بقلم: علي بن راشد المطاعني
إذا كانت النهضة المباركة انطلقت عام 1970 لتعيد وطنا عريقا موغلا في القدم، وأسهم في الحياة الإنسانية في مراحل تاريخية متعاقبة، و يتميز بشواهد حضارية تدلل على ارثه التاريخي، و ما حققت من النمو والتطور ماجعل جعل عمان في مصاف الدول المتقدمة التي يرفل شعبها بسعادة يحسده عليها القاصي والداني اليوم، فإن النهضة المتجددة بقيادة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله - تسير بسفينة الوطن نحو بناء دولة عصرية تمتلك مقدراتها، و ان اختلفت المراحل و تباينت الظروف، فالآمال و التطلعات لا تزال واحدة والبرامج والخطط تتجهة بنا نحو نهضة أمة و ازدهار دولة و سعادة شعب، فالشواهد ماثلة لاينكرها منصف بمكان، تؤكد عزم جلالة السلطان ليل نهار على المضي قدما بعمان وشعبها الأبي نحو التقدم والرقي، فإذا إنطلقت النهضة العمانية الأولى من رحم تحديات فرضها عليها واقعها وقتها، مثل ترامي أطراف الدولة وتباين الجغرافية و طبوغرافية الأرض، والعمل على انهاء الفرقة والتشتت في أوصال الوطن إيبان السبعينات من القرن الماضي، مطوية بما بلورته النهضة من انسجام بين شرائح المجتمع و تألفهم وانسجامهم تحت مظلة دولة المؤسسات و القانون، فإن النهضة المتجدد تواجه تحديات كبيرة أيضا في كافة الميادين الاقتصادية والاجتماعية والصحية.. الخ، تحديات لاتقل عن ما واجهته النهضة الأولى من ظروف ، فرضت اين بفعل الظروف المحيطة والواقع الدولي والمحلي، فالبلاد تحت القيادة الجديدة تعمل في ظل ظروف وتحديات جديدة، وتسعى إلى تجاوز التحديات، فالمطالب زادت و الاحتياجات تتضاعفت عاما بعد الآخر.
ومن هذا المنطلق فالنهضة العمانية الأولى و الثانية كالعينين في جبين واحد هو هذه الأرض الطيبة و هذا الشعب الأصيل الذي يستحق كل خير و سعادة، فحجم ما تم إنجازه يدفعنا نحو صناعة المستقبل، وعدم الارتكان لما فعله الاباء والابناء من منجزات في الماضي، فالتغني بعصر مضى بافراحه و اتراحه وكانت له من الإيجابيات مثلما كانت له من السلبيات لن يصنع المستقبل، بل سيجعلنا أسرى الماضي، صحيح علينا استلهام العبر مما مضى ليساعدنا على ما نواجهة في الحاضر، ولكن علينا النظر بإنصاف حول حاضرنا الذي تشوبه تحديات جسام، فالنهضة المتجددة لن تكون نموذجية مائة في المائة فالاخطاء هي التي تعلمنا يوما بعد الآخر، لذا وجب علينا ان ننظر بالانصاف بين النهضتهين واضعين في الاعتبار ظروف كل نهضة و منطلقاتها ومراميها وأهدافها.
فبلاشك أن الدول تعيش مراحل تطور و تشهد في تاريخها تطورات متتالية بفلسفة مختلفة طبقا للمستجدات والمتغيرات في كل مرحلة، فلا يمكن أن نقارن بين اليوم و الأمس و لا بين قبل 50 عاما و بعدها، هذه مسلمات معروفة يجب الأخذ بها ونحن نقيم الاوضاع لنتحلى بالانصاف المطلوب، فلا يجب علينا الركون إلى الماضي و نظل نتباكي على مراحل فيه، ونعقد المقارنات بهدف إظهار التباين و الاختلافات، رغم أننا نتعاطى مع نهضة واحدة تمتلك أسلوب مغاير يتواكب مع معطيات جديدة و ظروف مختلفة، وهذا ا مربط الفرس كما يقال، و ألذي يجب يكون حاضر في أثناء عقد مثل تلك المقارنات التي اعود واكرر أن لا طائل منها.
فالبعض يحاول أن يعقد المقارنات لضرب اسفين في قلوب المواطنين لأمر ليس بخافي علينا، يتطلب أن نكون على يقظة عالية و بعضهم الآخر يدس السم في العسل كما يقال في تقزيم النهضة المتجددة إلى غير ذلك من ممارسات ليست بخافية على المتابعين للشأن المحلي، لذا علينا ان نتحلى باليقظة المطلوبة وأن نحتفل بنهضتنا المستمرة وبعيدها الوطني المجيد الحادي و الخمسين برؤية مفادها أن ما تشهده البلاد من نهوض لا يتجزاء و إنها مراحل نهضوية تكمل كل منها الأخرى،بطرق جديدة و أساليب مغايرة.
فليس من المنطق أن نقارن بين بدايات النهضة عام 1970 بنهضة في يناير 2020 المتجددة وسط هذه التراكمات و الملفات الكبيرة و التعاط مع الأوساط الإقليمية والدولية صاحبة الاجندات، وعلينا وضع الاعتبار لكل تلك المسلمات أمام من يناقش النهضة ويحاول ان يجعلها بين سلطانين، فالنهضة وإن اختلفت اساليبها وفق معطيات مختلفة لكنها ستظل نهضة واحدة مستمرة متجددة.
بالطبع التحديات الماثلة أمام النهضة المتجددة لا تقل أهمية عن ما واجهته النهضة في بدايتها عام 1970 م، وأن اختلف الأمور لكن يجب أن نكون مقدرين لكل منهما، ونأمل أن لا تكون المقارنات مجال للمناقشة لأنها نهضة واحدة تستولد المنجزات من تحديات الحاضر، نهضة تسير وفق رؤى واولويات تسعى إلى سعادة الوطن وتبنى لمصلحة المواطن، إنها نهضة واحدة لا إنفصام فيها، ولا نستطيع فصل مراحلها المختلفة عن بعضها، نهضة تجمعها واحدة الاهداف وإن تغير بعض التوجهات تحت ضغوط تحديات الحاضر.