عمان الجديدة

مؤشر الأربعاء ١٧/نوفمبر/٢٠٢١ ٠٩:١٩ ص
عمان الجديدة

مسقط – حمدة البلوشية

دأب حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – أبقاه الله – منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد في يناير من العام 2020 على اتخاذ الخطوات اللازمة والضرورية للمضي قدمًا نحو الإصلاح الاقتصادي بعد أن وصل حجم الدين العام إلى مستويات غير مسبوقة بلغت 60% من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى بلوغ العجز التراكمي نحو 20 مليار ريال عماني بنهاية العام 2019. وعدم اتخاذ أي خطوات إصلاحية يعني ارتفاع الدين العام إلى 130% من الناتج المحلي بعد 5 سنوات وهو مؤشر خطير بحسب ما يراه خبراء اقتصاديون. وخلال 22 شهرًا أقرت الحكومة خطوات جادة نحو إصلاح اقتصادي حقيقي يدفع بعمان نحو مصاف الدولة المتقدمة كما يريدها جلالة السلطان - أعزه الله- وهنا نستعرض أهم هذه الخطوات التي تم اتخاذها في هذا الشأن:

ترشيق الجهاز الإداري للدولة

جاءت إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة في أغسطس من العام 2020 ترجمةً للوعد السامي لجلالة السلطان – أبقاه الله - في خطابه التاريخي في 23 فبراير من العام 2020 الذي قال فيه: " «من أجل توفير الأسباب الداعمة لتحقيق أهدافنا المستقبلية فإننا عازمون على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة..». وتهدف إعادة هيكلة الجهاز الإداري إلى إدارة القطاعات الحكومية بكفاءة واختصاصات واضحة، تعزيز تنمية المحافظات، الاستغلال الأمثل للموارد البشرية، ووجود هيكل جديد يحقق أولويات رؤية عمان 2040. وتمت إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة بإصدار 28 مرسومًا سلطانيًا تم على إثرها تعديل مسمى 6 وزارات، ودمج عشر وزارات لتصبح 5.

وحدة دعم واتخاذ القرار

أحد أهم الخطوات التي جاءت بتوجيهات سامية من لدن عاهل البلاد المفدى بهدف رفع مستوى الأداء من خلال تعزيز كفاءة صنع القرار. ويأتي برنامج منظومة دعم اتخاذ القرار بناء على مؤشرات وبيانات محللة كأحد برامج خطة التنمية الخمسية العاشرة، وسيعمل على توفير نواه لمنظومة دعم اتخاذ القرار مبنية على أسس علمية تستثمر قواعد البيانات ولوحة المؤشرات التفاعلية، وتعتمد عليها في رسم السيناريوهات وتقديم البدائل التي تشكل الأداة المساعدة لرسم السياسات واتخاذ القرارات. وسيتم من خلال البرنامج تأسيس منظومة مختصة بعملية عرض البيانات والمؤشرات بطريقة سلسة لمتخذ القرار وللمستفيدين وتصميم لوحة مؤشرات تفاعلية لدعم متخذي القرار. وتعمل مراكز دعم القرار بشكل عام على استطلاع اتجاهات الرأي العام إزاء قضاياه من جهة وتجاه القرارت التي يتم اتخاذها قبل صدورها وبعده من جهة أخرى، كما تزود صناع القرار بالمعلومات التي تدعم عملية اتخاذ القرار بناء على حقائق علمية بعيدة عن الرأي الشخصي.

وحدة لقياس أداء المؤسسات الحكومية

في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد في 9 نوفمبر من العام الجاري أشار جلالة السلطان – أعزه الله – إلى أنه سيتم إنشاء وحدة مستقلة تتبع جلالته لقياس أداء المؤسسات الحكومية وضمان استمرارية تقييمها واقتراح آليات رفع كفاءتها، مع قياس جودة الخدمات ورضا المستفيدين منها. ولا يمكن الحديث عن الإصلاح الاقتصادي دون وجود منظومة تقيس أداء المؤسسات الحكومية وتستند إلى أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال لتقيس وتستخرج مؤشرات دورية تكشف عن انتاجية المؤسسات وتظهر نواحي القوة والضعف وتعكس الواقع بأرقام وحقائق تخدم صناع القرار.

