مواقع ‘قطر’ الأثرية.. عراقة تمتد لما قبل التاريخ

مزاج الاثنين ٢٢/نوفمبر/٢٠٢١ ١٨:٢٢ م
مواقع ‘قطر’ الأثرية.. عراقة تمتد لما قبل التاريخ
جزيرة بن غنام

مسقط – الشبيبة

تتضمن دولة قطر العديد من المواقع الأثرية الهامة والمميزة التي يمكن استكشافها والاستمتاع بزيارتها، بالإضافة إلى المستوطنات، والأبراج، والقلاع، الشبيبة رصدت لكم أهم المواقع الأثرية الدالة على عراقة تاريخ دولة قطر:

جزيرة بن غنام

تقع جزيرة بن غنام على الساحل الشرقي لقطر في موقع محمي داخل خليج خور الشقيق. وبالرغم من أنها ربما لم تكن مسكونة بشكل دائم، إلا أنها كانت مكاناً مقصوداً لأسباب معينة في أوقات مختلفة. حيث كانت مكاناً للعبور، و مخيماً مؤقتاً للتجارة مع البحرين استخدمه الصيادون أو غواصو اللؤلؤ في بداية الألفية الثانية قبل الميلاد. وفي وقت لاحق، كانت الجزيرة موقعاً لإنتاج الصبغ الأحمر الأرجواني من الأصداف البحرية خلال الحقبة الكاشية، ثم كانت مخيماً لرحلات صيد اللؤلؤ خلال الحقبة الساسانية، ومركزاً للصيد في أواخر الحقبة الإسلامية.

تتميز مرحلة الاستيطان الأكثر إثارة للاهتمام بإنتاج الصبغ الذي كان يرتبط بحكم الكاشيين في منطقة الخليج. وقد كشفت الحفريات عن مجموعة من بقايا لما يقدر بنحو 2.9 مليون صدفة منفردة مجروشة لحلزونات بحرية ، بالإضافة إلى وعاء كبير من الخزف ربما استخدم لنقع الرخويات المجروشة. وعادة ما ينتج هذا النوع من الصدفيات التي تعيش تحت الصخور في منطقة المد والجزر صبغاً لونه أحمر إلى أحمر داكن.

تزخر الجزيرة بتراث طبيعي يجتذب الزوار يتضمن أشجار المنغروف التي تتحمل العيش في البحيرات المالحة الضحلة، والأسماك الصغيرة وسرطان البحر، وعدد كبير من الطيور المهاجرة، مثل طيور النحام و البلشون والتي تقصد الجزيرة خلال أشهر الشتاء.

المنحدرات الصخرية البيضاء في رأس بروق

تؤوي رأس بروق وهي شبه جزيرة تقع على الساحل الغربي لدولة قطر، بقايا استقرار بشري يعود إلى عصور ما قبل التاريخ. ولم تكن هذه المنطقة مكان سكن دائم، إلا أنها كانت تسكنها في السابق قبائل شبه بدوية. وقد اكتشفت هنا حتى الآن مواقع أثرية عديدة من عصور ما قبل التاريخ كانت تحتضن أمثلة عن أدوات مصنوعة من حجر الصوان استُخْدِمت للصيد. وتمكن البيئة البدائية لشبه الجزيرة الباحثين من تكثيف أبحاثهم على هذه الحقبة بالذات من تاريخ دولة قطر.

ويجعل مشهد المنحدرات البيضاء الاستثنائي من المكان منطقة مميزة، كما أن شكل ولون المشهد الناتج عن تعرية الطبقات الجيرية الهشة، والرياح التي نحتت المنحدرات البيضاء والأشكال الجيولوجية العجيبة، كتلال على شكل فطر، كلها عناصر تجعل المنطقة فريدة ومتميزة في قطر. إلى جانب جماليتها الجيولوجية، توفر هذه التكوينات الصخرية الأيقونية تجربة حقيقية لمشهد ما قبل التاريخ.

النقوش الصخرية في الجساسية

موقع الجساسية هو أحد المواقع العديدة ذات النقوش الصخرية في قطر. ويمكن العثور على هذه النقوش على طول ساحل قطر وكذلك في جزيرة الحوار في البحرين .

اكتشف الموقع أول مرة عام 1957، ثم شُرع بدراسته بشكل أعمق عام 1974، حيث أُرشف 874 من النقوش الفردية و أخرى مركبة، تتألف أساساً من حفر مستديرة تشبه علامات أكواب بأشكال مختلفة، بما في ذلك الصفوف، والوريدات، والنجوم؛ كما تتكون من نقوش أخرى كنقوش للقوارب، وآثار للأقدام، ورموز وعلامات أخرى غامضة . ويعتقد أن علامات الأكواب هذه استخدمت في ألعاب لوحية قديمة، كلعبة "المنقلة" والتي كانت تعرف في قطر بـــــ"الحالوسة" أو "الحويلة".

قلعة الزبارة

كانت الزبارة بالنسبة لأسلاف القطريين ميناءً مزدهراً لصيد وتجارة اللؤلؤ، أما اليوم فهي أكبر موقع تراثي في دولة قطر. وتضم سور المدينة المذهل، وقصورها السكنية، وبيوتها، وأسواقها، ومناطقها الصناعية ومساجدها.

الزبارة هي أحد أفضل الأمثلة الباقية للمدن الخليجية التي كانت تقوم على التجارة خلال الفترة الممتدة ما بين القرنين الثامن عشر و التاسع عشر. أدرجت عام 2013 على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.

