العمل عن بعد لماذا نتراجع عنه!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠١/ديسمبر/٢٠٢١ ٠٨:٣٤ ص
العمل عن بعد لماذا نتراجع عنه!

بقلم : علي المطاعني

في الوقت الذي تسعى الحكومة إلى رقمنه المعاملات على اختلافها، وتعزيز الحكومة بالالكترونية بما يتواكب مع التطورات التي يشهدها العالم، إلا أن تراجع العمل عن بعد، نتيجة عودة الموظفين إلى أعمالهم في الجهات الحكومية، حتى الأعمال التي يمكن تقييمها من خلال إنجاز المعاملات في اليوم او الساعة، ‏يشكل تراجعا عن المضي قدما عن العمل في هذا الجانب، فبرغم أن الظروف الصحية هي التي دفعتنا إلى العمل عن بعد، ولم تتأثر القطاعات الخدمية بما حدث، كون ذلك هو الأساس الذي ننطلق منه في التحول الالكتروني في أعمالنا الإدارية، لكن تم تسريع الاعتماد عليه بالتزامن مع التغيرات في أنظمة العمل بتحويلها إلى الكترونية بفرض تداعيات جائحة كرونا، وهو الأمر الذي يتطلب مراجعة آليات العمل التي يمكن أن تعمل عن بعد مع تقييم التجارب في كل جهة من واقع الأعمال المنجزة وكذلك رصد الإنجاز من خلال أنظمة تقنية تثبت عدد ساعات العمل التي يقضيها الموظف على نظام كل جهة خلال الدوام الرسمي إلى غير ذلك من أنظمة دقيقة يمكن أن تقيس اداء الموظفين عن بعد اكثر من قياسها بممارسة أعمالهم في مقار الأجهزة الإدارية في الدولة.

فبلاشك أن التحول الإلكتروني في كل الأعمال الإدارية غاية نتطلع إليها جميعا يوما بع الاخر كغيرنا من الدول التي قطعت شوطا في هذا المجال، وجاءت حتمية العمل عن بعد والتجارب التي تمت في هذا المجال لتثبت جدواها خلال العامين الماضيين عندما فرضتها الإجراءات الصحية لفيروس كورونا، إلا أن تراجعنا عن العمل عن بعد بحجة تخفيف الإجراءات الصحية نتيجة التعافي الصحي، يعد نوعا من العودة إلى الخلف، فسياسة الرقمنة تجعلنا نمضي قدما في نهج سياسات العمل عن بعد، والا نتقهقر للخلف بزعم أن تجربة العمل عن بعد جاءت لظروف صحية خارجة عن الإرادة، فقد تكون الجائحة سرعت الخطوات لكن ما حدث كان يجب أن يكون جزء من التحول الإلكتروني المفترض تعميمه في الأعمال في الدولة وفق طبيعة عمل كل جهة وكل موظف.

فمثل هذا الإجراء أي العمل عن بعد، له مكاسب كبيرة على العديد من الأصعدة والمستويات أولها التكيف مع المستجدات الإلكترونية وتطبيقها على أرض الواقع على هيئة عمل في أجهزة الدولة، كجزء من التحول الإلكتروني أو ما يسمى بالحكومة الإلكترونية، فالمضي في هذا النظام من شأنه أن يشجع الكثير من الموظفين على إتقان العمل الإلكتروني، وتطوير قدراتهم لمواكبة هذه المستجدات، ثانيا اختزال الوقت والجهد الذي يبذله الموظف في الذهاب إلى العمل والعودة منه، فالموظف كلما تهيأت له الظروف للعمل بشكل أفضل كانت نتائج العمل أكبر، والعكس صحيح، ثم إن إضاعة الوقت في العمل في الأحاديث الجانبية والاستراحات من الصعب السيطرة على هكذا ممارسات في حين الجهاز يسجل بالدقيقة عدد الساعات التي قضاها الموظف للعمل في البرنامح واي الأوقات، بل وكم عدد المعاملات التي انجزها الموظف في اليوم بل في الساعة والدقيقة، وهذا النظام أفضل في التقييم.

فضلا عن ذلك بأن خروج الموظف إلى العمل يصاحبه الكثير من التغيرات سواء في زيادة الازدحام في الطرق، حيث إن اعادة موظفي الدولة إلى العمل الروتيني، في حين هناك شركات من القطاع الخاص مازال الكثير من موظفيها يعملوا عن بعد من منازلهم، ولم يحدث تعطيل للعمل ولا يحزنون، فإعادة موظفي القطاع العام إلى ادارجهم لممارسة أعمال يمكن أن ينجزوها وهم في منازلهم للأسف تراجع عن سياسة الرقمنة التي نسعى إلى إنجازها في المستقبل.

بالطبع هناك أعمال تحتاج حضور الموظفين إلى مقار عملهم فليس هناك مانعا ولكن هناك شريحة كبيرة من الموظفين لايستوجب حضورهم للعمل وربما انجازهم للأعمال الموكلة لهم في منازلهم تكون أكثر فاعلية، وتحقق أكبر قدر من الانجاز مما قد يعملوه في مقار عملهم وفما المانع أن يستمروا في العمل عن بعد، ويوفرا على الدولة كهرباء ومياه يستخدموها أثناء حضورهم للمقار، وتكلف الدولة فواتير كبيرة، يمكن ضخها في أماكن أكثر فائدة.

نأمل من الجهات المختصة أن تضع فلسفة العمل عن بعد كجزء من التغيرات التي يتطلبها التحول الإلكتروني في أجهزة الدولة وتقييم التجارب والموظفين فيها سواء بعدد ساعات العمل أوعدد المعاملات، ليكون ذلك تقييما شاملا يحقق المرجو منه في القريب العاجل، ويفصل بين ما يمكن إنجازه عن بعد، وما نحتاجه ضروروة للعمل داخل المقار، فالنبدأ بدراسة ما تم إنجازه أيام الجائحة، وما كان ينجز قبلها، مع الوضع في الاعتبار أن البلاد أضحت تمتلك بنية الكترونية تستطيع الايفاء بإالتزامات الاعمال من المنزل.