منشورات مالية لضبط الانفاق

أصدرت وزارة المالية خلال العامين 2020 و2021 عددًا من المنشورات المالية بشأن ضبط الانفاق، وقضت توجيهاتها ضمن خطط تحقيق الاستقرار وتعزيز الاستدامة المالية إلى إعادة ترتيب أولويات الصرف، وقف إنشاء شركات حكومية جديدة وإعطاء الأولوية للقطاع الخاص، وقف الترقيات والمكافئات لجميع موظفي الشركات الحكومية، خفض البدلات الممنوحة للموظفين خارج إطار جدول الرواتب الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 78/2013 في جميع الوحدات الحكومية، وقف صرف جميع الامتيازات الممنوحة للموظفين خارج إطار الراتب المستحق وبدلاته الأساسية وتم تطبيق خفض البدلات والامتيازات على أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة والوكلاء ومن في مرتبتهم. وتأتي هذه الخطوات ضمن مساعي الحكومة لمراجعة أوجه الصرف وترشيد الإنفاق العام وتحسين كفاءة الأداء وتوحيد الامتيازات الوظيفية تحقيقًا لمبدأ العدالة والمساواة.

خطة التنمية الخمسية العاشرة

خطة وطنية تستشرف مستقبل عمان وهي الخطة التنفيذية الأولى ل للرؤية المستقبلية «عمان 2040»، جاء إعدادها في ظروف اقتصادية استثنائية تتمثل في انخفاض أسعار النفط لمستويات قياسية، تأثير جائحة كورونا، وتراجع النشاط الاقتصادي، إلا أن الخطة ولأول مرة تكشف عن 430 برنامجًا استراتيجيًا بمؤشرات أداء محددة، وهي خطوة مهمة نحو التحول إلى خطط مرتبطة بمخرجات ونتائج واضحة يتم من خلالها تقييم أداء وانتاجية الجهاز الإداري للدولة وكل ذلك يصب في إطار الإصلاح الاقتصادي.

نظام الأمان الوظيفي

تعد قضية إنهاء خدمات المواطنين من القضايا الوطنية الحساسة التي تحظى باهتمام حكومي وشعبي، لذا جاء نظام الأمان الوظيفي لتوفير حماية اجتماعية لهذه الفئة، وتفضل جلالته – أعزه الله – بتمويل النظام بمبلغ 10 ملايين ريال عماني كأول الداعمين والمساهمين. وبدأت المرحلة الأولى من النظام في نوفمبر من العام 2020 بصرف المنفعة للمنهية خدماتهم، وتأتي المرحلة الثانية بعد 3 سنوات من تأسيس النظام وسيتم على إثرها صرف إعانة للباحثين عن عمل.

خطة التوازن المالي

تهدف خطة التوازن المالي إلى دعم النمو الاقتصادي، وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتنشيط وتنويع مصادر الإيرادات الحكومية. كما تسعى إلى تعزيز الاستدامة المالية باعتبارها أحد أهم ممكنات رؤية عمان 2040. وأشار أمين عام وزارة المالية في حديث صحفي سابق أن هناك آثار اجتماعية واقتصادية لخطة التوازن المالي، لكن عدم اتخاذ أي إجراءات سيكون «ضرره كبير جدًا». ومن أهم المبادرات التي تضمنتها الخطة إعادة توجيه الدعم الحكومي في قطاعي الكهرباء والمياه، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة كرابع دولة خليجية بعد اعتمادها من مجلس التعاون الخليجي في عام 2016 إلا أن السلطنة هي الدولة الخليجية الوحيدة التي أعفت 488 سلعة من تطبيق الضريبة عليها.