سُجلت منطقة الزبارة عام 2009 كمنطقة محمية، ومنذ ذلك الحين ترأست متاحف قطر عدة فرق من العلماء وعلماء الآثار لإجراء تحريات أثرية في الموقع. حيث عملوا من خلال أبحاثهم ومقابلة السكان المحليين على توثيق فترات ازدهار وانهيار هذه المنطقة الفريدة من نوعها، والتي كانت ذات يوم ميناءً مزدهراً يعج بالصيادين والتجار.

وفي عام 2013 سجلت لجنة التراث العالمي موقع الزبارة الأثري على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو. ويتألف الموقع المُدْرَج من ثلاثة أجزاء رئيسية أكبرها البقايا الأثرية للمدينة التي يعود تاريخها إلى عام 1760. أما قلعة مرير فهي مستوطنة مترابطة بمدينة الزبارة الأولى، حُصِّنَت من أجل حماية الآبار الداخلية للمدينة. بينما تُعَدّ قلعة الزبارة التي شُيِّدت عام 1938 أحدث تلك الأجزاء وأبرزها في الموقع.

تكشف الزبارة ومحيطها الثقافي عن التحول الاجتماعي والاقتصادي للأرض، وعن تاريخ التجارة وتقاليد صيد اللؤلؤ اللذين شكّلا مصدر عيش المدن الساحلية الكبرى من الفترة الإسلامية المبكرة إلى القرن العشرين، فالزبارة مثال قيِّم على قدرات التخطيط العمراني في تلك الفترة.

كما تدفعنا الزبارة إلى التأمل في التعايش والتآلف بين الثقافات والمجموعات العرقية من شبه الجزيرة العربية في تلك الفترة من الزمن، كما تقدم أمثلة على التقنيات القطرية التقليدية للبناء.

عين حليتان

يستخدم علماء الآثار في متاحف قطر الآبار في بحوثهم كمؤشرات لمواقع المستوطنات السابقة. فقد أطلقنا عام 2004 مشروعاً لتوثيق الآبار القطرية وحفظها باعتبارها معالم تاريخية. وقد وثقنا حتى الآن ما مجموعه 107 من الآبار والعيون، كما سجّلنا موقعها الدقيق، والتقنية المستخدمة في بنائها، وتاريخها والتقاليد المرتبطة بها استناداً على مقابلاتنا مع السكان المحليين. وتخضع جميعها لإشراف مستمر من قبل فرقنا المختصة.

تقع العين ذات الشكل الأسطواني على الساحل الغربي للخور، وهي مبنية من الحصى والطين والجص، وكانت سبباً أساسياً لاستقرار قبيلة المهاندة في المدينة. وتنقل إلينا الحكايات المحلية أنه منذ قرابة 150 عاماً، عثرت مجموعة من القناصين على هذه العين مصادفة عندما كانوا يحاولون الإمساك بأرنب بري. كما تروي بعض المصادر الشفهية القديمة، عن قدرة مياه هذه العين الاستثنائية، على علاج العديد من الأمراض، ما دعا السكان المحليين إلى إطلاق اسم "الطبيب" عليها.

وكانت العين في الماضي تُغلق ويوقف تدفق المياه منها لتنظيفها وصيانتها دورياً، إذ كانت تُفرغ وتُنَظّف جدرانها الداخلية باستخدام الخيش. أما اليوم فيحرص الفريق المختص بالحفاظ على التراث المعماري على صيانتها والإشراف عليها.

أبراج برزان

تشير الأبحاث والتحليلات الدقيقة إلى أن أبراج قطر شُيدت لحماية الوديان، حيث تجمع مياه الأمطار الثمينة، ولمراقبة السفن القادمة، وربما استخدمت أيضاً كمراصد لتحديد التقويم القمري.

شُيّد برجا برزان بأمر من الشيخ محمد بن جاسم آل ثاني، مؤسس قرية أم صلال محمد. و"برزان" هو الاسم الذي يطلق على البرج الغربي الذي يبلغ ارتفاعه 14 متراً، ويتألف من ثلاثة مستويات، ويتميز بشكله الذي يشبه حرف 'T' وهو ما يميزه عن غيره في منطقة الخليج. ويعتبر البرج الشرقي، المبني من الحجارة المكسوة بالطين، مثالاً نموذجياً على الأبراج القطرية ذات الشكل المستطيل.

أبراج الخور

تقع أبراج المراقبة والدفاع لمدينة الخور على الميناء القديم، وقد استخدمت لمراقبة السفن وحماية مدخل بئر "عين حليتان" التي شكلت المصدر الرئيسي للمياه وجعلت الحياة ممكنة في مدينة الخور. وقد كانت الأبراج الثلاثة، ذات الشكل الأسطواني والجدران الحجرية السميكة قائمة على طول الساحل، وتتمتع بمنصة اسْتُخدمت كشرفة لحراسة المدينة الساحلية التي كانت مركزاً هاماً لصيد السمك واللؤلؤ في أوائل القرن العشرين.

القصر التاريخي في متحف قطر الوطني

يعد قصر الشيخ عبدالله بن جاسم بن محمد آل ثاني، أكبر المقتنيات القديمة التي يحتويها متحف قطر الوطني، وقد خضع القصر لعمليات ترميم كثيرة منذ تأسيسه.

بني هذا المعلم التاريخي بالقرب من الخط الساحلي، ما جعله عرضة للتشقق، وقد تم ترميمه وتجديده عدة مرات منذ إنشائه في عام 1906. وللحفاظ على سلامة القصر في المستقبل من أية تصدّعات، وضع المهندسون المعماريون أوتاداً خرسانية أسفل المتحف لدعم هيكله بعد أن أزالوا المياه الجوفية.