بقلم : محمد بن علي البلوشي
جاء في الأثر أن قدم لجوزيف ستالين مجموعة شعرية لشاعر روسي ليوافق على طباعتها على نفقة الدولة ..مرر الرفيق عينه على الأوراق التي امامه ثم أمر بطباعة كتابين فقط الأول للشاعر والثاني لحبيبته فقط.حينما سأل عن السبب أجاب «الشعب السوفيتي لايحتاج لهذا الهراء» هذه إجابة قصيرة تعكس بعض الأحيان عن الذي نحتاج له وما لانحتاجه.
أسرد هذه القصة في وقت يحدث فيه بعض من الهرج والمرج غير المألوف في مجلس الشورى وهو أمر لم نعتد عليه مثلما تخلو المجالس الاجتماعية التي تشكل تجمعا للعمانيين وتتوارث منذ مئات السنين من هذا الهرج والمرج.الشورى هو المجلس الذي يمثل كما يقال صوت الشعب مع أنني لا أميل لهذا الوصف فصوت الناس يصل إلى الدولة قبل الشورى..تعمل الدولة ضمن العقد الاجتماعي على صيانة وحفظ حقوق الناس وتدبير الأمور بالشورى مع مجلس عمان.
يقولون: الناس الجيدون ينتخبون أعضاءً ذوي كفاءة واقتدار فيما ينتخب الناس السيئون أعضاءً فوضويين يشكلون عبئا على الهياكل التمثيلية كالبرلمان..عند الأعضاء الجيدين تستطيع أن تدير المشروعات والقوانين ليصبح الاتفاق عليها وبناؤها جيدا ومريحا دون ضجيج مفتعل أو صراخ عال حينما تفتقد إلى القوة الداعمة لك.
لا أريد أن أضع الناس هنا في قفص الاتهام ولايمكن التحكم في خياراتهم فالوعي في مجتمعاتنا معاييره مختلفة وتفسيره مختلف..الوعي بالقراءة والكتابة ام بالشهادة العلمية والدراسية أو التفكير المتقدم ..كلها تفاسير لك أن تختار منها مايعجب ذائقتك.
في كل العالم تخضع المجالس لمعايير وقواعد لتسير عليها ..الشورى مثله مثل الكيانات التمثيلية الأخرى ينبغي للأعضاء الالتزام بهذه القواعد.. فافتعال المشاكل ليس في صالح أحد كما أن الصراخ والفوضى يسلب منك الحكمة والتروي والاتزان عند ممارسة المسؤولية فالمسؤولية لاتستقيم مع هذا النوع من السلوك.كما أن محاولة تقليد بعض الممارسات لايليق ببعض الأعضاء وهنا اعني الخطابات الشعبوية التي يراد منها كسب المؤيدين والمريدين أو بث رسائل سلبية عن المجلس.على الأعضاء أن يؤمنوا ان البلاد وإدارة الدولة في أيدٍ أمينة وحريصة عليها لربما اكثر منهم وهنا دور الأعضاء أن يساعدوا المخلصين في تدبير أمور البلاد..دون ضجيج أو فوضى.
الخلاصة الدائمة أن العمل لمصلحة الناس والبلاد لايتم بالضجيج والصراخ وافتعال حالة من العداء مع القائمين على الشورى أو تصوير الأمور باختلاق حالة عداء مع الحكومة.. ذلك يقوم به من يفتقرون إلى الهدوء والحكمة فقط.
حتى الآن لازالت لمجلس الشورى مساحته الحضورية عند الرأي العام..تكرس الدولة كل أدواتها ومنها الإعلامية حكومية أو خاصة للشورى..رغبة منها في إظهار هذه التجربة البرلمانية كقوة مساندة للحكومة في تنمية البلاد وتطورها.. وفق الإطار المرسوم للشورى ..لكنها كذلك قد تحجم من دوره إن أرادت فهي قادرة بأبسط الأدوات على خنقه معنويا بأدوات متعددة كتقليص المساحة والحضور الإعلامي للأعضاء..حينها ستكون خسارة فادحة..لكنني اعتقد أن ذلك غير وارد فالدولة أعقل واحكم من أن تتحرك بردات فعل على هذا الهرج والمرج الذي يدور بعضه في الشورى.الخلاصة التي أقولها لمن يقوم بالهرج والمرج في هذا الكيان الشامخ ..حافظوا على الحكمة والهدوء..لاتهدموا المعبد.