بقلم : محمد بن علي البلوشي
طرق أبواب المستثمرين ليس عادة سيئة ولا يخضع للكبرياء في عالم الاقتصاد فالكل يتسابق ويتنافس عليهم أملا في جذب أموالهم لإقامة استثمارات في البلدان وماينعكس على ذلك من فوائد على الاقتصادات التي تنجح في جذب هؤلاء المستثمرين وأولها أن الدولة تهيئ البنية الأساسية والتشريعية لهم فقط دون أن تضطر إلى انفاق أموال لإقامة صناعات..ذلك يقوم به رأس المال المحلي والاجنبي وقد تدخل الدولة في شراكات في الصناعات الاستراتيجية..القاعدة العامة أن طرق أبواب المستثمرين والترحيب بهم يتم عبر تعبيد الطريق لهم ليصلون إليك..الطريق المعبد جديدا وليس به تعرجات غير قانونية..إنه طريق سالك وله لوحات إرشادية وتحذيرية هذا الطريق هو قانون الإستثمار الأجنبي أو المحلي الذي تسنه الدول للمستثمرين فتصبح واضحة امام رغبتهم وإرادتهم في الاستثمار..يحسبون كلفتهم وفي الأخير أرباحهم ثم يقررون.الذي يقرر أن يستثمر يدرك أنه مستفيد فلاشي به من المجاملة مايدعه لأن ينثر أمواله في البلد دون مقابل.. بينما المستثمر الانتهازي يريد طريقا اخر مفصل له وعلى قياسه..في العادة درجنا على سماع الناس وهي تتحدث عن هروب المستثمرين من البلاد وذهابهم إلى بلدان أخرى..تصبح هذه القصة مصدر تداول وتندر على القوانين العتيقة والمسؤولون الذين ينفرون المستثمر ليذهب إلى بلد أخر تفرش له الورود وينهي تراخيصه ويبني مصنعه أو استثماره في ليلة وضحاها.هذه القصص تثير الاشمئزاز فبعضها صحيح في الماضي ومردها إلى القوانين السائدة التي لاتحفز المستثمر وتحد من رغبته في جذب أمواله للاستثمار في البلاد.. بعض قوانين الاستثمار سنت في ظروف كانت تعلوا فيها هواجس الدواعي الوطنية والسيادية فغلبت على القوانين وكما يقول المنتقدون وكأن المستثمر سيسرق أرضك ويهربها خارج الحدود..في الماضي كان النفط يكفي لدفع الرواتب فعدد السكان قليل جدا تستطيع الدولة أن توظفهم بل وتدفع لهم وهم نيام في بيوتهم..ولانحتاج لأحد أن يمن علينا بإستثماره..لكن الزمن هو المنتصر..ذلك عصر ولى وانتهى واليوم تتسابق الدول ليست الصغيرة فحسب بل الكبرى للاستثمار الأجنبي. الوقت الحالي هو الأستثمار..هو زمن الشركات العابرة للقارات التي تقول لها الدول هذه هي القوانين تفضلوا استثمروا..القوانين أفضل من قوانين الأستثمار في الولايات المتحدة التي بسببها أختلق ترامب مشكلة جمركية مع الصين ليحمي العمال الأمريكيين وكان قد قاب قوسين أو أدنى ليعاقب شركات أمريكية كادت أن تنقل استثماراتها ومصانعها للصين..حتى صانعوا النبيذ الفرنسي لم يسلموا منه عندما رفع رسوم النبيذ ليحمي صناعة النبيذ الأمريكي.ثم كما قال لهم «كأسك ياوطن».ماهي الفكرة التي تسوقها هذه الأمثلة..المستثمر الجاد هو الذي يضيف رصيدا إلى البلاد..أمواله واستثماراته ومصانعه هي التي تضيف إلى القيمة المضافة في الناتج القومي وهي التي تسهم في القوة التصديرية للبلاد وتسد احتياجات السوق المحلية عوضا عن الإستيراد وتكبد الميزان التجاري عجزا دائما لصالح بلدان أخرى..فقوتك التصديرية تحد من عجزك التجاري وتجلب لك العملة الصعبة.نحن نبحث عن تشغيل الشباب فهم القوة المنتجة القادمة للسوق..إن لم يعملوا في مرافق تلك الاستثمارات فأين نلقي بهم وهم الذين ينبغي أن يشغلوا السوق وعجلة الإنتاج بدلا من أستيراد العمال من الخارج.. اما الذين نحتاجهم فلا بأس بذلك العالم «يستورد» العمال المهرة والمتخصصون والنادرون..بشرط أن يفيدوا العمالة المحلية وبخاصة أن الدولة تسيطر على السوق بقوانينها وتوفر الحماية الاجتماعية والاقتصادية لهم من المنافسة الشرسة التي تبديها العمالة الأجنبية. يرى الناس أحيانا هذه الجوانب بعين واحدة فقط تجانب الحقيقة..حينما يتحدثون عن هروب المستثمرين..لا أحد من المستثمرين سيهرب سوى المستثمر الإنتهازي الذي يعتقد بذكاءه أنه يستطيع أن يكذب على الجميع ويلتف على القوانين ليحقق مآربه فلاتنتفع به البلاد ولا العباد..يضج الناس بتلك القصص التي معظمها مشوهة وناقصة ومزيفة وحينما يصدقون القصص المزيفة يلقون باللوم على القوانين.التشريعات الجديدة جيدة ومنافسة وواضحة.وهناك مستثمرون جادون وضعوا استثماراتهم في البلاد ببلايين الدولارات دون فوضى أو الدخولك في مسالك ملتوية وهم في ثقة أن أستثماراتهم واموالهم محمية في إطار القانون والقضاء العادل الذي هو عنوان البلاد.. المسالك الملتوية يسلكها المستثمر الانتهازي الذي يريد تفصيل قانونا خاصا به وإلغاء قانون الاستثمار للبلاد فيصدر القصص الكاذبة وتصدقة الأغلبية..هذا النوع من المستثمرين هم طفيلييون ليس إلا.فأهلا وسهلا بالمستثمر الجاد. لاتعبأوا بقصص الانتهازيون.