن العماني ولمساته الجميلة في إبراز جماليات العمارة العمانية وينتظر من وزارة التراث والسياحة لترميمها لتعود الحياة من جديد ليكون معلماً من معالم السياحة الداخلية على مستوى الولاية فحسب بل على مستوى المحافظة.

كانت تقام الهبطات في أيام عيد الفطر السعيد وعيد الأضحى المبارك خلف السوق علاية وكذلك هو الحال بالنسبة لسوق الشعبي بسفالة سمائل وتعرض في الهبطات أضاحي العيد من الأغنام والابقار والحلويات والملابس النسائية والرجالية وملابس الأطفال والألعاب والأكلات الشعبية العمانية، وقد اختفت هذه العادة الجميلة في الأسواق الشعبية بالولاية وأصبحت تقام هبطات الأعياد الدينية بقرية سرور التابعة للولاية والتي تعد من أنشط الهبطات على مستوى المحافظة.