خطة التحفيز الاقتصادي

أقر جلالة السلطان – أعزه الله - خطة التحفيز لاقتصادي لدعم الجهود المبذولة للتخفيف من آثار تداعيات كوفيد19 على الاقتصاد الوطني، وتتضمن الخطة خمسة محاور على النحو الآتي: حوافز متعلقة بالضرائب والرسوم، الحوافز المحسنة لبيئة الأعمال والاستثمار، الحوافز المصرفية، حوافز سوق العمل والتشغيل، حوافز لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومن بين هذه الحوافز اقتصار إسناد مناقصات المشتريات الحكومية التي لا تزيد قيمتها عن 10 آلاف ريال عماني للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تخصيص 20 مليون ريال عماني لتدريب العمانيين الباحثين عن عمل وتأهيلهم، استمرار العمل بالإجراءات الخاصة بتأجيل سداد قروض المواطنين المسرحين من العمل والمخفضة أجورهم، وإطلاق خدمة الموافقة التلقائية للتراخيص التي تسهم في تحسين بيئة الأعمال والاستثمار في السلطنة.

تطوير محافظة مسندم

ترجمة للاهتمام السامي بشأن تطوير محافظة مسندم وتحقيق تنمية شاملة مستدامة وتنويع اقتصادي قائم على المقومات التنافسية التي تمتلكها المحافظة وجعلها جاذبة للاستثمار، أقر مجلس الوزراء في يونيو الفائت تحويل ميناء خصب إلى منطقة لوجستية خاصة تهدف إلى توفير الخدمات والمرافق والتسهيلات لتنشيط حركة الاستيراد والتصدير وفتح خطوط مباشرة للتصدير، إنشاء مناطق اقتصادية سياحية خاصة تكون بمثابة المحرك للاستثمارات السياحية للمحافظة ومنشط للحركة اللوجستية المرتبطة بها وإعلان منطقة محاس كمنطقة اقتصادية لتنظيم نمو الصناعات الخفيفة والمتوسطة والتخزين فيها بما يدعم حركة ميناء خصب، وبناء منظومة متكاملة للمخزون الاستراتيجي بما يحقق الأمن الغذائي والدوائي في المحافظة.

البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي

في الوقت الراهن لا تتعدى مساهمة الاقتصاد الرقمي 2% من الناتج المحلي الإجمالي، في المقابل تبلغ قيمة الاقتصاد الرقمي عالميًا أكثر من 11 ترليون دولار. لذا جاء البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي بهدف تمكين مهارات وكفاءات متواكبة مع متطلبات سوق العمل والمستقبل التقني، تحقيق برامج التحول للحكومة الذكية وتوفير أليات الحوكمة الفعالة، صناعة وتوطين التقنيات الحديثة، مجتمع رقمي مستجيب لمتطلبات المستقبل، وتأهيل البنية الأساسية لتقنية المعلومات والاتصالات لمواكبة التغيرات التقنية المتسارعة. وتعكف الحكومة عبر هذا البرنامج الطموح تحقيق مجموعة من المستهدفات في 2025 مثل إطلاق القمر الصناعي العماني، ادراج شركات عمانية تقنية في سوق الأسهم وتحقيق المركز 40 في مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية.

دمج صناديق التقاعد

في نطاق حرص جلالته – أعزه الله – على تحقيق الكفاءة والاستدامة المالية لصناديق التقاعد ورفع كفاءة استثمار أموالها، إضافة إلى التحديات التي تواجه هذه الصناديق بسبب تعددها، أقر جلالة السلطان – أعزه الله - في ديسمبر 2020 إنشاء صندوقين للتقاعد الأول للقطاع المدني والقطاع الخاص، والثاني لمنتسبي الوحدات العسكرية والأمنية، إضافة إلى تعديل الحد الأدنى لسنوات الخدمة المطلوبة لاستحقاق التقاعد المبكر في جميع الأنظمة السارية ليكون (30) سنة خدمة.

الخطوات نحو الإصلاح الاقتصادي مستمرة .. حتى نصل ل مصاف الدول المتقدمة.. «نتقدم بثقة».